تتمتع مملكتنا بحالة أمنية مطمئنة ومضرب مثل بين دول العالم، وقد رأينا كيف حاول مجموعة من المتمردين الحوثيين زعزعة أمن هذا الوطن، وذلك باعتدائهم على الحد الجنوبي من المملكة، فقد هاجم الحوثيون بشكل مفاجئ مركزاً لحرس الحدود السعودي ما أسفر عن إصابة خمسة من الحرس، ودخلت مجموعة أخرى من المسلحين قرية "القرن" على بعد خمسة كيلو مترات فقط من تمركز الجيش السعودي بالمنطقة الحدودية مع اليمن. وكان دخول المسلحين إلى الأراضي السعودية والاعتداء على دوريات حرس الحدود وقتل وجرح عدد منهم والتواجد على أرض سعودية هو انتهاك سيادي يعطي للمملكة كامل الحق باتخاذ الإجراءات كافة لإنهاء هذا التواجد غير المشروع. وقد استمرت العمليات العسكرية لعدة شهور حتى تم اكتمال تطهير المواقع كافة داخل الأراضي السعودية من أي عنصر معاد مع اتخاذ التدابير اللازمة للحد من تكرار ذلك مستقبلاً. ولحفظ الأمن واستقراره للمواطنين قامت الجهات المختصة فور بدء عمليات التسلل، بمباشرة إخلاء القرى الحدودية المجاورة لموقع الحدث إلى مناطق آمنة وذلك حفاظا على سلامة المواطنين والمقيمين، كما باشرت القوات المسلحة السعودية بدعم حرس الحدود ببعض الوحدات من القوات المسلحة وتنفيذ ضربات جوية مركزة على تواجد المتسللين في جبل دخان والدود الجابري والخوبة والأهداف الأخرى ضمن نطاق العمليات داخل الأراضي السعودية وإسكات مصادر إطلاق النار من قبل المتسللين وإحكام السيطرة على مواقع أخرى حاول المتسللون التواجد فيها. وقال خبراء إن مسألة طول هذه الحرب تأتي في ظل حرب العصابات التي لجأ لها الحوثيون وكذلك الطبيعة الصعبة والجبلية التي تساعد على استمرار حرب استنزاف طويلة، حيث لا يوجد عدو واضح المعالم أمام القوات السعودية التي أكدت إدراكها لذلك ضمناً. وكان مساعد وزير الدفاع والطيران الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز في قائمة الصفوف الأمامية لمواجهة هذه الحرب وأكد في أكثر من تصريح له قائلا: إن متمردي اليمن المتسللين الحوثيين تلقوا «تدريبات جيدة» في دولتين. وقال في لقاء بثته القناة التلفزيونية السعودية الأولى: "نعلم أنهم تلقّوا تدريبات من دول أخرى، وبالتحديد من دولتين". وقفة القائد منحت الثقة ل «البواسل» طوال خطة «النفس الطويل» وشرح مساعد وزير الدفاع والطيران بداية العمليات العسكرية، مشيراً إلى أن الشفافية التي أبداها خلال الأحداث في الجنوب مستمدة من «قادتنا والقائد الأعلى للقوات المسلحة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز»، موضحاً أن التصدي للمتسللين بدأ بعد تلقّي الأمر بذلك من خادم الحرمين بنحو ساعتين ونصف الساعة. وبعد أن امتدح أداء جميع فروع القوات المسلحة المشاركة في التصدي للمتسللين قال: «بعد ثلاثة أسابيع (من الضربات العنيفة) استعدنا معظم المناطق»، وزاد: «القنّاصة كما هو معروف وجودهم في أعلى القمة (قمم الجبال) أو خلال فترة الليل مستخدمين المناظير الليلية». وأشار إلى أن القوات المسلحة السعودية غيّرت تكتيكها في التعامل مع القنّاصة، «وأصبحت تتعامل من قناصة إلى قناصة، ثم بدأنا نعمل من خلف العدو وبضربات موجعة»، في إشارة إلى تحييد سلاح القناصة لدى المتسللين. ولفت الأمير خالد إلى أن القوات المسلحة لديها الدراية الكافية في تضاريس المنطقة، كما أن لديها معرفة مسبقة بكيفية التعامل معها، وقال: «لكن بعد تواجد المسلحين في قمم الجبال الثلاثة (دخان، الدود، رميح) وبعد دراسة الوضع في الميدان، وجدت أن هناك أربعة لا بد من أن نستولي عليها بأسرع وقت ومهما كلفنا من أرواح، لأنها قمم مُشْرِفة تستطيع (إن سيطرت عليها) أن تقطع مواصلات العدو وإمداداته»، وأضاف: «في الوقت نفسه، بعض من هذه القمم إذا ما استمر وجود المسلحين فيها لأشرفوا على بعض الأماكن السعودية إشرافا كاملاً». الملك عبدالله مع بعض أفراد القوات البرية على الحدود مع اليمن وأوضح الأمير خالد بن سلطان أن المملكة عوضت الأسلحة والذخائر التي استهلكتها في صد المعتدين. وقال: «في أي حرب لا بد من تعزيز الأسلحة والمدخرات ، وفي حال بدء استخدام الذخيرة والقنابل والصواريخ، يجب في الوقت نفسه أن يبدأ عمل التعويض، وهذا ما تم عمله». وزاد: «منذ بدء أول طلقة، بدأنا في عملية التعويض، لأن بداية الحرب ربما تكون سهلة، ولكن كيفية إيقافها هي من أصعب الأمور». وأشار إلى أن آراء معظم المحللين العسكرية ذهبوا إلى أن الحرب طويلة وأنها ستمتد إلى أكثر من سنة، «لكن بقدرة وكفاءة القوات المسلحة وطريقة التعامل مع الحدث والإسناد القوي الذي جاءنا من خادم الحرمين وولي العهد بالتوجيهات الواضحة والصلاحيات غير المحددة تمكنا من أداء المهمة في وقتها». وأكد الأمير خالد بن سلطان أن المملكة «دولة سلام وتحب السلام»، وقال: «على الباغين أن يفكروا عشر مرات قبل أن يبدؤوا بعمل مثل هذا (التسلل) لأننا الآن مستعدون، وأي عمل سيكون مقابله أقوى وأعنف مما كان في الحرب السابقة». وقفة ملك كما وقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمام جنوده البواسل في الجبهة الأمامية على الحدود مع اليمن لكي يمنح من خلال خطابه الفكري والعسكري الذي قال فيه: « لقد تجاوزتم في غيكم، فركبتم صعباً، وإننا -بعون الله-، قادرون على حماية وطننا وشعبنا من كل عابث أو مفسد أو إرهابي أجير». رؤية جديدة للأحداث التي تجري على الحدود مع اليمن، هو يريد أن يقول « لسنا ممن يخشون الجهر بالحق وإحقاقه، ولسنا ممن لا يرعى الله في حماية دينه ووطنه»، بمعنى فكري أن الحق هو من ينتصر في النهاية، وبالمعنى العسكري أننا يا مرتزقة ويا متسللون ومن يقف وراءكم لسنا أبداً عاجزين عن حماية ديننا ووطننا ضد كل معتدٍ. وتعتبر هذه الوقفة الشجاعة والمسؤولة من القائد الأعلى لكافة القوات المسلحة كشف عن «خسة الإرهاب» حين اجتمع فيه الفساد في الأرض وكونه أجيراً لدولة أو حزب أو تنظيم ما، فالملك عبدالله في خطابه لم يقل «عميلاً أجيراً» مثلاً، وإنما إرهابياً أجيراً، وهنا تكمن الخطورة التي رغب الملك أن يعيها كل مواطن وجندي مرابط على الحدود الجنوبية.. والملك عبدالله في حديثه عن «الإرهابي الأجير» بعث عدة رسائل غير مباشرة إلى من استأجر عناصر لتخرج على دولتها وتنفذ مخططاته، وإلى من ارتضى أن يكون أجيراً لهذه القوى لينفذ ما يطلب منه دون تفكير أو تقدير لمصالح عليا.. وكان يرمي بهذا المصطلح الجديد ليكشف «الورق على الطاولة»، ويرسل إشارة مكاشفة ووضوح وهو أن المستأجر لم يحقق أهدافه، والنصر والتمكين -بإذن الله- للوطن وجنوده. الملك في لقطة جماعية مع قادة الوحدات العسكرية نبراس للجميع يحدثنا اللواء حسين معلوي قائد القوات المسلحة بجازان فيقول: لقد كان لزيارة خادم الحرمين الشريفين لمنسوبي القوات المسلحة أثناء حرب الجنوب الأثر البالغ في نفوسهم وذلك لأن هذه الزيارة كانت دفعا معنويا كبيرا لهم، بما اتسمت به من توجيهات سديدة وتوجيهات أبويه حانية، حيث شدد رعاه الله على أهمية وضرورة الاهتمام بأبناء القوات المسلحة بالميدان وبذل كل الجهود والإجراءات التي تجنبهم الأخطار وتقلل من الخسائر في الأرواح. وأضاف اللواء معلوي: إن كلماته أثناء خطبته الشهيرة في هذه المناسبة كانت نبراسا لنا جميعا نقتدي ونهتدي بها، وكان لها مدلولات كبيرة ومعاني واضحة تؤكد للأعداء مدى صلابة وقوة ومتانة موقف خادم الحرمين الشريفين ضد العدوان الذي انعكس إيجابيا على أبناء الشعب السعودي وقطاعات القوات المسلحة في مجملها. وأشار إلى أننا وجدنا في الميدان الكثير من الإرهابيين المأجورين الذين ينتمون إلى جنسيات مختلفة دفع بهم أعداء بلدنا إلى داخل حدودنا ظنا منهم بأن الأمر سهل وهين عليهم، مقابل مبالغ مالية أو وعود زائفة، فمن هذا المنطلق كانوا أجراء ليس لهم قضية وليس لهم مبدأ ولا يراعون حرمة دم المسلم وبالتالي فهم عملاء مأجورين ومدفوع لهم. مثال يحتذى ويقول اللواء د. محمد بن فيصل أبو ساق رئيس لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى: شهدت بلادنا في عهد الملك عبدالله محطات كبرى كان من أبرزها إخماد فتنة المتمردين الحوثيين وتسللهم عبر حدودنا الجنوبية. فقد كانت زيارة الملك عبدالله للجنود المرابطين على الحدود الجنوبية مثالا رائعا لما تحمله شخصيته من صفات لكاريزما الزعيم العظيم. فالملك عبدالله بخطابه في الحد الجنوبي قد خط رسالة قوية حدد فيها رؤيته السامية للحفاظ على كل شبر من ارض المملكة، وكان في تلك الأزمة قد ضرب مثالا يحتذى في قيادته ونهجه وهو في مقدمة الصفوف مثبتا بالقول والفعل انه داعية للسلام ومحبا للخير لما له من حنكة وحكمة حتى في أشد الظروف. وأضاف: لقد وضع الملك عبدالله جنوده في مقدمة اهتماماته الشخصية فتابعهم في سير عملياتهم الحربية والأمنية، وحظي -حفظه الله- بصادق الوفاء والولاء، حيث غرس في أرواح رجال القوات المسلحة مزيدا من الثقة وحب التضحية والفداء للوطن والمقدسات، وكان ولا زال يحتل مكانة خاصة في وعي الجميع حيث تمكن بنهجه الإصلاحي من كسب القلوب والعقول عبر المحبة والاحترام والثقة التي استحقها يحفظه الله بكل جدارة. علم المملكة يرتفع على إحدى القمم بعد تحريرها من عصابة المتسللين تحديات أمنية وأشار اللواء محمد إلى ان خطوات بناء وتطوير وتعزيز قدرات القطاعات العسكرية والأمنية شأن مشهود وعرض لقوة هذه البلاد وعزتها وتشييد حصونها المنيعة بفكر وزعامة الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي يرسم سياسة دفاعية وأمنية تليق بهذا العصر وتثبت نجاحها على نهج أكثر واقعية وأبلغ نتائج. وفي ظل تحديات أمنية وسياسية تعصف بالعالم فقد تمكن الملك عبدالله بن عبدالعزيز بحكمته وزعامته الفذة من قيادة البلاد واضعا نفسه في أقصى المقدمة ليقف بالمملكة في موقف الريادة أمنيا وسياسيا وحضاريا. وإن دعواته ومنجزاته في مجال السلام ومجالات الحوار الإقليمي والعالمي تبرهن على رؤى سعودية سامية تنطلق من فكر وقناعات زعيم عالمي محب للخير وللسلام. مختصون ل «الرياض»: «خسة الإرهاب» حين اجتمع فيه الفساد وكونه أجيراً لدولة أو حزب أو تنظيم وختم بقوله: ها هي المملكة حين نقارن واقعها اليوم مع معطيات العالم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية تجعلنا نزداد فخرا يوما بعد يوم بأن بلادنا تتبوأ مكانة رفيعة يدركها المنصفون وتزخر بها تقارير الخبراء العالميين. وقد مكن الله سبحانه وتعالى لزعيم هذه البلاد وربانها الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن يضع سفينتها في مسارات آمنة وسط محيطات من التحديات والعواصف العالمية والإقليمية التي تجتاح أعظم الدول وأقواها اقتصاديا وعسكريا. سلوك مدمر ويقول أ.د. محمد بن سعود البشر أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: لقد سمعنا عن مصطلح الإرهاب كثيراً، ولكن صفة «الإرهاب الأجير» التي وردت في كلمة المليك في خطابه لقوات الوطن المرابطة على الحدود الجنوبية هي صفة تحمل دلالات كثيرة. فأولها أن «الإرهاب» نفسه سلوك مدمر للإنسان والحياة، ومناقض للفطرة السوية، ويزيد هذا السلوك دناءة إذا وصف بأنه «أجير»، فيكون قد بلغ صاحبه المرتبة العليا في الدناءة الحسية والمعنوية؛ حسية لأنه سلوك يؤدي إلى القتل والدمار للإنسان والحياة، ومعنوية لأن دوافع هذا السلوك احتضنتها نفس مستأجرة لغيرها، وتُنفذ عنها بالنيابة. وأضاف: أما دلالات «الإرهاب الأجير» في واقعه الذي تنزل عليه، فيعني الملك به أن الفئة الباغية التي تسللت الحدود، وروّعت الآمنين، وقتلت المدنيين، هي فئة مستأجرة من قوى إقليمية، ترمي إستراتيجيتها إلى إيجاد جيوب لها في المنطقة، وتهدد أمن هذه المنطقة من جهة، وتحقق أهداف تلك القوى من جهة أخرى. وهذا تعبير فيه من الحكمة ما يفهمه أولو الألباب، وفي إشارة الملك ما يُغني عن التصريح. جندي يلمح النصر بالتوكل على الله والثقة في قيادته جنود الوطن انتصروا على زمرة الفساد جندي على مدرعته في لحظة تأهب على الجبهة الأمامية جانب من مواجهات الجيش السعودي مع الحوثيين استعداد ويقظة للتصدي للإرهابيين المأجورين