سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السعوديات... غالباً ما يشعرن بالدونية ويفتقدن الثقة أمام الرجل! كتاب يرسم صورتها الضعيفة في مجال العمل المختلط ويؤكد أنها دائماً مُستضعفة يتآمر الذكور الأقل منها عليها
قرأتُ كتاباً بعنوان " مُذكرات مُوظفة سعودية" لكاتبة سعودية عملت في مستشفيات متعددة في مدينة جدة. والكتاب تأريخ لعمل كاتبة الكتاب عن عمل المرأة السعودية في القطاع الصحي ، حيث يُعتبر تقريباً هو القطاع الوحيد الذي يوجد فيه اختلاط بين النساء والرجال في العمل ، وهناك تعامل مُباشر بين الجنسين في العمل ، وقد تُصبح المرأة رئيسة للرجل في العمل – وهذا أمرٌ قد لا يكون مقبولاً في المجتمع! – توجّهُه وقد توبّخُه ، وأذكر أن في أحد المستشفيات أصبحت طبيبة رئيسة لأحد الأقسام الطبية ، فما كان من بعض الأطباء الذين يرفضون مثل هذا الأمر إلا أن أصبحوا يُعلّقون على كل طبيب في ذلك القسم وينادونه باسمه الأول ملُحقاً باسم رئيسة القسم ، وكان الأطباء الذين يعملون في ذلك القسم الذي أصبحت رئيسته طبيبة يشعرون بالإحراج وغير راضين عن ذلك !. الاختلاط في القطاع الصحي في بلادنا ، يلقى معارضةً من بعض الأشخاص ، ولكن صعوبة تفادي الاختلاط في القطاع الصحي أمر غاية في الصعوبة نظراً لأن هناك نقصا في الكوادر الطبية المتخصصة وكذلك التشديد على عدم الخلوة التي هي المحرمة وليس الاختلاط بحد ذاته. المرأة في القطاع الصحي قد تكون مظلومة ، فإن وجدت رئيسة لقسم أو مديرة لإدارةٍ ما ، فغالباً ما يكون ذلك قليلاً ومحل استنكار من الكثيرين الذين يعملون في القطاع الصحي ، وحتى الآن لا توجد امرأة في منصب مدير مستشفى مثلاً حتى مستشفيات أمراض النساء والولادة يُديرها رجال!. أكبر منصب تصل له طبيبة أو امرأة في القطاع الصحي هو أن تكون رئيسة قسم أو مديرة للأقسام النسائية في مستشفى ، بحيث يجعلون المرأة هي من ترأس النساء ، ويُبعدونها كذلك عن أن ترأس الرجال ، فلا يزال هذا الأمر غير مقبول عند الكثير من الرجال ، ويجدون صعوبةً في أن ترأسهم – أي الرجال – امرأة حتى لو كانت أكثر الموظفين كفاءةً وأعلاهم شهادةً ، لكن التمييز الجنسي لا يزال هو المسيطر على العقلية الذكورية في معظم الإدارات الحكومية بما فيها القطاع الصحي في جميع الوزارات والإدارات الحكومية. كتاب "مذكرات موظفة سعودية" ، يُعطي صورة للمجتمع النسائي في العمل الحكومي ، وعلى وجه الخصوص في القطاع الصحي. تتحدث مؤلفة الكتاب عن المعاملة التي تلقاها المرأة في العمل من رئيسها الرجل أو حتى زميلها الرجل ، على مستويات متفاوتة. صورة المجتمع النسائي في العمل الذي يعيش بعيداً بعض الشيء عن الاختلاط ، وفيه الخمول والإفطار الجماعي بين الموظفات وقراءة الفنجان والنميمة التي تسود المجتمع النسائي العملي في معظم القطاعات التي تعمل فيها المرأة ؛ فالفطور الجماعي وأحياناً شرب الشاي وأكل الكراث!. ما لفت انتباهي في الكتاب هو الصورة الضعيفة للمرأة في مجال العمل المختلط ، فهي دائماً مُستضعفة ، الرجل يتآمر عليها حتى ولو كان أقل منها مرتبةً أو وظيفةً. هذا الكتاب يعطي صورة عن ضعف المرأة وقلة ثقتها في نفسها عندما تكون في مجتمع مُختلط. المرأة السعودية – كما رسمها الكتاب – وكما هي صورتها في معظم عقول السعوديين ، هي إنسانة ضعيفة ، لا تثق في قدراتها ، ليس لها شخصية ، تشعر بالدونية أمام الرجل ، خاصةً في العمل ، حتى ولو كانت أعلى منه شهادةً أو أرقى منه مرتبةً. هل هذه الصورة فعلاً هي الحقيقة للمرأة السعودية في مجال العمل المُختلط؟ هل هذه هي صورة المرأة السعودية بوجهٍ عام في المجتمع؟ الكتاب فعلاً يقول هذا الأمر ؛ إن المرأة السعودية في المجتمع المختلط قليلة الثقة بنفسها، ليس لها شخصية أمام الرجل مهما ارتفع مستواها التعليمي ومرتبتها المهنية ، فلماذا المرأة السعودية قليلة الثقة بنفسها ؛ لا تثق بنفسها كثيراً عندما تقف أمام الرجل؟ الإجابة ليست مُباشرة وسهلة. ولا يمكن عزل المرأة في العمل المختلط عن مجتمعها الذي جاءت منه. المرأة في أسرتها وعائلتها هي الانعكاس الحقيقي لها عندما تكون أمام الرجل ، سواء كانت في عمل مختلط أو عمل غير مختلط. هناك أسر وعائلات تُرضع الطفلة مع حليب والدتها الخوف من الرجل وأن الرجل مهما كان هو أعلى قدراً من المرأة حتى لو كانت المرأة أعلى شهادة وأرقى منصباً. هذا الأمر الذي تغرسه العائلة والأسرة في الفتاة منذ نعومة اظفارها حتى وصولها إلى مكان العمل بعد أن تكون قد حصلت على شهادة جامعية أو حتى شهادات علُيا مثل الماجستير والدكتوراه. المرأة السعودية تحمل إرثا مُختلطاً ومُشوشاً. ليست هناك خلفية سلوكية متجانسة بين النساء وعلاقتهن بالرجال في مناطق المملكة المختلفة. هناك فروقات قد تكون كبيرة وشاسعة بين النساء وعلاقتهن بالرجال والتعامل مع الرجل بين منطقةٍ وأخرى. هناك مناطق كانت العلاقة بين المرأة والرجل شبه مقطوعة تماماً ، وهناك مناطق كان التعامل بين الرجل والمرأة مباشرا ودون قيود ويعمل الرجل والمرأة في نفس مكان العمل وفي نفس الظروف ولم يكن هناك أي تفرقة في التعامل بين الجنسين. بعد أن تمدّن المجتمع بشكلٍ كبير ( طبعاً لم يتحضّر ، لأن الحضارة غير المدنية!) ، وأصبحنا نسكن المدن ، تخلّف وضع المرأة بشكلٍ واضح ، وأصحبت المرأة أقل شأناً ، حتى أن تعليمها كان شبه مُحرم ، وتم مقابلة بداية تعليم المرأة في المملكة بالقوة ، ولكن موقف الملك فيصل تغمده الله بواسع رحمته ، قوياً من المعارضين و كان رده حاسماً بأنه لن يُجبر أحد على إرسال ابنته إلى المدرسة وأن الأمر اختياري ، فعارضه بقوة البعض ، ولكن بعد سنوات كان الذين يُعارضون بشدة هم من تحمسوّا لتعليم المرأة وتوظيفها خاصةً في مجال التدريس. الخلفية الاجتماعية مهمة جداً في تحديد هوية المرأة السعودية ، فثمة اختلاف كبير في النظرة للعمل مع الرجل في المجتمع ، خاصةً في مجال الاختلاط فيه هو السائد كالعمل في القطاعات الصحية في مختلف الوزارات والإدارات الحكومية. يجب أن أضع رأيي الشخصي ، وليس بالضرورةِ أن يكون صحيحاً ، ولكن هذا ما كونّته من خلال عملي لحوالي 25 عاماً في القطاع الصحي المختلط ، وإذا أضفت اليه سبع سنوات كان الاختلاط فيها شبه موجود ، وهي فترة دراستي في كلية الطب في الرياض ، فهذا يعني أني أمضيت أكثر من 30 عاماً في مجتمع مختلط بحدود وغير مطلق في المملكة . بوجه عام ، هناك الكثير من السيدات السعوديات لديهن شخصية قوية واعتزاز وثقة في أنفسهن ، وغالباً ما يكون ذلك من تأثير تربية الأسرة لهن وتعليمهن أن المرأة لا تقل عن الرجل في أي شيء سوى الأمور الفسيولوجية والتي تُعطي تميّزا لكل جنس وليس علواً بسبب الجنس فقط. لكن للأسف مثل هؤلاء النسوة قلةً إذا ما قارناهن ببقية النساء في المملكة. المجمل العام للنساء في بلادنا هو الشخصية التي فعلاً تشعر بضعفها وقلة حيلتها ودونيتها أيضاً أمام الرجل. لا أريد التعميم ، حتى لا ندخل في الخطأ كما يقول أستاذنا الفيلسوف الكبير الدكتور زكي نجيب محمود ، الذي قال " إذا دخل الشخص في التعميم ، دخل في الخطأ". من خلال معُاملتي مع النساء ، في أعمار مختلفة وطبقات متفاوتة ومستويات دراسية مُتباينة ، فإني رأيت أن ليس لهذه الأمور علاقة في ثقة المرأة بنفسها من عدمه. فليس ارتفاع الطبقة لدى المرأة يعني بالقطع بأنها أكثر ثقة بنفسها ، بل يكون ذلك أحياناً هو العكس فيجعلها ضعيفة الشخصية ، تشعر بالدونية تجاه الرجل ، ولا تعرف كيف تتعامل معه بشكلٍ مساوٍ ، حتى ولو كانت أعلى منه طبقياً واجتماعياً. أحياناً سيدات يحملن شهاداتٍ عُليا كالدكتوراه مثلاً ومع ذلك يُعانين من عدم الثقة في النفس ، وتشعر بذلك واضحاً في ارتباكها وعدم قدرتها على التعامل بصورة الشخص الواثق من نفسه مع الرجل. ومن خلال عملي كطبيب ، فقد رأيت الكثير من الأمور ما يؤكد الانطباع الذي تركته كاتبة كتاب " مذكرات موظفة سعودية " ، من أن النساء (غلابا ، و ضعيفات ) ، فغالباً ما تأتي المريضة مع زوجها ، أو والدها ، أو شقيقها أو أي ذكر في عائلتها ، وحتى لو كانت المريضة تحمل شهادة علُيا ، فإن من يتكّلم في أكثر الأوقات ، هو الرجل. فعندما تسأل المرأة عما تشكو منه ، فإن الذي يُجيب هو الرجل ، خاصةً إذا كان زوجاً. المشكلة تحدث عندما يكون الزوج أو الرجل هو السبب وراء مجيء المرأة للعيادة النفسية. المرأة السعودية بوجهٍ عام أراها تفتقد إلى الثقة بنفسها وتشعر فعلاً بالدونية أمام الرجل في كثير من المواقف وتحتاج لدعم المجتمع والمصلحين لرفع معنويات المرأة وإعلاء شأنها بإعطائها الثقة في نفسها ، فدائماً لابد للمرأة من وجود وليّ لها ذكر ، حتى ولو كان حفيدها..!!.