سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قانوني: المادة 73 من نظام المرور وما تحتويه من مضاعفة الغرامات المالية ينطوي على مخالفة للنظام الأساسي للحكم مطالباً بعدم عرض آراء العلماء الخلافية في وسائل الإعلام
أكد خبير قانوني أن المادة (73) من نظام المرور والتي تنص على مضاعفة الغرامات المالية انطوت على مخالفة ضمنية لأحكام نصوص مواد النظام الأساسي للحكم ولاسيما المواد (7 ،8 ، 23، 26) منه، مطالبا بإحالة موضوع الغرامة على المخالفات المرورية لهيئة كبار العلماء لإبداء الرأي الشرعي حيالها، ولكي يصار إلى الالتزام بما يصدر من الهيئة من رأي موحد ويكون ملزماً لكل الناس العامة والخاصة على حدٍ سواء، وإلى مجلس الشورى لدراستها – بحكم الاختصاص - من ناحية نظاميتها، ومدى موافقتها للنظام الأساسي للحكم من عدمه. وأوضح مفلح بن عبدالله المطلق المسشار الشرعي والقانوني والمحكم المعتمد من وزارة العدل في مجال التحكيم التجاري والإداري أن الخلاف الفقهي بين العلماء حيال هذه القضية أحدث كثيرا من التساؤلات فيما يتعلق بالحكم الشرعي للإجراء الذي تقوم به الإدارة العامة للمرور بمضاعفة الغرامة على المخالفات المرورية، والذي استند إلى معلومات متواترة ومختلفة بنى عليها العلماء فتاويهم، مشيرا إلى أن المستند الذي تستند عليه الإدارة العامة للمرور هو نص المادة(73) من نظام المرور الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/85 وتاريخ 26/10/1428ه، والتي نصت على "تحرر مخالفات السير بموجب نموذج ضبط موحد ومعتمد، يحدد المخالفة، والمدة المقررة لدفع قيمتها. وللمخالف دفع الحد الأدنى للغرامة لأقرب إدارة مختصة في مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ تحرير المخالفة بموجب إيصال رسمي. وعلى الإدارة المختصة في حالة عدم التسديد في المدة المقررة إلزام المخالف بدفع الحد الأعلى للغرامة، وتحدد اللائحة إجراءات ضبط المخالفات والمدد المقررة لدفع قيمتها". وقال المطلق ان من يتأخرون في سداد الغرامة غالبا هم الفقراء والمعسرين ؛ومثل هؤلاء أولى بالعفو والفضل من تغليظ العقوبة بمضاعفتها، أو تبديلها بعقوبة أقسى وأشد تنكيلاً، مضيفا :"أفهم أيضا من خلال قراءاتي في مجال العقوبة التعزيرية – وبالمال بوجه خاص- أنها لا ينبغي أن تصل العقوبة التعزيرية – كماً وكيفاً- إلى مثل العقوبة الحدية المتفقة معها في الجنس، هذا القول أعدل الأقوال في أكثر التعزير". وأبان المطلق أن أجناس التعزير تختلف حسب الجرم؛ فمنه ما يكون بالتوبيخ والزجر بالكلام، ومنه ما يكون بالحبس أو بالتغريب والنفي عن الوطن، ومنه ما يكون بالضرب، إضافة للتعزير المالي الذي يقره ولي الأمر، مؤكدا أن تطبيق هذه العقوبات ينبغي أن يكون من منطلقات أهداف العقوبات الشرعية في الإسلام على العموم؛ الردع والزجر والعدالة، لا أن تتحول إلى نوع من الانتقام والتعجيز حسب الأدلة والنصوص الشرعية. وأوضح المطلق الجدلية في قضية مضاعفة الغرامات المالية بقوله "عندما يعجز المخالف عن السداد تتضاعف العقوبة، وكلما عجز عن الأداء في الأجل المضروب له، تضاعف له الغرم من جديد، حتى يعجز تماماً، فيسجن أو يموت كمداً، ويترك ذرية ضعافاً، أو أسرة يكون أفرادها عرضة للتشرد والضياع أو الانحراف والسخط على المجتمع كله، وأصل ذلك الوبال عقوبة على مخالفة مرورية لا حول لهم فيها ولا طول". وطالب المستشار المطلق بالتدرج في تطبيق العقوبة مع التدرج بعقوبة التأخير، بمراعاة الفرق بين مطل الغني وفقر المعسر، موضحا أن التشريعات الوضعية القانونية أقرت ما يعرف بالأعذار القانونية للإعفاء الوجوبي من العقاب على الرغم من ثبوت المسئولية الجنائية، كما عرفت أعذاراً أخرى للتخفيف الوجوبي، مضيفا "إذا كان الأمر كذلك فحري بالأنظمة المتبعة في المملكة أن تراعي تخفيف العقوبة أو حتى إلغاءها نهائياً بالنظر إلى ظروف من تقررت عليه الغرامة أو العقوبة المالية، إن العقوبة وفق المنظور الحديث في سياسة التجريم والعقاب؛ يجب أن تشتمل على عدة خصائص تحقق الغرض من فرضها، ومن ذلك، شخصية العقوبة, قانونية ومشروعية العقوبة، مساواة العقوبة، عدالة العقوبة". وقال المطلق ان العقوبة قائمة على مبدأ المساواة بين الناس – تأصيلاً وتطبيقاً – كأساس، بيد أن هذا المبدأ كثيراً ما يتحايل عليه البعض، وعلى فرض أنه موضع احترام إلا أنه لا يتحقق في العقوبة المالية؛ حيث لا يتأثر بها إلا الفقير المعدم، أما الموسر فلن يلحقه كبير أذى، موضحا ان الفقير إذا عجز عن الدفع – وهو المنتظر من حاله – فإما أن يحبس وحبسه غير جائز بسبب فقره، وإما أن تفرض عليه عقوبة أخرى، ولا شك أن العقوبة المالية أخف بكثير من العقوبات الأخرى فتنتفي المساواة بينه وبين الغني، أو على أقل تقدير تكون زاجرة في حق نفر من الناس دون سواهم، أو يمكن القول بأن الجناية أو المخالفة التي تستلزم دفع الغرامة تصبح ذات أثرين مختلفين في المجتمع في وقت واحد، وهذه النتيجة المزدوجة تهدد المجتمع وتُعدُُ من مظاهر التناقض والاضطراب فيه. واقترح المطلق عدم عرض آراء العلماء الخلافية في وسائل الاعلام، وإنما يتعين حصرها داخل إطار المؤسسة الدينية الرسمية، وذلك حفاظاً على مكانة المؤسسة الدينية كمرجعية رسمية للدولة وللعامة في كل ما يتعلق بأمور الشرع، ومنعاً من حدوث البلبلة جراء تعارض الفتاوى، ولكي لا يسار إلى قيام مناصرين لرأي دون رأي، معتبرا أن الأمر بوضعه الحالي يسبب الكثير من الإضرابات والانقسام والفتن، مضيفا "أن المادة(45) من النظام الأساسي للحكم قد اعتبرت أن مصدر الإفتاء في المملكة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد بينت المادة ترتيب هيئة كبار العلماء، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء واختصاصاتها، وأن المادة (39) من ذات النظام قد نصت على التزام وسائل الإعلام والنشر بدعم وحدة الأمة، وحظرت عليها نشر ما يؤدي إلى الفتنة أو الانقسام".