أكدت إحدى الدراسات الحديثة التي صدرت مؤخراً أن وسامة الرجل تعزز ثقته بنفسه، وقال الباحث «تيموثي جدج» الذي أعدّ الدراسة: «تبين لنا أن شعور المرء بقيمته يزداد إذا كان وسيماً، وهذا يمكّنه من الحصول على وظيفة ذات أجرٍ مرتفع!» والظهور بالمظهر الجميل مطلب وحق مشروع لكل إنسان؛ ولكن ألا يتحول ذلك إلى المبالغة في التجمُّل؛ ووضع المساحيق ومستحضرات التجميل، وربما إجراء العمليات التجميلية. ويعتقد بعض الأشخاص أن الوسامة هي التي ستجلب لهم المكانة والاحترام لدى محيطهم الذي يعيشون فيه، أو تشبع لدى البعض منهم «مركب النقص» الذي في داخلهم، وربما قد يتحول هذا «النقص» إلى أمر خطير إذا تجاوز حدود المعقول، وقد تنعكس على سلوكيات البعض في التعالي على الآخرين والغرور والكبر والإعجاب بالنفس، كما قد يواجه الوسيم الذي يحمل هذه الصفات بعدم الاحترام والثقة والتهميش من الآخرين مما قد يثير الحقد في أنفسهم تجاهه، أو حتى الاعتقاد بأنه شخص غير سوي! شذوذ جنسي يروي الشاب محمد الحمراني (25 عاماً) قصة فتى تحول سلوكياً من الاهتمام بشكله من أجل الغزل وجذب الفتيات إلى أن وصل به الحال إلى الشذوذ، وقال: إن عمر الفتى (20 عاماً)، واستمر على الاهتمام بمظهره بشيء من المبالغة قرابة تسعة أشهر، وما لبث أن تعرف على مجموعة شبان يكبرونه في السن مما جعله ينحرف ويسلك طريق الشذوذ الجنسي بهدف إشباع غرائزهم به! وسيم بالقوة! ويؤكد حمد السليمان أن أسوأ ما في «وسامة الرجل» حين تتحول إلى شذوذ، نتيجة غياب التوجيه من الأسرة، مشيراً إلى أن الأسوأ من ذلك حين يصر الإنسان أن يكون وسيماً بالقوة، وهو في الأساس قبيح، وغير مقبول الشكل، ولكنه يوهم نفسه أن ارتداء الملابس الجديدة بماركات مقلدة، والتواجد باستمرار في صوالين الحلاقة، ووضع بعض المساحيق، واقتناء الساعات الثمينة.. كل ذلك هو ما سيمنحه الوسامة. التمحور حول الذات ويرى د. سعيد وهّاس أستاذ مشارك واستشاري مركز العلوم العصبية في مدينة الملك فهد الطبية أن مسألة التجمّل والظهور بالمظهر الحسن مطلب شرعي لأن الله جميل يحب الجمال. وقال إن المشكلة التي تتطلب التدخل حين يكون عدم التوازن في السلوك، من خلال استخدام المساحيق، والتلاعب في الشكل الخارجي (اللحية مثلاً)؛ فهذه تعتبر مشكلة سلوكية تستدعي التدخل العلاجي الأمر قد يتطور إلى أسوأ من ذلك، مشيراً إلى أن الرجل إذا استخدم المساحيق التجميلية ومن ثم اتجه للعمليات التجميلية فهذا ليس سلوكاً اعتباطياً، بل انه جاء بعد تفكير ولكن تفكير خاطئ، مشيراً إلى أن من الممكن ان يصل إلى تفكيره أن هذا العمل قد يؤدي إلى أن الناس يعشقونه ومن ثم يُدخِله في انحرافات جنسية خطيرة جداً؛ وهذا يحتاج إلى تدخل علاجي بلا شك. وأشار إلى أن الخطر حين يتمحور الإنسان حول ذاته، بحيث يصبح شكله هو الأساس، مؤكداً على أن التمحور حول الذات أو التمحور حول التجمّل المبالغ فيه يؤدي إلى سلوكيات في غاية الخطورة. النرجسية المفرطة وقال الباحث الاجتماعي الاستاذ نصار العتيبي ان الأسباب والدوافع مختلفة ومتعددة بين الأشخاص الذين يبالغون في الاهتمام بمظهرهم ووسامتهم، منها ما يمكن ملاحظته وتقويمه ومنها ما يحتاج إلى دراسة وتشخيص وعلاج، مشيراً إلى أن من الأسباب الرئيسية وجود مرض نفسي أو خلل في فهم الحياة ونرجسية مفرطة لدى الشخص تجاه نفسه، واعتقاده أن الوسامة هي الطريق للنجاح والشهرة والمال وإعجاب الآخرين ومحط أنظارهم، ويمكن علاج ذلك من خلال دراسة سلوك الشخص نفسه وتحديد مكمن الخلل وتقديم الدعم النفسي اللازم من خلال التوجيه والتقويم. وأضاف أن مبالغة البعض بالوسامة هي التي قادتهم في أغلب الأحيان إلى التشبه بالنساء، وذلك باستخدام بعض مستحضرات التجميل، وبعض تسريحات الشعر الخاصة بالنساء، أو اللجوء إلى عمليات التجميل وإنفاق الأموال على الموضات والتي قد تنعكس سلباً على حياته، فتجد الشخص الوسيم دائم البحث وراء نظرة إعجاب بين المارة (من النساء أو الرجال) في ممرات الأسواق أو ساحات المتنزهات وغير ذلك من الأماكن العامة، ومنهم من يقوده هذا المرض والهوس إلى التقليد الأعمى أو تكوين العلاقات المحرمة! واشار إلى أن الأثر النفسي للمبالغة في الوسامة تأخذ في الغالب مسارين: إما أن تكون هناك حالة من التعالي على الآخرين والغرور والكبر والإعجاب بالنفس، وإما أن يواجه الوسيم المبالغ بالاهتمام بوسامته من قبل زملائه والآخرين بعدم الاحترام والثقة والتهميش مما قد يثير الحقد في أنفسهم تجاهه أو حتى الاعتقاد بأنه شخص غير سوي. التفكك الأسري واعتبر الباحث العتيبي أن مثل هذه المظاهر السلوكية عادة ما تنشأ وتكثر بين الشباب القادمين من أسر مفككة، أو التي لديها إهمال في التنشئة الأسرية، أو حتى بين الاقران والأصحاب الذين لديهم مفاهيم مغلوطة عن الوسامة والاهتمام بالمظهر الشخصي فيبالغون فيها، من خلال البحث عن ممارسات لا يقبلها المجتمع كالمعاكسات، فيرفضهم المجتمع ويلقي باللائمة على أهلهم لعدم تربيتهم ومتابعتهم وإنكار ذلك عليهم وأنهم من اسر أصلا غير مبالية وأنهم أشخاص سطحيون ولا يمتلكون الثقة بأنفسهم ويركضون وراء الموضات وتقليد المشاهير والتشبه بهم في المظهر والسلوك، وأنهم أشخاص غير قادرين على تحقيق ذاتهم.. فكيف يمكن أن يكونوا فعالين في مجتمعاتهم، فتتكون النظرة الاجتماعية السلبية عنهم، وبشكل عام تبقى عملية التوعية والتوجيه للمجتمع أمثل الطرق وأنجح الأساليب للقضاء على مثل هذه المشاكل والحد منها قبل تفاقمها.