مشروع شركات الاستقدام الموحدة، الذي سيرى النور في المستقبل القريب، قد ينسي المواطنين فترة الانتظار الطويلة لاستقدام العاملة، من خلال توفيرها لهم في يوم واحد بعد صدور التأشيرة، فهذا المشروع قد يسهم بشكل كبير في القضاء على ظاهرة تأجير الخادمات والسائقين الهاربين من كفلائهم؛ وهو ما أدى إلى بروز ظاهرة جديدة تتعلق بقيام مكاتب، أو أفراد بتأجير خادمات بالساعة، أو اليوم، مقابل مبالغ مرتفعة نسبيا، تراوح بين 1500 و2500 ريال؛ الأمر الذي شجّع - وبشكل غير مباشر - على ازدياد ظاهرة هروب الخادمات. ودعا المستثمرون في مجال الاستقدام الجهات المعنية بوضع حد لما يحصل حالياً من تجاوزات في سوق الاستقدام السعودي، الذي انتشرت فيه الفوضوية بشكل كبير في السنوات الأخيرة!. والسؤال: هل ستوفر مكاتب التعاقد مع الخدم والسائقين - بنظام الساعات، أو اليوم، أو الشهر - على المواطن إهدار كثير من الأموال التي تصرف، وقد يضيع بعضها بسبب هروب الخادمة أو السائق؟ العمالة المنزلية الهاربة في البداية قال المواطن عبدالإله عسيري: إن وزارة العمل انتهت من صياغة أبرز الملامح لثلاث شركات تستقدم العمالة المنزلية، وهذه الشركات وضعت على أساس تسهيل التواصل النظامي بين المواطن والعمالة، مع مراعاة الظروف المادية وغير المادية للمواطن، من حيث المدة الزمنية للتأجير وغيرها، مشيراً إلى أن أهمية هذا الموضوع تمس كل فرد يتعامل مع عامل أو سائق أو خادمة أو أي عمالة أجنبية، سواءً كانت مهنية، أو منزلية بشكل عام، ولكن هناك موضوع آخر لا يقل أهمية عما طرح، وهو قيام بعض الأسر بإيواء وتشغيل بعض عناصر العمالة المنزلية الهاربة (خدم، سائقين) من دون استشعار خطورة هذا الأمر صحياً وأمنياً على الأسرة والمجتمع عموماً، إلى جانب استغلال جيوب المواطنين بمباركة بعض منا. واضاف أن هناك أسراً عانت كثيراً من تشغيل الخادمات الهاربات، وتحديداً تلك التي تركت فلذات أكبادها، وفضّل الوالدان الخروج من المنزل للعمل أو الزيارة، وليت سوء التصرف من بعضهم يصل إلى هذا الحد وحسب، بل إن هناك أمراً آخر يتم التهاون فيه بشكل كبير جداً، وهو استهانة بعضهم بالكشف الطبي على هذه الخادمات من دون استشعار أن تكون هذه الخادمات مصابات بأمراض معدية، مثل (كبد وبائي، أو إيدز، أو سل) وغيره. ننتظر شركات التأجير! أما محمد القحطاني فيقول: سأكون مرتاحاً إذا طبق قرار شركات ومؤسسات موحدة لتأجير العمالة المنزلية بنظام الساعات أو الأيام.. ولكن الواقع اليوم، في ظل عدم وجود هذه الشركات، يلجأ المواطن إلى العمالة المنزلية غير النظامية لسد احتياجاته؛ سواءً من تأخر وصول خادمته نتيجة مماطلة مكتب الاستقدام، أو عدم مناسبتها في فترة التجربة، أو فترة سفرها (خروج وعودة). وأضاف: قبل عدة سنوات استقدمنا عاملة منزلية هربت من المنزل في منتصف شهر رمضان، ونحن في حاجة ماسة لها؛ لكون زوجتي موظفة؛ وخسرنا ما يربو على 9000 ريال أو يزيد قليلاً، ومن ذلك رسوم التأشيرة والإقامة والكشف الطبي وتكاليف مكتب الاستقدام، ولم نجد من يعوضنا على كل هذه الخسائر؛ ونتيجة لذلك اضطررت مرغماً أن أستعين بخادمة غير نظامية، ولا يهمني كثيراً من أين يأتون؟، وأين يبيتون؟، فأنا مرتاح من هذه الوضعية؛ حتى يسمح للمؤسسات والشركات باستقدام عاملات منزليات وتأجيرهن بالساعة، أو اليوم أو الأسبوع، أو الشهر؛ لأنه لا يوجد لدي أي وسيلة أخرى للمساعدة على أعباء البيت، وخصوصاً أن زوجتي تعمل ثماني ساعات يومياً، ومن ثم تأتي إلى البيت مرهقة. ويأمل القحطاني سرعة السماح لتلك الشركات بالاستقدام، مع وضع أنظمة صريحة وواضحة، وتكثيف الرقابة على أدائها، بما يضمن حقوق المواطن أولاً، إلى جانب عدم استغلال تلك العاملات أسوأ استغلال، ويجني المكتب 2000 ريال، ولا يعطي العاملة أو السائق سوى 800 ريال؛ بينما يدفع للعاملة بالسوق السوداء ما قدره 1200 ريال، وبالنسبة إلي: إن دفعت ستين ريالاً في اليوم مقابل خمس ساعات يومياً ولمدة خمسة أيام في الأسبوع.. هذا سوف يكلفني 1200 ريال في الشهر، بدلاً من 2000 أو أكثر؛ وهي التي سوف ترغمني الشركة على دفعها.. إن وجدت مثل تلك الشركات؛ خاصة أنني لا أحبذ أن توجد عاملة منزلية في المنزل طوال الوقت، ولا أحبذ أن تهتم بالأطفال كثيراً؛ فقد مررت بتلك التجربة، ولا أنصح بها، فالعاملة المنزلية يجب أن تكون للمساعدة على أعمال المنزل فقط، ولا يكون لها علاقة بالأطفال!.. الشركات تحت الدراسة من جانبه نفى مدير مكتب العمل بمنطقة عسير الأستاذ حسين المري وجود تصاريح تمنح للمكاتب، أو الأفراد لتأجير الخادمات، مشيراً إلى أن مكاتب العمل تمنح تأشيرات استقدام العاملات، سواء للمؤسسات، أو الأفراد ضمن شروط حددتها الوزارة لمتحاجي العمالة من الخادمات. وقال إن بعضهم قد يتحايل على الأنظمة، ويستقدم عاملات لغرض التشغيل في المشاغل والمشاريع النسائية، وهناك عوائل يتفق بعضها مع بعض لاستقدام خادمة لكل أسرة، أو طلب ممرضات لكبار السن ضمن الإجراءات القانونية، ويقومون بتأجيرهن كخادمات وبأجور مرتفعة، لافتاً إلى وجود أناس يقومون بتأجير الخادمات الهاربات من كفلائهن، بعد إغرائهن بأجور ورواتب أعلى، وإعطائهن إجازة يوم في الأسبوع، مبينا أن المنطق يقول إن "كل خادمة هاربة من أسرة هي نفس الخادمة المؤجرة للأسرة الأخرى"، مطالباً المواطنين بتبليغ الجوازات والأمن الوقائي ومكاتب العمل عن كل من يقوم بتأجير الخادمات بطرائق غير نظامية، محذراً من التعامل معهن؛ فالغالبية منهن لا يعرفن من هم كفلاؤهن عاملة هاربة تنهي إجراءات ترحيلها في إدارة الوافدين الحقيقيون، وبعضهن مبلّغ عنهن، أو قد يحملن أمراضاً معدية وليست لديهن كشوفات طبية بحالاتهن الصحية. وأشار إلى أن توجه الوزارة إلى إنشاء شركات استقدام لايزال طور الدراسة وسيكون تحت مظلة وزارة العمل، ولو نجحت تجربتها فلن يكون هناك عمالة سائبة. إعلانات وهمية! من جهة أخرى حصرت اللجنة الوطنية للاستقدام المكاتب الأهلية غير المرخصة التي تدعي نظاميتها، ووقع ضحيتها كثير من المواطنين؛ بإنشائها موقعاً إلكترونياً يحمل أسماء مكاتب الاستقدام النظامية وتصنيفاتها. واستغرب سعد بن نهار البداح رئيس اللجنة في حديث ل "الرياض" انتشار إعلانات المكاتب الوهمية بكثرة في الآونة الأخيرة، من دون وجود رادع لها، داعياً اللجنة للقيام بخطوة تقلص من نشاط هذه المكاتب المخالفة وتساهم في توعية المجتمع بالمكاتب النظامية المرخصة من الجهات المعنية، التي تكفل للأفراد حقوقهم. وقال لقد "أصبحنا نجد إعلانات متلاحقة لمكاتب غير مرخص لها بمزاولة الاستقدام، أو أن الترخيص الممنوح لها يقتصر على نشاط التعقيب، وهو ما أوقع مواطنين ضحية لهذه المكاتب، وكبدهم خسائر طائلة بسبب عدم وجود مرجعية لتلك المكاتب تكفل لهؤلاء حقوقهم؛ فإذا نظرنا إلى وزارة العمل نجدها ليست الجهة المسؤولة عن هذه المكاتب، ووزارة التجارة أيضاً ليست مسؤولة عن الممارسين لنشاط الاستقدام من دون ترخيص، ولذا رأينا في اللجنة الوطنية للاستقدام أن الأمر لابد معه من اتخاذ خطوة تسهل على المجتمع معرفة الممارسين النظاميين لنشاط الاستقدام في المملكة". سعد البداح وأضاف أنه رغم إعلانات اللجنة التحذيرية المتكررة عن هذه المكاتب المخالفة وعدم وجود ضمانات مالية لهذه المكاتب لدى وزارة العمل، إلا أن شريحة كبيرة من المواطنين مازالت تقع ضحية هذه المكاتب غير المرخصة، وتنجذب نحو عروضها المغرية العالية المخاطر في الوقت نفسه، مشيراً إلى أن "هذه المكاتب المخالفة تستغل الظروف الصعبة، التي يمر بها سوق الاستقدام السعودي في أوقات معينة، نتيجة تأخر وصول العمالة من بلدانها لعدة أسباب؛ لتضع إعلاناتها المغرية وغير الدقيقة، ومن ذلك زعمها باستقدام العمالة في أوقات وجيزة". وأشار إلى أن اللجنة لزيادة توعية المجتمع وأفراده في هذا الجانب أطلقت موقعاً الكترونيا خاصاً بها؛ ليتمكن المواطنون من التأكد من نظامية المكاتب الأهلية التي يعتزمون التعامل معها، ووجود تراخيص سارية المفعول لهذه المكاتب، لافتاً إلى أن المكاتب المدونة في هذا الموقع مصنفة بحسب المنطقة والمدينة التي يتبع لها المكتب. مشروع الاستقدام الموحد وقال البداح إن وزارة العمل تشترط على الراغبين في ممارسة نشاط الاستقدام في السعودية؛ الحصول على مؤهل جامعي مع تقديم ضمان بنكي بقيمة 300 ألف ريال، إلى جانب اشتراطها عدم افتتاح فروع لمكاتب الاستقدام حتى يكون حسين المري المستثمر متابعاً لكافة أعمال مكتبه ومركزاً جهوده في اتجاه واحد ليتم الوفاء بالتزامات المواطنين، وإحضار العمالة المطلوبة في الوقت المحدد، مشيراً إلى انتشار قضايا تلاعب من مكاتب استقدام وهمية في الآونة الأخيرة، حيث تتخذ هذه المكاتب من الإعلانات المغرية، والوعود الكاذبة بسرعة استقدام العمالة المنزلية، وسيلة لجذب المواطنين إليها، غير أنها سرعان ما تخدعهم بعد حصولها على المبالغ المالية اللازمة؛ الأمر الذي ورط هؤلاء وأوقعهم ضحايا لتلك المكاتب، وذلك في وقت لم يجدوا جهة معنية عناية واضحة بمثل هذه القضايا. وأضاف أنه على الرغم من أن إعلانات المكاتب المخالفة تملأ الصحف من دون أن تحتوي هذه الإعلانات على أسماء لمكاتب، إلا أن إعلاناً للجنة الوطنية للاستقدام أتى بعد ذلك ليشترط على جميع المكاتب الأهلية، التي تود نشر إعلانات عن خدماتها في الصحف أن تدون أسماء مكاتبها في هذه الإعلانات؛ وحاولت المكاتب غير المرخصة بعد ذلك الالتفاف على هذا الاشتراط من خلال تدوينها أسماء مكاتب وهمية. وأشار إلى أن مشروع شركات الاستقدام الموحدة، إذا لم يراع حقوق الوطن والمواطن والعامل، ولم يساعد على إنهاء معاناة هذه الأطراف فلا فائدة منه، موضحاً أن "معاناة المواطن تتمثّل في فترة الانتظار الطويلة ووصول العمالة بشكل غير مدرب، وعدم إكمال العامل للعقد، والوطن يعاني من هروب العمالة التي تعرضه لمخاطر أمنية، والعمالة تعاني من هضم أرباب العمل حقوقها المالية، وعدم إعطائها الوقت الكافي للراحة، ويجب أن تأخذ الشركة هذه الأمور بعين الاعتبار". ولفت البداح إلى أن اللجنة الوطنية للاستقدام متوافقة مع بنود لائحة شركات الاستقدام الموحدة بنسبة كبيرة، وليس هناك من مآخذ على اللائحة سوى بعض التحسينات التي يتم بها سد ثغرات قد تكون موجودة في اللائحة، وتؤدي مع ذلك إلى عدم تحقيق أهداف الشركات، منوهاً إلى التوافق الكبير في الآراء بين لجنة الاستقدام ووزارة العمل.