لا تستغرب حينما تعود لأكثر من ستين عاماً, فجأة بدون سابق إنذار تغرق في بحر الإبداع من ثلة من الشبان على شاطئ الدفنة في الدوحة, ذالك الاوبريت الذي قدم في افتتاح المهرجان البحري(اللؤلؤة.. بين الدشة والقفال), هو ليس أوبريتاً كالعادة أو كما يعرفه الخليجيون بحكم تغيير المسمى بمجموعة من القطع الغنائية والتي أصبحت تعرف باوبريت خرقاً لمسميات ومصطلحات الفن. الفكرة أن تقيم مسرحا مفتوحا على الهواء الطلق وتستخدم أدوات الطبيعة لتقيم عليها اوبريتاً يداعب التاريخ وينقله للحاضر بأهازيج وأغان شعبية تراثية تحكي لنا قصة رحلة الصيد والغوص وهدير الأمواج المتلاطمة والتلاقي في جزئيات مع البادية, رحلة كانتً لوحة فنية رائعة لحالة الدشة والقفال في رحلة الغوص بحثاً عن اللؤلؤ والمعيشة الكريمة للأجداد تمثلت في ذلك الاوبريت المميز, لم أكن من ضمن الحضور فقط بل كنت معهم في حالة الإبهار وذكريات الأجيال السابقة في قصة درامية أبطالها كوادر مميزة كفهد وعيسى الكبيسي وصلاح الملا وناصر عبد الرضاء ومجموعة آخرين, هل تعرفنا على نوعية الفنانين منهم غنائيون ومنهم ممثلون, وإذا اجتمعوا لا بد وان يكون هناك تميز سيجمعهم في نقطة التقاء تنقلهم للإبداع. الحفاظ على الموروث هو الأهم والأسلم لبناء مستقبل متميز, هو ما تنتهجه دولة قطر بتوجيه وزارة الثقافة, من "سوق واقف" الى ترسيخ الألعاب الشعبية وتمريرها للأطفال وإقامة المهرجات الشعبية المستمرة, المستقبل لا يضيء إلا بالعودة للماضي لتقيم عليه حاضراً صلباً. (اللؤلؤة.. بين الدشة والقفال)تميز لم يكن بالحسبان ويعيد المصطلحات والمسميات الفنية لأصلها, حدوثه نتذكرها تحكي تاريخنا على البحر واللؤلؤ والمرجان في ساحل الخليج, لم تكن للقطريين فحسب بل لعموم الخليجيين فالماضي متقارب والحاضر متشابه. هو الشعور بجزء من حدث لم تره إلا (اللؤلؤة.. بين الدشة والقفال) مخزون بذاكرتنا منذ زمن بعيد وجاء من نبشه لنا بغنوة و لحن فجعلنا في صميم نشعر لألمه وتفرح لسعادته وننتشي بأهازيجه حتى ترنمنا معها, نعم شعرنا اننا نريد البكاء في قمة احساسنا بالفرح, هو ما حدث معنا, بالفعل شعور الفخر الممزوج بقيمة الجهد المبذول, ما كنت اتمناه ان ينتقل ذلك الأوبرت لدول الخليج قبل ان يرحل لخارجها فنحن اولى بمشاهدته قبل الاخرين, لاعادة تاريخنا بعيون حاضره نبني مستقبلا جميلا.