الحديث المميز الذي تحدث به صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض خلال استقباله لضيوف معرض الرياض الدولي للكتاب الذين زاروا سموه في مجلسه بقصر الحكم تضمن مجموعة من القيم والأسس المهمة التي تؤكد على الرؤية الناضجة العميقة نحو قضايا متعددة من المهم التوقف عندها والحديث حولها، ولعل أبرز ذلك التأكيد على الهوية الإسلامية لهذه البلاد منذ أن تأسست الدولة السعودية الأولى والثانية ثم الدولة الثالثة التي أسسها الملك عبدالعزيز وسار على نفس الخطى أبناؤه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله - حتى استلم الراية الملك عبدالله الذي يقود البلاد حالياً للخير والمعرفة في خطى جعلت سياسة المملكة في التعامل مع القضايا الدولية الحكيمة والسديدة وتصريحات خادم الحرمين الشريفين وما أدلى به في مؤتمرات القمة العربية والقمة الخليجية ودعوته للتآلف والتعاون تظهر أن المملكة تتحمل مسؤوليتها أمام العالمين العربي والإسلامي والعالم أجمع بصفتها خادمة الحرمين الشريفين وقبلة للمسلمين ومهبطاً للوحي. وقد عكس حديث الأمير سلمان موقف المملكة من النزاعات أياً كانت، وحرصها الأكيد على السلام والأمن بين الدول والشعوب، وتعزيز لغة السلم الدولي بين المجتمعات، وحل كل النزاعات بالطرق السليمة، كما ألمح سموه إلى ذلك السجل الحافل من الأيادي البيضاء للمملكة في هذا السياق، ودورها في تكريس السلام في غير مكان من بؤر التوتر في العالم، اتساقاً مع سياستها الثابتة والأصيلة في دعم الاستقرار الدولي، والعمل على تجنيب الشعوب ويلات الصراع ومخرجات العنف التي لا تسهم إلا في تغذية الضغائن، وصرف الأنظار عن الدور الحقيقي للإنسانية في عمارة الأرض. وحين تحدث الأمير سلمان عن الكتاب مع ضيوف المعرض جاء حديثه حديث المثقف المحب العاشق لأن كل من يعرف سموه يعرف حبه وعشقه للكتاب وعنايته التامة به ومن هنا جاء تأكيد الأمير سلمان على أن الشهادات التي يحملها الناس مهما كانت مستوياتها العلمية لا تكفي دون أن نجعل الكتاب صديقنا الدائم لأنه المدرسة والجامعة التي نتعلم منها، لأن العلم والمعرفة والتطور مرتبطات بصحبة الكتاب وصداقته في جميع الفنون والمعارف والتخصصات دون النظر إلى الشهادات، وهذه لفتة مهمة من سمو الأمير سلمان لأننا نعيش وسط عالم يتسابق أفراده ويتنافسون على العلم والمعرفة وبدون ذلك لن يكون لنا قيمة أو أهمية، والارتباط بالكتاب بالقراءة من أهم وسائل التعليم الإنساني التي من خلالها يكتسب الإنسان العديد من المعارف والعلوم والأفكار، وهي التي تؤدي إلى تطوير الإنسان وتفتح أمامه آفاقاً جديدة كانت بعيدة عن متناوله، وهي من أكثر مصادر العلم والمعرفة وأوسعها، حيث حرصت الأمم المتيقظة على نشر العلم وتسهيل أسبابه، وجعلت مفتاح ذلك كله من خلال تشجيع القراءة والعمل على نشرها بين جميع فئات المجتمع، وهي من أهم وسائل نقل ثمرات العقل البشري وآدابه وفنونه ومنجزاته ومخترعاته، وهي الصفة التي تميز الشعوب المتقدمة التي تسعى دوماً للرقي والصدارة، ولذا جاءت فكرة إقامة معرض الكتاب السنوي الذي يعد مهرجاناً ثقافياً وأدبياً وعلمياً يؤكد قيمة الثقافة بوصفها مكتسباً للأمم والشعوب وتراثاً إنسانياً خالداً.