أكد المفكر الأمريكي الدكتور جون اسبيزيتو أستاذ الدراسات الإسلامية والأديان بجامعة جورج تاون أهمية تفعيل الحوار الثقافي والحضاري بين العالم الإسلامي والغرب لتحقيق مزيد من التفاهم والتعاون. وأضاف أن ما يجري حاليا من حوارات لا يخرج عن كونه نوعاً من المجاملات وان الحوار الحقيقي لم يبدأ بعد بدليل ان ما نراه من جهل بالحضارات الأخرى أدى إلى خروج صمويل هنتنجتون بنظرية تقول بحتمية الصراع بين الحضارات، واصفا هذه النظرية بأنها مجرد آراء تكونت نتيجة لمواقف شخصية تفتقد إلى المعايير العلمية الدقيقة في الحكم على الأمور بموضوعية، وتنم عن عدم معرفة بطبيعة الثقافات والحضارات الاخرى. وقال في تصريحه ل "الرياض" على هامش مشاركته في الملتقى العالمي لخريجي الأزهر الذي عقد بالقاهرة مؤخرا: ان الحاجة إلى تكثيف الحوار بين الثقافات والحضارات لتلافي أية أفكار شاذة تروج لفكرة الصراع بين الحضارات والثقافات. كما اشار إلى الاهتمامات الأمريكية بدراسة الإسلام والتعرف على الحضارة الاسلامية، لافتا في ذلك إلى بناء مركز للعلاقات الإسلامية المسيحية بجامعة جورج تاون. وحول رؤيته لسياسة الكيل بمكيالين التي يتبعها الغرب في تعامله مع قضايا العالم العربي والاسلامي والتي تعكس إيمانه العميق بمبادىء نظرية الصدام بين الحضارات والثقافات. وأكد اسبيزيتو: أن النزاع بين الغرب والعالم الاسلامي بعيد كل البعد عن الحتمية لأنه – حسب تصوره - أن هذا النزاع يتعلق بالسياسة أكثر من تعلقه بالمبادىء وبالمظالم السياسية وبالمخاوف بدلا من الدين أو تصادم الحضارات والثقافات مشيرا إلى ان أن النزاع الدائر حاليا بين الغرب والعالم الاسلامي ليس بسبب الاختلاف العقائدي والحضاري، وإنما بسبب تبني الغرب لتطبيق سياسة المعايير فى تعامله مع قضايا الدول الإسلامية والذي يقف من وراء ممارسة هذه السياسة الخاطئة بعض الجماعات واللوبيات التي لها تأثير على متخذي القرار في الغرب. وشدد على أن بناء الاحترام بين الإسلام والغرب بشكل عام والولاياتالمتحدةالامريكية بشكل خاص يتطلب بناء الثقة، كإقامة خطوات عملية لها علاقة بالسياسة العامة والخارجية، وهو ما يجعل للدبلوماسية دورا هاما في هذا المجال. وأضاف أن الولاياتالمتحدة في عهد الرئيس اوباما تتجه بالفعل إلى إعادة بناء العلاقات مع العالم الإسلامي والتعامل مع المسلمين، وهو ما بدا واضحا في خطاب الرئيس باراك أوباما الأخير الذي وجهه للعالم الاسلامي من القاهرة منذ بضعة شهور. اضاف ان ما يعزز هذا الاتجاه ان تتخذ خطوات الولاياتالمتحدة خطوات عملية تجاه مسلميها، كعقد حوار مجتمعي يؤدي إلى نوع من التقارب وتبادل وجهات النظر. وحول الدور الذي يستطيع الغرب أن يقوم به لتحسين العلاقات مع العالم الاسلامي، قال اسبيزيتو ان هناك ردود الفعل السريعة التي تظهر مزيدا من الاحترام للإسلام وبالمقابل فإنه لا توجد نتيجة إيجابية إلى الآن لتحسين العلاقات بين أتباع الأديان الثلاثة، وقال: "لقد سئمت من سماع أن الإسلام واليهودية والنصرانية كلها أديان سماوية يجب أن تعيش في سلام، لأننا لا نعيش فعلا هذا السلام". واستطرد: "تكرار هذا الكلام ليس هو الحل، لكن علينا أن نترجم هذه الكلمات إلى توجهات حقيقية، وأن نضع أيدينا على تحديات لحلها"، مضيفا أن على المسلمين أن يبذلوا جهدا أكبر مع المسيحيين لتحديد نقاط التقاء لإقامة مشروعات مشتركة.