يكاد يجمع النقاد والراصدون لكرة القدم السعودية أن أهم حارسي مرمى مرّ على تاريخها هما أحمد عيد النجم الذي ذاد عن مرمى النادي الأهلي والمنتخب السعودي ما بين عقدي الستينيات والسبعينيات، ومحمد الدعيع أسطورة الحراسة السعودية والآسيوية على الإطلاق والذي بدأ تألقه منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي واستمر حتى اليوم حيث يذود عن عرين ناديه الهلال رغم اعتزاله اللعب دوليا. ويبدو أن حارس الشباب والمنتخب السعودي حاليا وليد عبدالله جاء للساحة الرياضية ليسجل نفسه كثالث أهم الحراس في سجلات كرة القدم السعودية، إذ برز بشكل لافت جعله يتصدر مشهد الحراس السعوديين ليفوز بحماية مرمى فريق ومنتخب بلاده دون منازع، ولعل من حسن الصدف أن النقاد باتوا يرون فيه خليفة للدعيع، في حين يراه مشجعو الكرة السعودية القدامى شبيها لعيد. ووليد عبدالله (24 عاما) يحمل من الثقة ما يجعل المراقبين يظنون انه مثقل بالخبرة رغم أنه لم يفز بحراسة المنتخب السعودي أساسيا إلا في التصفيات الأخيرة المؤهلة لكأس العالم حيث مثل (الأخضر) فيها كما مثله في كأس الخليج التاسعة عشرة التي أقيمت العام الماضي في مسقط بعد ان كان الحارس الثالث في بطولة اسيا التي جرت في صيف 2007، وتلك الثقة هي التي جعلته يفوز بثقة مدربي الحراس الذين تعاملوا معه ما جعله يزيح حراسا يفوقونه تجربة إن على مستوى ناديه كزميليه السابقين محمد خوجه وسعيد الحربي، او على مستوى المنتخب حيث أزاح حراسا بخبرة مبروك زايد وتيسير آل نتيف بالإضافة الى ياسر المسيليم الذي تألق مع المنتخب في كأس آسيا الأخيرة. ويدين وليد المعروف بحسه الفكاهي وروحه المرحة في بروزه لمدرب الحراس الجزائري خدير عزيز الذي صقل موهبته وأنبت فيه الثقة وركز فيه العزيمة ليقدمه وهو الذي للتو قد وقف على عتبة العشرين للفريق الأول بناديه ليشارك في كأس الملك للأبطال في موسم 2007-2008 ليسهم في قيادة فريقه للفوز باللقب. وكان بروزه سببا في إغلاق كل المنافذ على طابور الحراس في فريقه الذين تسرب له الإحباط من إمكانية إزاحته عن خط المرمى ما جعل إدارة تبادر لإعارتهم على التوالي حيث رحل سعيد الحربي للحزم وحسين شيعان للاتفاق قبل ان يعود مجددا للفريق ليذهب بدلا عنه محمد خوجه. ويتميز وليد عبدالله بقوام مثالي لحارس المرمى فهو ذو طول فارع وجسم مرن، فضلا عما يتميز به من يقظة وسرعة بديهة واضحتين، وهو ما جعل عميد لاعبي العالم حارس القرن في القارة الصفراء محمد الدعيع يقول عنه : « وليد حارس يملك إمكانات كبيرة، بدنية وذهنية وفنية تجعله مميزا على جميع الحراس، ولذلك فأنا أراه مستقبل الحراسة السعودية، وهو قادر على تنصيب نفسه الحارس الأول في القارة الآسيوية متى آمن أنه يستطيع ذلك». ولولا ما يتمتع به وليد من عزيمة فولاذية لكان اليوم في عداد اللاعبين المعتزلين، خصوصا بعد ان مر بظروف قاهرة تمثلت في فقدانه لمولدتين في فترة متعاقبة، حيث اختطفهما الموت وهما لم يكادا يريا نور الحياة ما أثر على مستواه، ما دفع البعض للمطالبة بتنحيته عن المرمى. يقول وليد عن هذه الفترة: «في تلك الفترة كانت فكرة الاعتزال تحلق في مخيلتي، لاسيما بعد ان شعرت أن البعض يتعامل معي كآلة صماء بلا أحاسيس او مشاعر في وقت كنت ألازم ابنتي غرفة العناية الفائقة؛ لكنني تعودت ألا استسلم ولهذا عدت بمستوى أفضل مما كنت عليه، فهزمت اليأس ومعه المطالبين بإبعادي». وعاد وليد بعد تلك المحنة القاسية بمستوى لافت، خصوصا حينما مثل بلاده في (خليجي 19) ليذود عن مرماه ببسالة ما جعله ينهي البطولة دون ان تهتز شباكه إلا في ضربات الترجيح التي تم الاحتكام لها في المباراة النهائية مع منتخب عمان الذي طار باللقب. وكان بين وليد عبدالله والاحتراف في ليون الفرنسي بعد بطولة الخليج بضع خطوات غير ان المفاوضات لم يكتب لها النجاح؛ لكن فشل تلك المفاوضات لم يحبط عزيمته في أن يفوز بعقد احترافي مع احد الأندية الأوربية، إذ يشكل الاحتراف في أوربا أحد أمانيه؛ خصوصا وهو يجد في حارس بولتون الانجليزي علي الحبسي مثلا له.