عندما ثارت في بداية الموسم الحالي قضية التداخل بين الحقوق والالتزامات الواردة في عقود الشركات التي ترعى بعض الأندية المشاركة في دوري المحترفين والحقوق والالتزامات الواردة في عقد الشركة التي ترعى الدوري، اتضح أن تأسيس الأرضية القانونية لدوري محترفين منظم ومتطور كان آخر الاهتمامات لدى اتحاد كرة القدم، ومن ذلك أن ما يسمى بهيئة دوري المحترفين تولت الإشراف على ما يتعلق بحقوق الرعاية والتسويق والنواحي التجارية بشكل عام دون أن يكون للأندية المشاركة في الدوري (والتي هي أساس نجاح الدوري) أي دور في تقرير مسؤوليات أو نطاق عمل الهيئة أو الموافقة على حقوق الهيئة وتقرير حقوق الأندية نفسها فيما يخص العائدات المالية وغيرها من حقوق، ودون أن تضم الهيئة في عضويتها ممثلين للأندية المشاركة في الدوري، فالأندية كانت مثل (الأطرش في الزفة) حيث تولت الهيئة الأمور التجارية والتسويقية دون أن تشرك الأندية التي هي أساس الدوري ولبّه في أي خطوة أو مرحلة، فالأندية السعودية وفقا لذلك شاركت في دوري محترفين لم يكن لها دور في تنظيمه أو وضع إطار تسويقه ورعايته وغيره من أمور كان لا بد للأندية المشاركة في الدوري من أن يكون لها الدور الأكبر فيه. وإذا نظرنا لتجارب بعض الدول الخليجية التي قامت بتنظيم دوري محترفين وفق معايير الاتحاد الأسيوي فسنجد أن مسيرتها في هذا الشأن كانت مسيرة احترافية متطورة ومنظمة شاركت فيها الأندية، ففي نهج جديد يهدف إلى توثيق الخطوات واللوائح والقوانين الاحترافية وبعد مشاورات ومناقشات عكست الحرص على تطوير الكرة الإماراتية وفق نهج احترافي للانتقال إلى واقع أكثر تطورا بآفاق واسعة تؤمن من خلاله رفع مستوى اللعبة للوصول بها إلى أعلى المستويات في النواحي الفنية والإدارية والتسويقية، أبرم بتاريخ 22-4-2008 (اتحاد كرة القدم الإماراتي) ممثلا برئيس مجلس الإدارة (محمد الرميثي) و(لجنة تأسيس دوري المحترفين الإماراتي) التي تكونت من ممثلين للأندية ومثّلها حمد بن بروك (اتفاقية الحقوق الخاصة بتنظيم رابطة دوري المحترفين) في دولة الإمارات اعتبارا من موسم 2008-2009 والتي بموجبها تم إنشاء (رابطة دوري المحترفين)، ويمثل الاتفاق إضافة إلى توافقه مع متطلبات ومعايير الاتحاد الآسيوي لكرة القدم تدشين مرحلة تاريخية جديدة في عصر كرة الإمارات هاجسها النجاح والتقدم في مسيرتها المقبلة وتعزيز الطموحات بتحقيق طفرة نوعية هائلة على صعيد كرة القدم، كما مثّل نموذجا خليجيا متطورا ومشرفا قام على الاحترافية والعمل المهني وإعطاء الأندية حقوقها كفرق مشاركة في الدوري وفق اتفاقية واضحة حددت الاتجاهات والمعالم والامتيازات والعوائد. وقد جاءت بنود الاتفاقية المبرمة بين اتحاد كرة القدم الإماراتي ولجنة تأسيس دوري المحترفين في أربع نقاط جوهرية هي: تمتد الاتفاقية بين اتحاد كرة القدم ولجنة تأسيس دوري المحترفين إلى عشر سنوات من تاريخ التوقيع، وهي خطوة مهمة تعزز استقرار عمل اللجنة والبطولات المحلية التي تشرف على تنظيمها مع اتحاد الكرة. منح (رابطة دوري المحترفين) الحق في تنظيم أربع بطولات هي (دوري المحترفين) و(كأس رابطة المحترفين) و(دوري الرديف للمحترفين) بالإضافة إلى (كأس السوبر) التي تجمع بطل كأس رئيس الدولة مع بطل دوري المحترفين، وهدف هذه البطولات الارتقاء بالبطولات المحلية من اجل رفع الأداء والمستوى الفني بما يسهم في تحقيق مزيد من النجاحات والانجازات لمنتخب الإمارات في مشاركاته المقبلة. - تشكيل لجنة فنية استشارية بين اتحاد كرة القدم ورابطة المحترفين تضم (4) أعضاء من اتحاد الكرة بمن فيهم رئيس الاتحاد و(4) أعضاء من رابطة لجنة المحترفين بمن فيهم رئيس الرابطة يرئسها رئيس الاتحاد وينوب عنه رئيس رابطة دوري المحترفين، تقوم بمهام استشارية ولها الصلاحيات في تعزيز الأهداف الخاصة بالاحتراف والعمل على تطوير دوري الشباب والناشئين بالإضافة إلى دورها في تقييم البطولات التي تشرف على تنظيمها ووضع الأجندة بصورة احترافية لرفع التوصيات إلى اتحاد الكرة والى رابطة دوري المحترفين. يحصل اتحاد الكرة على نسبة من الدخل العام لعائدات رابطة دوري المحترفين المتضمنة حقوق النقل التلفزيوني والتسويق والرعاية. الجميل في الأمر هو المستوى الاحترافي العالي وتطور البناء القانوني الذي تم من خلاله الوصول لهذا الاتفاقية حيث إن الاتفاق على تشكيل لجنة لدراسة تأسيس رابطة لدوري المحترفين تم بموجب قرار الجمعية العمومية غير العادية لاتحاد كرة القدم الإماراتي بتاريخ 18/2/2007، وكذلك قرار الجمعية العمومية غير العادية للاتحاد بتاريخ 17/9/2007 والذي خول (لجنة تأسيس دوري المحترفين) وكلفها بتأسيس (رابطة دوري المحترفين)، كما تم تكليف اللجنة بتنظيم وتأسيس وإعداد النظام الأساسي واللوائح والتنظيمات الإدارية والفنية والمالية لتأسيس الرابطة طبقا لقوانين دولة الإمارات، كما أن إنشاء وتأسيس الرابطة كان يتطلب حصولها على شرعية ومظلة قانونية لممارسة نشاطاتها طبقا لأحكام النظام الأساسي لاتحاد الإمارات وخصوصا المواد 1 و 13 و 84 و 135 وكذلك القوانين والأنظمة المعمول بها في دولة الإمارات، وذلك على ضوء أن إنشاء الرابطة يتطلب تنظيم وتنسيق العمل بين الطرفين وتحديد الحقوق والصلاحيات الأولية من خلال هذه الاتفاقية لتحقيق أهداف إنشائها. وبموجب الاتفاقية وافق الطرفان على الأحكام والترتيبات فيما يخص التنظيم، وتم بموجبها تحديد الصلاحيات والسلطات التي سوف يتم منحها من قبل اتحاد الإمارات لكرة القدم إلى (رابطة دوري المحترفين) بمجرد تأسيسها تحقيقا للأغراض التي أنشئت من أجلها، وعلى رأس ذلك موافقة الاتحاد على تنظيم دوري المحترفين لكرة القدم من قبل الرابطة، بحيث منح الاتحاد إلى الرابطة الصلاحيات والسلطات الواردة بالاتفاقية لضمان تحقيق أهداف تأسيس رابطة دوري المحترفين. ووافق الطرفان وفقا للاتفاقية بأن تأسيس وتنظيم دوري المحترفين الإماراتي سيتم وفقاً للمبادئ الواردة في الاتفاقية وكذلك وفقاً للنظام الأساسي لرابطة دوري المحترفين، وأن تعتمد قائمة الأندية المرفقة بالاتفاقية على أساس قبول طلب عضويتها المقدمة منها كأعضاء للجمعية العمومية للرابطة، وتم اختيار (12) ناديا واعتمادهم كمؤسسين لقيام الرابطة والمشاركة في مسابقاتها ومنافساتها بدءً من الموسم الرياضي 2008-2009، وبحيث يتم معالجة موضوع العضوية وكل ما يتعلق به من خلال النظام الأساسي لرابطة دوري المحترفين، كما اشترطت الاتفاقية لتأسيس رابطة دوري المحترفين أن تتقدم لجنة تأسيس الرابطة إلى اتحاد كرة القدم بطلب عضوية في الاتحاد، كما منحت الاتفاقية الرابطة حق وضع الأنظمة واللوائح المنظمة لدوري المحترفين وفقا لقوانين لعبة كرة القدم ولوائح الرابطة ومعايير الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وقواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم بما في ذلك طريقة احتساب النقاط والجزاءات والعقوبات وعدد اللاعبين (المواطنين والأجانب) وطريقة المباريات ونظام تحديد النتائج وكافة الأمور المتعلقة بها دون خرق لقوانين اللعبة المعتمدة من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وبموجب الاتفاقية وافق اتحاد الإمارات لكرة القدم على انضمام أعضائه من الأندية إلى عضوية رابطة دوري المحترفين طبقا لأنظمة ولوائح الرابطة على أن يحتفظوا بحقوقهم الأخرى لدى الاتحاد وبما لا يتعارض مع ما تقرره أنظمة ولوائح الاتحاد. كما تم وفقا للاتفاقية تأسيس (لجنة فنية استشارية مشتركة) بين اتحاد الكرة والرابطة تهدف إلى إعطاء المشورة والرأي الفني إلى الرابطة فيما يخص تنسيق وتنظيم ورسم سياسة التطوير الخاصة بدوري المحترفين في دولة الإمارات بما يخدم مصلحة الدوري وتم تشكيل اللجنة من أربعة أعضاء تعينهم رابطة دوري المحترفين يكون رئيس الرابطة أحدهم، بالإضافة إلى ثلاثة أعضاء تختارهم الجمعية العمومية للرابطة من بين أعضاء الجمعية العمومية أو اللجان التنفيذية أو العاملة وأربعة أعضاء يعينهم اتحاد كرة القدم يكون رئيس الاتحاد احدهم، بالإضافة إلى ثلاثة أعضاء من مجلس الإدارة أو اللجان العاملة، وأن يترأس اللجنة الفنية الاستشارية رئيس اتحاد الإمارات لكرة القدم، ويكون نائبه هو رئيس رابطة دوري المحترفين، وبحيث يكون نطاق عمل اللجنة كما يلي: - إعطاء التوصيات بشأن الإجراءات والآليات التي تهدف إلى تطوير دوري المحترفين أو أية مسابقات أخرى تشرف الرابطة على تنظيمها. - رفع التوصيات بشأن التنسيق بخصوص استدعاء لاعبي المنتخب فيما يخص المشاركات الخارجية التي يتم تنظيمها خارج مظلة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم والاتحاد الدولي لكرة القدم. - إعطاء الرأي والمشورة للاتحاد والرابطة حول برنامج تطوير قطاع الناشئين والشباب. - أية أمور تتعلق بكرة القدم في دولة الإمارات ولها صلة بدوري المحترفين ومن شأنها تعزيز الأهداف الخاصة بتنظيم دوري المحترفين. ويتضح أن أهم بنود الاتفاقية هو ما تعامل مع لبّ دوري المحترفين وأساس نجاحه المتعلق بتسويق وبيع واستثمار كافة أنواع الرعاية والحقوق التجارية والبث التلفزيوني والتغطية الإعلامية والصحفية وحقوق البث الالكترونية وحقوق تقنية المعلومات وكافة الحقوق التجارية وحقوق الملكية الفكرية لدوري المحترفين، حيث التزمت رابطة دوري المحترفين (التي ضمت في عضويتها ممثلين للأندية المشاركة في الدوري) بدفع نسبة (7%) فقط سبعة بالمائة من الموارد المالية الكلية الإجمالية الناتجة بموجب هذا البند إلى اتحاد الإمارات لكرة القدم، وأجازت للطرفين مراجعة هذه النسبة حسب التطورات الإيجابية والسلبية للدخل الناتج من هذا البند مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الطرفين، كما أجازت الاتفاقية للرابطة التفاوض على إبرام العقد أو العقود نيابة عن أعضاء دوري المحترفين (فيما يخص حقوق بث ونقل بطولة دوري المحترفين فقط) مع الجهات المعنية بالنقل التلفزيوني أو الشركات الأخرى في ما يختص بالتلفزيون أو الإعلام المرئي أو المكتوب كالصحافة أو وسائل البث الالكترونية أو وسائل البث الأخرى، وكافة عقود الرعاية التجارية، بالإضافة إلى العقود التجارية والتنظيمية الأخرى الخاصة بدوري المحترفين أو بالمباريات أو المسابقات التي تنظمها رابطة دوري المحترفين بترخيص من اتحاد الكرة، وبحيث يتم التفاوض على إبرام العقود وتوزيع الدخل الناشئ عنها بناء على الأنظمة واللوائح والقرارات الداخلية الصادرة عن رابطة دوري المحترفين، وبحيث تظل حقوق التلفزيون والبث بوسائل الإعلام المختلفة التي تتعلق بجميع المباريات الخاصة بكرة القدم لغير مباريات دوري المحترفين، بما في ذلك على سبيل المثال المباريات الدولية للمنتخب ومباريات كأس رئيس الدولة والمسابقات والمباريات التي يشرف عليها اتحاد الإمارات العربية المتحدة لكرة القدم محفوظة للاتحاد ويحق له التفاوض على إبرام العقد أو العقود مع التلفزيون أو الشركات أو وسائل الإعلام الأخرى في ما يختص بالنقل التلفزيوني أو إذاعة تلك المباريات، كما يعتبر جميع الدخل الناتج عن هذا البند من حق الاتحاد. ونصت الاتفاقية في فقراتها الختامية على أن يتم مراجعة وتقييم التزامات الرابطة وكذلك أداء دوري المحترفين فنيا وإداريا وماليا من قبل الطرفين سنويا بعد انتهاء الموسم، وبناء على نتائج المراجعة والتقييم يقوم الطرفان بإصدار التوصيات اللازمة حول تطوير وتحسين أداء دوري المحترفين، وتعتبر التوصيات الصادرة من الطرفين بهذا الصدد جزءا لا يتجزأ من الاتفاقية. هذه الاتفاقية دليل كبير على احترافية وتطور العمل الإداري باتحاد كرة القدم بدولة الإمارات حيث لم يتعامل اتحاد الكرة كدكتاتور كبير ليس لأحد أن ينتقده أو يتناول عمله بالنقد، بل كان شفافا ومتطورا، وهي أيضا دليل واضح على احترام الأندية المشاركة في دوري المحترفين عبر توضيح حقوقها والتزاماتها وضوابط العلاقة بينها وبين رابطة دوري المحترفين، وكذلك توضيح الحقوق والالتزامات بين الرابطة واتحاد كرة القدم، وهي اتفاقية مشرفة من حيث المضمون والمعنى.