لو تم ترشيح أفضل الصور للعام الحالي فمن المؤكد أن صورة الشيخة موزة وسط طالبات كلية عفت بجدة التي نشرتها الجريدة قبل أيام ستكون أحد أبرزها . الكثير من المتابعين فهموا أهمية الصورة لذا انتشرت بسرعة وتحولت إلى تواقيع للبعض . في الواقع أن الصورة تحمل معاني عديدة وكلها لحسن الحظ رائعة . أولا الصورة تحمل رمزية كبيرة متفائلة حول مسيرة المرأة التي تتقدم باضطراد وتثبت وجودها على أرض الواقع . الأمر الآخر أن الصورة عكست أن هذا التحرك والتقدم للإمام هي حركة جماعية وليست فقط في مكان واحد . الشيخة موزة القطرية والطالبات السعوديات متحالفات حول هدف واحد وهو دفع مسيرة المرأة في الخليج للأمام. هذا التحالف والاندفاع لم يكن بهذه الطاقة والحيوية والأمل بقدر ما أصبح عليه اليوم حيث تشهد المرأة الخليجية تطورات على الرغم من محاولات إجهاض مثل هذا التطور المتسارع. مثل هذا الانتصار للمرأة السعودية والخليجية يأتي مدفوعا بتزايد الوعي بأهمية حقوق المرأة . هذا الوعي الذي يمكن أن تلمسه في كل مكان الذي يسعى لهدم كل العقبات والحواجز التي تمنع المرأة من استعادة قيمتها الانسانية التي فقدتها منذ سنوات طويلة. الأمر الثالث أن مشروع الشيخة موزة المعرفي والتعليمي يتمحور جوهره حول بناء الإنسان . في الحوار الذي اجراه معها رئيس التحرير قالت الشيخة موزة "إن أساس أي تغيير في المجتمع يبدأ من التعليم إذا أردت إصلاحا اقتصاديا او اجتماعيا او سياسيا فعليك أن تبدأ بالتعليم .. اليوم نتكلم عن "المواطن العالمي" ولأجل أن يكون المواطن عالميا يجب أن يكون لديك كل الآليات التي تمكنك أن تتفاعل بقوة وفعالية وتؤثر كما يؤثر فيك الآخر ومن هذا المنطلق ركزنا على التغيير والإصلاح في التعليم .. قطر مثل معظم دول العربية طرق كلاسيكية كالتلقين والحفظ بمعنى احفظ وقدم للامتحان، هذا النظام غيرناه كليةً الذي حصل أننا أردنا أن يكون عندنا منذ البداية من السنوات المبكرة لعمر الطفل موضوع التحليل والمقارنة والاستنتاج هو أساس تفكير الطالب لدينا ، يجب على الطالب أن يصل الى الحل بطريقة منطقية تحليلية يستخدم فيها قدراته التحليلية والفكرية ليصل الى النتيجة ، وهذا التفكير المنطقي الذي أتصور انه أساس ديننا الحنيف والشيء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم كان دائماً يركز عليه .. المنطق واستخدام العقل والتعقل هو فعلاً أساس التفكير". هذه الإجابات الرائعة تعكس فعلا العملية الثورية التي تقودها الشيخة موزة في قطر وهذه الرمزية المهمة التي باتت تعبر عنها الشيخة التي تتحد مع رغبة المرأة السعودية التي عبرت عنها الصورة بالسعي نحو منحها فرصاً تعليمية وثقافية مهمة تجعلها تتطور وتزدهر أكثر وتتجاوز كل العقبات التي أعاقتها. المرأة السعودية هي اكثر نساء الخليج التي تمت محاولة إجهاض انطلاقتها ولكننا نعيش في عهد الملك عبدالله مرحلة صعود المرأة لتكون بالفعل شريكة في صناعة مستقبل البلد. الصورة مع أنها ترسل لنا رسائل متفائلة إلا أنها من جهة أخرى ترسل تحديات كبيرة. هذه التحديات , كما أشارت الشيخة موزة , تتلخص في أن عملية بناء الإنسان لن تكون سهلة فهي بحاجة إلى بناء نظام تعليمي وثقافي قائم على التحليل والمقارنة والتساؤل , وبهذه الطريقة وحدها يمكن ألا تنهض فقط المرأة ولكن المجتمع بأكمله . سيكون من الصعب على أي أفكار وتيارات أن تعيد المجتمعات التي تتبنى خطابا عقلانيا ونقديا إلى الوراء. الصورة بالفعل صورة الموسم , وستبدو متألقة أكثر إذا ما اتحيت للمرأة السعودية في كل مدينة وقرية فرصة أن تصعد وتستغل قدراتها وتحقق ذاتها وطموحها.