يخطئ من يذهب إلى أن مواجهة الهلال والنصر يوم غد في ربع نهائي كأس ولي العهد هي مواجهة بين لاعبي الفريقين، وأول المخطئين –في ظني- هو مشرف الفريق الهلالي سامي الجابر الذي ذهب باتجاه هذه الرؤية في تصريحه الذي أعقب فوز فريقه الأخير على الفيصلي؛ لأنني أرى في ذلك تسطيحاً لواحد من أهم (الديربيات) على المستوى العربي. مواجهة الهلال والنصر هي (معركة كروية) بامتياز؛ ولأنها كذلك فالمعركة ينبغي أن تستحضر فيها كل العدد والعتاد، فضلا عن ما تحتاجه من دعم إداري ومالي وفني ولوجستي أيضاً، والدعم الأخير هو أهم أنواع الدعم في هكذا مواجهات. في السابق حينما كان النصر يتفوق على الهلال في عدد مرات الفوز، قبل ان تتحول الأمور لمصلحة الأخير، كان يعزى التفوق النصراوي غالباً لأفضليته في التحضير النفسي، إذ يعطى النصيب الأوفر من بين كل عوامل المباراة، والتحضير النفسي يدخل في المسائل (اللوجستية)، ولذلك ظهرت فكرة "النصر بمن حضر"، التي تبناها الراحل الأمير عبدالرحمن بن سعود، وآمن بها غالبية النصراويين، قبل أن يكتشف النصراويون أن واحداً من أسباب انهيار فريقهم في العقد الأخير هو الركون لهذه النظرية، التي وإن صحت في موقف، فإنها –حتماً- لا تصح في كل المواقف. من واقع متابعة فاحصة لتحضيرات الفريقين لمباراة الغد على كافة الجوانب، أرى أن الموازين تميل لمصلحة النصر، الذي بدا الهدوء سمة تحضيراته، وهو ما انعكس على تصريحات مسؤوليه، وأولهم رئيس النادي الأمير فيصل بن تركي، في وقت ظهرت حالة إرباك واضحة في (البيت الهلالي)، أوشت بها عدة أمور في مقدمتها عملية تغييب الدعيع عن مواجهة الفيصلي، وما أفرزته من ردود فعل، زاد من صخبها تصريح غيرتس الانفعالي، وتبريرات الجابر، وأيضاً تجاوب الأمير عبدالرحمن بن مساعد معها بدخوله على خط التفاصيل. لكن هل ذلك كافياً لترجيح كفة النصر، بالتأكيد لا؛ كوني مؤمن أن الأمور في هذه المواجهة أكبر من كل ذلك، وهل ننسى دور اللاعبين وقبلهم مدربي الفريقين، اللذين هما بمثابة قائدي الكتيبتين، وطبيعي أن تحمل المباراة مواجهة من نوع خاص بين المدرب البلجيكي ونظيره الأورغواياني، خصوصاً بعدما تمكن الأخير من إسقاط الأول في آخر مواجهة بينهما، وهو ما لم يفعله أي مدرب آخر، وفي ذلك معانٍ كبيرة لدى غيرتس. وللحقيقة فإننا جميعاً، حتى لا أكاد أستثني أحداً، قد بهرنا غيرتس إلى درجة كدنا لا نرى تميزاً لأي مدرب آخر، في وقت كان يقدم فيه داسيلفا عملاً جباراً، لا أبالغ إن قلت أنه لا يقل عما قدمه غيرتس، حتى لا أقول أنه يفوقه؛ إذ يكفي أن المدرب الأورغواياني أحدث انقلاباً فنياً في النصر بحيث أعاده لواجهة المنافسة بقوة، في وقت لم يأت البلجيكي بجديد فني، فهلال الأمس هو هلال اليوم، بل إن (هلال باكيتا) استحوذ قبل خمس مواسم على كل البطولات المحلية، وهو ما لم يتمكن من فعله غيرتس.. وهذا كافٍ. وإن أنسى فلا أنسى في هذا (الديربي) دور الإعلام المتاخم للناديين، ومعه الجماهير، وإن كان عملهما يدخل ضمن ما أسميته بالدعم اللوجستي، وهو ما يؤكد –بالفعل- على أن (ديربي العاصمة) أكبر من مجرد (ديربي).