يعتبر قطاع الاتصالات في المملكة العربية السعودية من انجح القطاعات وأسرعها نموا، فقد وصل الى تكامل في البنية التحتية ودرجة عالية من الموثوقية شملت كافة أطراف مملكتنا المترامية، اذ لا يخلو شبر من أراضيها الشاسعة إلا وتجد فيه سلكا نحاسيا أو ليفا ضوئيا أو ترددا لاسلكيا، وحتما ان لم تجد أيا من ذلك فإنك ولابد تجده مشمولا في الخطة الإستراتيجية لصندوق الخدمة الشاملة التابع لهيئة الاتصالات لتوفير الخدمة الى ذلك الشبر. حقيقة يجب أن ندركها أن هذه البنية التحتية الرائعة لم تكن لتحصل لولا أمران استراتيجيان تم اقرارهما سابقا، الأول: اسناد تقديم خدمات الاتصالات الى القطاع الخاص ونقلها من وزارة الاتصالات، والأمر الثاني: إنشاء جهة حكومية جديدة متمثلة في هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، تنشر خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات المتطورة في مختلف أرجاء المملكة وتوفر بيئة تنظيمية عادلة مبنية على الوضوح والشفافية لتحفيز المنافسة، وحماية الصالح العام، وحقوق جميع الأطراف. ان نموذج قطاع الاتصالات يعتبر مثاليا ونموذجا جديرا أن يحتذى به في وزارات أخرى، وذلك من خلال اسناد الخدمات الى القطاع الخاص وإنشاء هيئة لكل وزارة تتولى الاشراف على ذلك، إذ تتميز الهيئة عن الوزارة بعدة أمور، أولها أنها حديثة الأنظمة وفقا لأفضل الإجراءات والممارسات العالمية وهو ما يساعدها على التغلب على البيروقراطية التي تجري في عروق بعض الوزارات مجرى الدم، وثانيها أن كادرها الوظيفي وسلم الرواتب فيها يتماشى ويتوافق مع حجم استثماراتها ومشاريعها، فعلى سبيل المثال يقارب راتب المدير العام في الهيئة راتب الوزير، علما بأنه على المستوى الوظيفي الثالث في الهيئة، إذ يعلوه رتبة وراتباً نواب المحافظ، ولذا فإن الميزة الثالثة في الهيئة والتي كانت بسبب رواتبها هي قدرتها على أن تستقطب أفضل الموظفين الموجودين في القطاع الخاص أو العام أو في غيرهما وهو ما جعل الهيئة تأخذ الدور في ذلك وتنجح فيه. رغم أن دور وزارة التصالات وتقنية المعلومات ما زال هاما من خلال وضع خطط ومبادرات وطنية وتشريعات للقطاع، إلا أن المتابع لقطاع الاتصالات يرى أن دور المحافظ أصبح كبيرا ومهما، فهو الذي في معمعة شركات القطاع الخاص، وحروبهم التنافسية، ومرجع لشكاوى عملائهم، وهو الأمر الذي يتطلب أهمية اعطاء المحافظ قوة ادارية على اعتبار أن كل هيئة سوف تأخذ دورا رياديا في عجلة التنمية. إن اسناد تقديم الخدمات الى القطاع الخاص، وإنشاء هيئة حكومية للاشراف على ذلك، واقتصار دور الوزارات الخدمية على التشريع والمراقبة هو توجه استراتيجي وضمان لتقديم الخدمة على وجه متكامل، وهو قبل كل ذلك نموذج ناجح يحكي عن نفسه ويشاهده الجميع من خلال وزارة وهيئة وقطاع خاص، فالوزارة هي وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة هي هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات والقطاع الخاص ممثلا في مئات الشركات التي تقدم خدماتها في أرجاء بلادنا العزيزة.