أنا مين .. وإنت مين ؟! صباح نضّاح فوّاح مختلف .. هذا عطر لا تخطئه الحواس .. من مرّ هذا اليوم من هنا ؟ تتقافز الأطياف في عيوننا ، تومض وتنطفئ .. لكن أرواحا بعينها تسكن وتستوطن . تركض في ضاحية النفْس ومجال النفَس .. تقطع كل الإشارات ، بلا (قسائم) ، ولا مخالفات .! نشعر أن كل شيء حولنا يتنفّس .. فنحلق بأجنحة فراشات ، تأنس بدفء الوهج حد الاحتراق .! ماشي والقمر ماشي تبعت مراسيل يا قلبي المتل فراشة حول القناديل لا بتعرف وهج النار.. ولا بتكفّي المشوار ، وملبّك في الحب ملبّك .. يا قلبي لا تتعب قلبك .! * * * تجمعتْ في دواخلنا رواسب ، تحوّلت مع الأيام إلى كتل ، أبقتنا نراوح زمنًا بين منطقة الراحة (الاعتياد) ، وبين الرغبة في الانعتاق من ربقة الأسْر .! لكن سطوة التوق لا تلبث أن تبسط نفوذها .. تأخذك عنوة إلى بعيد .. في مشوار طويل لا تعرف نهايته .. ومهما كنا غرباء فإن منازلنا الجديدة سرعان ما تألفنا ونألفها .. نحلّ بها .. وننصهر فيها .. حينها نعرف كيف تكون الضحكة أكثر صدقا .. والبسمة أكثر إشراقا .. والدمعة ترياقا .. يغسل جوهرنا ويبقيه صافيا .. يشع ويشف ويأتلف ؟! أليس غريباً أن تستوحش القرب وتأنس بالاغتراب ؟! يجذبك إحساسك ، قبل أن تفتح عينيك ، على كوكب جديد تراه لأول مرّة .. وحينها تتقافز كل صيغ الاستفهام .. وتنحني كل علامات التعجب : أنا مين إللي صحاني من عز النوم .. وصوب عيونك وداني من أول يوم .. أنا مين وإنت مين .. يا نحنا المنسيين ؟! * * * أحيانًا نولد كباراً .. لا بأس .! ذكرتني أمنيات بعبارة ، قلتها (هنا) من سنين : " إذا فاتك أن تضحك في لحظة الميلاد فاولدْ من جديد .. وإذا حجزت لك الأيام موعدا مع الفرح فسابق الفجر إليه .. إن قطار الفرح لا ينتظر أحدًا " .! * * * أحاول رسم صورة أخرى لشهريار (ألف ليلة وليلة) .. تخيلته وقد رقّ قلبه للجمال على يد شهرزاد .! ليه لا ؟! لو وظفنا الجمال ولو بالخيال ، لأصلحنا ما فسد من الحال يا صاحبي .!