أنبتت هذه الصحراء المعطاء والسخية رجالا كبارا ، ورموزا سامية في الشهامة ، والكرم ، والسخاء الإنساني ، وأعطت بتربيتها ، وأنماط سلوكياتها ، وصياغتها لإنسانها قامات شامخة في ممارسة فعل الإيثار على النفس ، وتوظيف المال ليكون وسيلة لإسعاد الآخرين ، وزرع ثقافة التكافل ، والتراحم بين أفراد المجتمع ، وكل شرائحه الاجتماعية ، ونسيجه الجمعي . وحولت المال من مفهوم السعادة الذاتية في جمعه ، وزيادة أرقام الأرصدة المتنامية في المصارف، إلى مفهوم متفوق ومبهر، هو سعادة الأفراد من خلال المؤسسات المدنية، وبناء الوطن في كل مناحي الأعمال التي تساهم في تعليم وتدريب الإنسان ، وتأهيله ليكون فاعلاً منتجاً، ومشاركاً في عمليتي النمو والتنمية ، مؤكداً حضوره وتفاعله مع وثبة التحديث ، والتطوير ، واللحاق بأنماط الثقافات والتحولات العالمية . نابذ ومقصٍ ، بل مستهجن ، ورافض كل أشكال الاتكالية ، والعجز ، والهروب من المسؤوليات التي تفرضها المواطنة الحقيقية ، ومفاهيم الانتماء للهوية ، والأرض والإرث الثقافي والتاريخي . هذه إيمانات الرجال ، الرجال الذين قدمتهم هذه الصحراء الوفية ، والشامخة إلى حد أسطوري ، وتفاعلوا مع قيم ، وموروثات ، ومفاهيم بأن الوطن أعطاهم ومنحهم فضيلة الانتماء والهوية , فكان من أبسط واجباتهم أن يردوا له القليل من العطاء ، ويمنحوا إنسانه الفرح ، والتأهيل تفاعلاً معه في كل طموحاته ، وأهدافه ، وأمنياته التي يختزنها ساعياً عبرها الى صنع مستقبلاته ، وإخضاع الواقع إلى حالة توثب وطموح وممارسة فعل التأثير . وهؤلاء الرجال الذين تميزوا على الخارطة الاجتماعية بهذا الحضور الإنساني ، هم شهب مضيئة تبرز في حياة الشعوب ، والمجتمعات مشعة تبعث الأمل ، والحافز للحيارى البائسين المنكسرين الضائعين في متاهات الدروب ، والمنعطفات الحياتية الحادة . ولعل المعلم الأول لهذا السلوك الرائع ، والملهم دائما لكل الرجال في ترسيخ ثقافة فعل تقديم التضحيات ، والإيثار للوطن ، وإنسان هذا الوطن هو الرجل الاستثنائي الأمير سلطان بن عبدالعزيز أبتعد كثيرا عن الألقاب في هذا التوصيف فقد ذهب سلطان بعيداً ، بعيداً جداً في إخضاع المال إلى وسيلة تفضي إلى غاية أن " المال غاد ورائح " وأنه يجب أن يكون في كل الأحوال ، والظروف لخدمة الإنسان ، والوطن عبر المؤسسات المدنية الفاعلة ، والمستشرفة تكوين الإنسان على أسس من الوعي ، والثقافة ، والتعليم . لقد أعطى الأمير سلطان عطاءات مالية ، سخية في ميادين متعددة من ميادين الخير ، والفعل الإنساني ، إن للجامعات ، وإن للمؤسسات الخيرية ، وإن لمرافق وجهات تهتم بإعداد الفرد ، وتدريبه ، وتأهيله ليواجه الحياة قوياً ، متمكناً ، مؤهلاً. المجتمع كله ، والأرض بامتدادها الجغرافي ، وفضائها السكاني يضعون سلطان في داخل وعيهم ، ووجدانهم كرمز قيادة ، ورمز فعل إنساني .