الحديث الورقي عن (ديربي العاصمة) لا يعدو –في نظري- سوى ضرب من العبث، وتنظير لا علاقة له بالواقع، ولن أقول بأنه إسفاف وابتذال حتى لا أتهم بالتجني. أجزم بذلك لأنني أرقى في رؤيتي البانورامية لهذا الديربي إلى أبعد من نظرات الكثيرين، لاسيما أولئك المصابون بقصر نظر نقدي يجعل رؤيتهم لهذه القمة الشامخة لا تتجاوز أرنبات أنوفهم، خصوصاً حينما يختزلون قيمة هذا اللقاء الكروي الممسرح في زوايا تعصبهم المعتمة، والتي تجعلهم غير قادرين على الاستمتاع بما أنتجه ولا زال ينتجه هذا (الديربي) المستنسخ من (الديربيات) العالمية. (ديربي) الرياض فيه من الفرادة بحيث لا يمكن لكائن من كان حتى ممن استحوذ على أدوات النقد التحليلي كافة أن يقدم قراءة دقيقة لأي مواجهة بين الفريقين كيفما يكون وضعيهما، ولا ضير عندي أن أجزم بأن لا محلل بارع، ولا مدرب قدير، ولا حتى لاعب فذ يمكن له أن يشي بما سيكون عليه لقاء الغريمين اليوم. ولذلك فلن أعيي نفسي كما المتفذلكون في الخوض في أي تفاصيل للمباراة المرتقبة، والتي سأكتفي بتلخيصها بأنها مواجهة تجمع بين (زعيم) قاهر و(فارس) عنيد، لكنني سأقف أمام بعض الممارسات الصحفية التي لا تخلو من هرطقة فاسدة، وفوضوية واضحة، وأعني تلك التي تحاول بشخبطة متعصبين، وثرثرة فوضويين إلغاء صفة (الديربي) عن مواجهات النصر والهلال، بحجة انتفاء مواصفات (الديربي) عنها، وحتى لا أعيي نفسي أمام هكذا طرح أجوف سأحيل أصحابه ل(ديربي روما) الذي جمع اول من أمس المتصدر روما وصاحب الترتيب ال14 لاتسيو، وهو (الديربي) الذي قامت له العاصمة الإيطالية ولم تقعد قبل وأثناء وبعد المباراة، ولن أسهب في الحديث عن (ديربي مانشستر) الذي يسرق أنظار عشاق الكرة الانجليزية رغم فوارقيته الواضحة في كثير من الجوانب، ولا عن (ديربي مدريد) الذي تتفاوت فيه الطموحات ولا تنقصه الإثارة. وليس بعيداً عن أضواء (ديربي العاصمة) التطورات الأخيرة التي صاحبت قضية محترف النصر المصري حسام غالي الذي وعلى الرغم من ان قضية تعاطيه للمنشطات لم تتكشف خيوطها النهائية بعد على الرغم من التطورات الأخيرة فيها، لكن يكفينا منها الدرس الاحترافي النموذجي الذي قدمه غالي ومعه وكيل أعماله، إذ فضح حراكهما الدؤوب ثقافة الاحتراف لدينا على غير صعيد، سواء بالنسبة للأندية أو اللاعبين أو وكلائهم السعوديين، فالجميع يجب ان يتعلم من هذه الممارسة الاحترافية، سواء تسلم غالي صك براءته النهائية أو لم يتسلمها. وفي ذات السياق لايزال بعض النصراويين يدخلون المدرب الأرغوياني خورخي داسيلفا في قفص الاتهام عند كل نتيجة سلبية، كما حدث بعد هزيمتي الأهلي والوصل الإماراتي الأخيرتين، في وقت يتهربون من الوقوف على منصة الاعتراف بحقيقة أن هذا المدرب حقق للفريق ما عجز عنه طابور المدربين الذين تعاقبوا على الفريق طوال عقد كامل، ويكفي تحقيقه ل(برونزية الدوري) وإبقائه الفريق منافساً على كل البطولات، رغم شح النجوم وندرة المواهب وتواضع الأجانب.