سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأزمة المالية تكشف خفايا مديونية الشركات الخليجية وتجبرها على البحث عن حلول لاحتواء التداعيات السلبية قطاع العقار السعودي الأفضل في تحقيق السيولة رغم الأزمة العالميةالأفضل
رغم الحديث عن تعافي الاقتصاد في منطقة الخليج إلا أنه مازال هناك قطاعات اقتصادية تقع في شباك الأزمة المالية، إذ تؤكد مصادر مطلعة تعثر عدد كبير من المنشآت التي حصلت على قروض اعتيادية من بنوك تجارية لم يتم الإفصاح عنها حتى الآن، بسبب عدم الارتباط بالأدوات المالية الصادرة من أسواق المال، ونظرا لدخول ملاك هذه المنشآت في مفاوضات مع الدائنين بهدف التوصل إلى حلول لجدولة الديون وفق آليات مختلفة. وتخلفت العديد من الشركات العائلية التي تعمل في مجال الخدمات المالية والصناعة والبناء وقطاعات التجزئة بمنطقة الخليج عن سداد ديونها في الشهور الأخيرة، إلا أنه لم يتم الكشف إلا عن عدد محدود من هذه الحالات، إحداها تعثرت عن سداد ديون تفوق ال 20 مليار دولار، أثرت في أكثر من 100 بنك محلي وعالمي. ويؤكد مصرفيون، وتنفيذيون في قطاع الأعمال الخليجي، أن ما نسمعه من تعثر بعض الشركات في سداد الديون يعد جزء بسيط من حجم المشكلة الحقيقي، وما خفي كان أعظم، إذ عادة يحجم البعض عن الإفصاح عن الديون المتعثرة، في محاولة لاحتواء أية تداعيات سلبية قد تؤثر على سمعة الدائنين، فضلا عن الرغبة في إيجاد حلول تتيح تخفيف المشكلة، خاصة وأن هذه القروض تتم خارج أسواق المال مثل الصكوك التي يتعامل معها مجموعة كبيرة من المستثمرين، وتكون تفاصيلها معلنة وبالتزامن مع المشاكل الأخيرة في بعض شركات خليجية، بالتخلف عن سداد الديون بدأ القلق يسود من أن هذه الحالات تؤثر بشكل سلبي على الاستثمار في الشرق الأوسط، الأمر الذي دفع البنوك للتعامل بحذر مع المجموعات العائلية، وظهرت المشاكل للمرة الأولى عندما تخلفت المؤسسة المصرفية العالمية عن سداد بعض ديونها في بداية شهر مايو الماضي، مما أدى إلى تخفيض مستواها من قبل وكالة "ستاندرد أند بورز" و"كابيتال إنتليجنس" ووكالتين أخريين. وفي المقابل يشير وفاء شركة دار الأركان بديونها المستحقة إلى أن الأصول المتداولة للشركات العقارية في السوق السعودي تغطي الخصوم المتداولة بنسب عالية، ما يعني أن دار الأركان بالذات وربما بقية الشركات المثيلة لن تواجه صعوبات في تغطية التزاماتها مستقبلا. وبحسب العديد من المؤشرات المالية مثل "الربحية" و"النشاط" و"الكفاءة" و"السيولة"، فإن "دار الأركان" كانت الأفضل من ناحية السيولة، حيث أظهرت النسب ارتفاع نسب السيولة لدى القطاع العقاري في السوق السعودي بعامة رغم الأزمة التي عصفت بالاقتصاد العالمي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة للعام 2008، والتي شهدت بروز إحدى أهم التحديات لهذا القرن، وعانت منها كافة الاقتصادات العالمية دون استثناء، بحيث لم تبق هناك دولة إلا تأثرت بالأزمة المالية العالمية، وبنسب تفاوتت لكل دولة، وذلك بمقدار انخراط هذه الدولة في دورة الاقتصاد العالمي. وكانت المؤسسات المالية في الخليج والسعودية من ضمن هذه الكيانات المالية التي طالتها هذه الأزمة، وبشكل مباشر، إلا أن حجم التأثر بهذه الأزمة، والنتائج التي ترتبت عليها، قد تفاوتت من شركة إلى أخرى، وبحسب اعتماد كل منها على التمويل الخارجي واستثماراتها الخارجية في الأسواق الأمريكية والأوروبية، هذا إضافة إلى التراجعات التي حدثت في أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، التي انعكس أثرها وبشكل واضح على الناتج المحلي لدول الخليج، الذي يشكل قطاع النفط والغاز العنصر الأساس للإيرادات العامة، ما انعكس سلباً على العديد من المتغيرات الاقتصادية الكلية لهذه الدول. وخلصت بعض التقارير إلى أنه وبالنظر إلى المؤشرات السابقة، فإن القطاع العقاري في "السوق السعودي" يعتبر من أقوى القطاعات لدول الخليج العربي، إذ من المستبعد أن يواجه صعوبات في توفير السيولة اللازمة على المدى المنظور، ما يعني أن هذا القطاع لديه القدرة على تغطية التزاماته قصيرة الأجل، وأية التزامات طارئة قصيرة الأجل. وهو ما حدث بالفعل حين قامت "دار الأركان" بسداد الديون المستحقة عليها وتقدر ب 600 مليون دولار في الموعد المحدد. وبينما تعم دول الخليج ظاهرة تعثر بعض الشركات عن سداد التزاماتها تجاه الدائنين، نجحت "دار الأركان" في السداد دون تأخير في الوفاء بالتزاماتها، وهو ما سيعود بالأثر الإيجابي على المنطقة وعلى السوق السعودي تحديدا، فالممولون الكبار في الدول الغربية سينظرون للمنطقة نظرة موضوعية بعيدا عن الحكم العام، كمنظومة تتجه لتوحيد العملة بعد أن أطلقت السوق الخليجية المشتركة قبل فترة.