على جدول أعمال القمة الفرنسية الإفريقية الخامسة والعشرين التي تعقد اليوم الاثنين وغدا في مدينة مرسيليا مواضيع كثيرة منها مكانة إفريقيا في إدارة العولمة، وحضورها المستقبلي في مجلس الأمن الدولي، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية، وطرائق تطويق الخلافات بين البلدان الإفريقية بالطرائق السلمية. من هذه المواضيع المطروحة بشكل رسمي أمام ممثلي البلدان المشاركة في القمة التي تجاوز عددها الخمسين تلك التي تتعلق بالتصدي للإرهاب والقرصنة والاتجار بالمخدرات والهجرة غير الشرعية والتغير المناخي. وبالرغم من أن فرنسا ومصر اللتين تترأسان هذه القمة قد سمحتا بإقامة تظاهرة موازية لها يشارك فيها رجال الأعمال والمال وممثلو منظمات المجتمع المدني، فإنه لا ينظر أن تخرج القمة بنتائج عملية في ما يخص كثيرا من الملفات الحيوية التي لديها علاقة بالعلاقات الفرنسية الإفريقية، أو العلاقات القائمة بين البلدان الإفريقية، ومن أهمها ملف المساعدات المقدمة للبلدان الفقيرة في القارة السمراء. فقد لوحظ تراجع هذه المساعدات الفرنسية والأوروبية عموما في القارة الإفريقية، وكذا الشأن بالنسبة إلى الاستثمارات، خلافا لما هو عليه الأمر بالنسبة إلى استثمارات بلدان غير أوروبية في القارة الإفريقية ومنها الصين الشعبية، واليابان، وكوريا الجنوبية، وكندا، والولايات المتحدةالأمريكية. وقد عملت "الرياض" من مصادر مطلعة على ملفات القمة أن اللقاءات الجانبية فيها ينتظر أن تسمح بتسجيل تقدم على مستوى بعض الملفات الساخنة منها أساسا تلك التي تتعلق بمستقبل العلاقات الفرنسية الجزائرية، وعلاقات مصر بالبلدان التي تقاسمها مياه حوض النيل، وعلاقات السودان بجيرانها. فمشاركة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في القمة من شأنها تنشيط العلاقات الجزائرية الفرنسية، وهو ما أكده مراد مدلسي وزير الخارجية الجزائري عشية افتتاح القمة، ولا يستبعد حصول لقاء جانبي بين الرئيسين الفرنسي والجزائري للسعي إلى إعادة تنشيط العلاقات السياسية الثنائية التي شهدت برودا منذ أكثر من عام ونصف العام بسبب الخلافات حول التعامل مع الحقبة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، وينتظر أن تسهل مشاركة بوتفليقة في القمة الإعداد إلى زيارة رسمية سيقوم بها بوتفليقة إلى فرنسا كانت قد تأجلت أكثر من مرة بسبب هذا البرود. وكان يفترض أن يشرف الرئيس المصري حسني مبارك على افتتاح القمة في شرم الشيخ في شهر فبراير الماضي، ولكن القمة أجلت إلى اليوم ونقلت إلى مدينة نيس لأن فرنسا لم تكن ترغب في مشاركة الرئيس السوداني عمر البشير فيها؛ بسبب ملاحقته من قبل محكمة الجزاء الدولية بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور السوداني، وإذا كان عثمان علي طه نائب الرئيس السوداني سيقود الوفد السوداني في القمة، فإن منظمة الأممالمتحدة ومفوضية الاتحاد الأوروبي ستسعيان إلى الإشراف على اجتماع على هامش القمة يخصص لمستقبل علاقات السودان بعدد من البلدان المجاورة له التي لاتزال تقوم بينه وبينها خلافات. وأما الرئيس المصري فقد علمت "الرياض" أمس أنه سيخصص جانبا كبيرا من محادثاته الجانبية مع القادة الآخرين المشاركين في القمة لإيجاد مخرج لأزمة حوض النيل الحالية، وقد تفاقمت هذه الأزمة من جديد يوم الرابع عشر من شهر مايو الجاري عندما أقدمت أربعة بلدان من بلدان منبع نهر النيل على التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق ينص على إنشاء مفوضية خاصة بتقاسم نهر النيل على قواعد جديدة، وهو ما ترفضه مصر وتعتبره تعديا على حقوقها التاريخية في حصصها من مياه النهر، والبلدان الموقعة على الاتفاق الجديد هي أثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا.