تؤكد رعاية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لمهرجان الجنادرية (25) الأهمية العظيمة التي توليها قيادة المملكة لتراثها العريق، والذي تعمل جاهدة من أجل المحافظة عليه وربط المواطن السعودي بماضيه وماضي آبائه وأجداده، وتعريفه بالوسائل الاقتصادية البسيطة التي كانوا يعتمدون عليها ويستخدمونها في حياتهم وأعمالهم اليومية من مهن وحرف وطراز معماري عتيق في وقت افتقروا فيه إلى وسائل الاقتصاد الحديثة. لقد سعت فعاليات الجنادرية إلى فتح أبواب رزق كثير من الحرفين والمهنيين من جديد وأعيد إحياء مهن كانت قد اندثرت، بمشاركات فاعلة من جميع مناطق المملكة بمقتنيات وبضائع قديمة وصناعات وطنية ومقتنيات شعبية حيث جمع المهرجان عددا كبيرا من الصناع والحرفيين والممتهنين والهواة من كل أنحاء الوطن لمزاولة صناعاتهم التقليدية وعرضها وبيعها للجمهور مباشرة، وقد بلغ عدد الصناعات والحرف التراثية المعروضة في المهرجان في دورته الأخيرة أكثر من ثلاث مئة حرفة وصنعة تعد عنصر جذب للزائرين وفرصة عظيمة لتفعيل الاستثمار فيها اقتصاديا. لذا يفترض استغلال هذه الصناعات الحرفية اقتصاديا والبحث عن خاماتها الأولية المتوفرة في البيئة المحلية في كل منطقة من مناطق المملكة، والسعي إلى تطوير منتجاتها ومن ثم تصنيعها بما يتلاءم مع استخداماتها المتنوعة والتعريف بها لتضيف دعما للاقتصاد الوطني وتسهم في استيعاب الأيدي العاملة الوطنية، وهذا ما ينتظره الجميع من نتائج فعاليات مهرجان الجنادرية هذا العام والأعوام المقبلة عبر إعداد الدراسات الاقتصادية والاستراتيجية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية من منطلق وطني استراتيجي مدرك لأهمية الصناعات الحرفية وقادر على إيجاد برامج تدريبية موجهة لتطوير مهارات الحرفيين والممتهنين التقليديين وتفعيل الاستثمار في هذه الحرف والصناعات التقليدية في المملكة بحيث لا تقتصر هذه الفعاليات على أيام الجنادرية فقط بل على الموسم كله مما يرفع من شأن وتنمية هذه الحرف وانتشارها والدعاية لها والسعي إلى استيعاب هؤلاء الحرفيين وإبراز مواهبهم وفتح مراكز التدريب وأبواب العمل والتجارة لهم وإيجاد فرص العمل الكريم لمواطني هذا الوطن المعطاء، كما ينبغي إشراك القطاع الخاص في دعم هذه المشاريع وتحقيق مزيد من الشراكة بين القطاع الرسمي والقطاع الخاص بالشكل الذي يصل إلى تحقيق الهدف المنشود وهو تنمية الاقتصاد الوطني وإيجاد فرص عمل لمواطنيه. وأخيراً تحية شكر وتقدير وعرفان لكل من نظم وشارك وساهم في نجاح هذا المهرجان وهنيئا للوطن بأبنائه المخلصين ولكل من ذكّرنا بأصالة الآباء والأجداد وتاريخهم المجيد وإنتاجهم العريق وربط ماضينا العريق بحاضرنا المشرق وجمعنا على حب الوطن في ملحمة تراثية رائعة، والشكر موصول للمشرفين على فعاليات الجنادرية صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، والأستاذ عبدالمحسن التويجري. * مستشار مالي عضو جمعية الاقتصاد السعودية