أعترف بأني أعيش قصة حب غريبة تسللت إلى عروقي وسلبت لبّي وأخرجتني عن وقاري ، قصة ليست كالقصص وأجمل من كل القصص . لم يعد عشقي وشغفي وهيامي سرا بل أصبح من المسلمات . وكديْدن المحبين إذا التقوا لا يأبهون بمن حولهم ويفقدون الإحساس بالزمان والمكان ، يتلذذون بترديد اسم الحبيب ويختلقون الأعذار لرؤيته والقرب منه وسماع ترانيم صوته حبيبتي .. كيف أخفي تعلقي بك وأنت ترافقيني في كل مكان ، أحملك قريبة من قلبي تسمعين نبضاته أو هو يسمع نبضاتك ، أحتضنك أمام الناس وتغمرني الفرحة حينما يخبرني المتذوقون بأنك جميلة وكريمة الأصل والنسب . وأجمل ساعاتي حين اختلي بك بعيدا عنهم نتبادل لغة مبهمة لا يفهمها غيرنا ، أنثر مجوهراتي بين يديك تختارين منها ما يروق لذوقك الرفيع ، وأدس إليك عطوري الدافئة بين ثنايا الحرير، وتُسلّم أزهاري الرشيقة نفسها لعينك تستنطقين منها خطوط الجمال . أو آتيك بمن يثير بهجتك إذا سئمتِ قطة تلاعبينها أو أرنب تركضين خلفه ؛ أو سلحفاة تتأملينها . امتزجتِ بمشاعري فلم أعد أدري أأنتِ التي تلبين رغباتي أم أنا التي ألبي رغباتك ؟ عبثا أحاول إرضاءك فقولي ماذا يرضيكِ ! عينك شاسعة المسافة تطلقينها في الصحارى والجبال والحقول ؛ تلاحقين الطيور وقفزات الأطفال ورشاقة الخيول ، تتخطين حواجز السرعة والضوء وأنت بين كفيّ . ترافقينني وقت الشروق والغروب والكسوف والخسوف وفي الأفراح والكوارث والخطوب ، أسامر بك النجوم في ليلة صحراوية صافية ، وأتحسس بنظراتك وجه القمر . أيتها الغالية إنها ذكرى التقائنا وبداية عشقنا فماذا أهديكِ ؟ تستحقين أثمن الهدايا من ذوات الطوق الأحمر الأنيق ولا يناسبك أقل منها، حتى وإن ثقُل علي حملك فأنت خفيفة على ساعدي وقلبي . أحبك ؟ نعم أحبك .. وأحب من يحبك ، ومن يلومني في حبك؟ أنت عيني الثالثة وعشقك هو ما يروي ظمئي وتعطشي ، أضمك وأنحني عليك لأحميك وأنفض ذرات الرمل عن وجنتيك ، أبحث لك عن معطف جلدي يدفئك ويحجب عنك ما يضرك ، أخاف عليك من وهج الشمس والمطر والريح والغبار ولمسات الأطفال وعيون الحاسدين التي تتدلى حين يرون بهاءك ورشاقتك وقدرتك ، أحصنّك وأنفث عليك المعوذات إذا اعتلّت صحتك واختفى صوتك وأهرع إلى الطبيب المداويا . فلا تغضبي حين أخاصمك وأهملك وأواريك في الظلام ؛ تعلمين يا حبيبتي أني سأعود إليك أراضيك وأناغمك وأبث إليك أشواقي ، أضعك على خدي وعيني وتستكيني بحنان بصماتي . أنت الجناحان اللذان يسافران بأحلامي ، أنت من يحتوي ألمي وحزني واكتئابي ، أنت من يجعلني أضحي بأناقتي وتألقي لأجلس على الحصير وأتعفر بالتراب ، لاشيء غيرك يجبرني على الانحناء وطأطأة رأسي لأرضيكِ ، لا شيء غيرك يحبس أنفاسي ويوقفني على رؤوس أصابعي كي لا يهتز جفنك ، ولا شيء غيرك يثير غيرة حبيبي ؛ حتى وإن كنت تحتفظين بملامحه في ذاكرتك !