رفعت الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة خطاباً إلى إمارة المنطقة تطلب فيه التوجيه في شأن كيفية التصرف مع عدد من الأحداث في دار الملاحظة الاجتماعية انتهت محكوميتهم ورفض ذووهم استلامهم! وسبب رفع الخطاب ينطلق من أن الشؤون الاجتماعية تلقت تقريراً من دار الملاحظة الاجتماعية يفيد بوجود هذه الحالات من السعوديين الذين تقع أعمارهم دون ال18 سنة، والذين رفضت أسرهم استلامهم بحجة عقوقهم وعدم قدرتهم على التعامل مع انحرافاتهم المتكررة! يأتي هذا الرفض من استلام هؤلاء الأحداث تالياً لرفض سابق واجهته الشؤون الاجتماعية مع نزيلات مؤسسة رعاية الفتيات في مكةالمكرمة! ولم يظهر إلا بعد حادثة الشغب الشهيرة في المؤسسة منذ أشهر، عندما اتضح أن هناك فتيات انتهت محكوميتهن، ورفضت أسرههن استلامهن وتم نقل الفتيات بعد توجيه الإمارة إلى دور الحماية الاجتماعية، ومنح لجان الصلح فرصة التدخل وإصلاح ذات البين! وليس السبب واحداً في الرفضين، فرفض الأبناء الأحداث ينطلق عادة من أن الوالدين، أو أحدهما غير قادر على التعامل مع هذا المنحرف، ولم يعد يرغب في خروجه، أو رؤيته، أو البقاء معه، إما لتكرار مشاكله، وعقوقه قبل أن يدخل إلى الدار، وارتياحه من مغادرته، والقبض عليه، وإما لخوفه المستقبلي مما قد يسببه له عندما يخرج، خصوصاً أن بعض هؤلاء الأحداث، قد تزيده فترة العقوبة عنفاً، وتمرداً، مما قد يرعب أسرته التي تجهل كيفية التعامل معه! ورفض الفتيات من الاستلام رغم أن كثيرا منهن قد أمضت سنوات في المؤسسة دون أن تتمكن من مغادرتها، أو العودة لحياتها الطبيعية واحتواء أسرتها لها في أحضانها، ينطلق من أن هذه الفتاة خرجت عن طور الأسرة وعن تقاليد المجتمع، وقيمه، وارتكبت ما يدفع الأسرة لطردها مدى الحياة، وتجاهل وجودها واعتبارها ميتة، وهي على قيد الحياة، فالفضيحة، والعيب الذي ارتكبته يدفع الأسرة إما مجتمعة، أو أفراداً منها، يؤثرون على باقي الأفراد، دون قدرة أي فرد ايجابي على الوقوف أمام من يرفض حضور فتاة، قد يكون جرمها للمرة الأولى، وقد يكون خطأ لصغر السن، أو تعود أسبابه إلى الأسرة التي ترفض استلامها من خلال إهمال الفتاة، أو عدم القدرة على التعامل مع ظروف سن المراهقة، أو عدم التفاعل مع الأبناء وإهمالهم، وهم هنا شركاء في هذه القضية، وبالتالي من الصعب أن يرفض أب استلام ابنه، أو ابنته، ويبلغ هذه الدور أنه متنازل عنه! في الجانب الآخر يبرر البعض رفض الأبناء بالذات المنحرفين منهم وحرمانهم من العودة إلى أسرهم بأن صلاحيتهم انتهت تماماً، ولم يعودوا قادرين على التأقلم مع المجتمع أو التفاعل معه بايجابية، وأن الأسرة وأفرادها يخافون من ردة فعل هذا الحدث عندما يخرج ، ومن قسوته التي خلفتها مدة قضائه العقوبة، وهناك حالات كثيرة على أرض الواقع لأحداث خرجوا وارتكبوا جرائم مرة أخرى من قتل، وسرقة، وعقوق للوالدين، وعنف تجاه من حولهم دون أن تجد هذه الأسر الحماية الكافية من الشؤون الاجتماعية، أو ممن حولها! والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل يبقى هؤلاء في هذه الدور مدى الحياة دون أسر تحاول معهم القبض على فرصة حياة حقيقية، وسليمة، وطبيعية؟ أم أن لديهم فرصة أخرى من خلال تكاتف عدة جهات تقوم بإعادتهم إلى الحياة مرة أخرى؟ الواقع يقول إنه لابد من أن تقوم الوزارة بإحضار أسر هؤلاء أبناء وبنات، وإقناعهم باستلام ذويهم، وبالذات الوالدين، ومن خلال اخصائيين اجتماعيين واخصائيات، ومشرفين، أو لجان إصلاح ذات البين، وشرح أهمية هذا الاستلام في قدرته على منح شخص أخطأ فرصة للعودة إلى الحياة وممارستها، بعد انقضاء عقوبته، ولكن لابد بعدها، وبعد ماراثون الاقناع، وقبل الاستلام، من تأهيل أفراد هذه الأسرة التأهيل السليم في كيفية التعامل مع هؤلاء الأبناء عند الخروج، وذلك لأن جزءا من جريمتهم تتحمله الأسرة، من خلال عدم قدرتها على التعامل معه، أو ضبطه أو فهمه، قبل دخوله إلى الأحداث، أو احتواء مشاكله قبل تفاقمها! ولكن في حالة رفض الأسر استلام ابنائها على المسؤولين إجبار الأسر على الاستلام والتوقيع خطياً على ذلك، وأخذ تعهد عليها بعدم إيذاء هذا الحدث، أو الفتاة، أو التعرض له، وعدم تركه بعد الاستلام على اعتبار أن المسؤولة للشؤون أنتهت، بل عليها المتابعة المستمرة من خلال الاخصائيين، سواء بالزيارة للأسرة، أو الاستدعاء للأسرة، والحدث، لمتابعة كيفية التعامل معه، ومدى نجاح هذا الاجبار في إعادة الحياة إلى الطرفين لمجراها الطبيعي!! وهذه المتابعة المستمرة قد تمنع الأسرة من العقوبة الجديدة والقاسية للحدث، والتي قد تدفعه مجدداً إلى عالم الجريمة!