أشاد المحامي والمستشار القانوني د.خالد النويصر بالجهود الوطنية الكبيرة والمهمة التي قامت بها لجنة التحقيق وتقصي الحقائق في أسباب فاجعة سيول جدة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة من خلال الوقوف والاستقصاء والتحري والتحقيق في مختلف أبعاد وأسباب فاجعة جدة، حيث أدت اللجنة واجبها في وقت وجيز قياساً بحجم الكارثة وأنهت كل ما أُسند إليها من مهام من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (أيّده الله)، وتوّجت ذلك برفع تقريرها للمقام السامي، لاتخاذه ما يراه من توجيهات ملكية سديدة. وطالب بالعمل على إعادة النظر في نظام مكافحة الرشوة للحد من انتشار الفساد الإداري والمالي بالمملكة، لأن ذلك له تأثير سلبي على صورة المملكة في ظل متطلبات معايير الشفافية العالمية، إلى جانب تداعياته السلبية على تدفق الاستثمارات الأجنبية للمملكة، موضحاً أن الفساد الإداري والمالي يعتبر آفة وجدت في كثير من المجتمعات، حيث يمكن تعريف الفساد الإداري بأنه استغلال من قبل فرد أو مجموعة للمركز الوظيفي للحصول على منافع بطريقة غير مشروعة، وللفساد الإداري أنواع عديدة اشهرها ما يعرف بالعمولات وهو ما يطلبه أو يفرضه الموظف المسؤول في إحدى المصالح العامة من المؤسسات التجارية الممولة أو العملاء من الأفراد والمؤسسات نظير تسهيل أو إنجاز مصالحهم أو عدم اتخاذ إجراءات لدى جهة معينة، حيث تُعتبر الرشوة من أكثر أشكال الفساد الإداري شيوعاً، وهي في العادة تُعرض من قبل المستفيد من الخدمة على الموظف المسؤول من أجل تسهيل الحصول على خدمة ما، وغالبا ما تكون على حساب الآخرين أو على مصالح الدولة، بينما الاختلاس والسرقة يعدان من قبيل السطو على ممتلكات المصلحة العامة أو استغلالها بطريقة غير مشروعة، حيث تحصل من قبل الموظف الذي سُلم أمانة فاستغل ضعف الرقابة للحصول على مكاسب غير مشروعة، وقد يكون أخطر أنواع الاختلاسات تلك التي ترتكب من قبل موظفين في المصلحة العامة التي تكون مرتبطة بحياة الأفراد. وقال د.النويصر إن الدولة قد أولت أهمية قصوى بشان محاربة الفساد الإداري والمالي، حيث تم اتخاذ العديد من الخطوات الإيجابية لمكافحته، وذلك من خلال نشر وتعزيز ثقافة مكافحة الفساد الإداري والمالي في المجتمع باستخدام جميع الوسائل الإعلامية المتاحة إلى جانب إقامة ورش العمل والندوات المتخصصة في هذا المجال. وأشار إلى أنه يقترح أن يُعدل النظام السابق بهدف زيادة المكافآت التشجيعية سواء المادية أو المعنوية للموظف أو الفرد الذي يُدلي بمعلومات عن جرائم تتعلق بالرشوة بنسبة أكبر من الحجم المنصوص عليه في النظام، وذلك حرصاً على الصالح العام وإن كان ما يُدلي به الموظف أو المواطن العادي يُعد مما يمليه عليه ضميره وواجبه الوطني وأنه ليس في انتظار الشكر على ما يقوم به، كما يُفضل النص على التنوع في المكافآت التي قد تُمنح لمن يُبلّغ عن هذه الجرائم. وركّز على وجوب أن توفر الجهات الحكومية ذات الصلة الضمانات والحصانات الكافية التي تؤمن حجب شخصية أو اسم من يُبلغ عن جريمة الرشوة وعدم النيل منه من قبل الراشي أو الوسيط أو المرتشي، وأشار إلى أهمية تفعيل دور الجهات الحكومية ذات الصلة بمكافحة الرشوة بحيث لا يكون دورها تالياً لاكتشاف الجريمة أو فاعليها، وإنما يجب أن يبدأ دورها قبل وقوع هذه الجرائم، ولا يمنع ذلك من أن يكون لها صوتاً إعلامياً يرشد الأفراد والموظفين إلى جرائم الفساد وطرقها وأنواعها والإبلاغ عنها والجهات المختصة بها وذلك درءاً لوقوع هذه الجرائم. إذ إن الوقاية دوماً خير من العلاج. وأوضح أنه يمكن أن تتعدى العقوبة المقررة لجرائم الرشوة والمنصوص عليها في نظام مكافحة الرشوة شخص الراشي أو الوسيط لتنال هذه العقوبة بأشكال مختلفة الجهات أو الشركات أو الإدارات أو المكاتب إذ ما ثبت أن العمل المطلوب من جريمة الرشوة يختص بها أو أنها لها مصلحة في إدارة أو رفض هذا المطلب. واستدرك أن النظام السابق قد خلا من النص على جريمة التربح ووضع عقاب على مخالفتها رغم أهمية هذه الجريمة على الوظيفة العامة، وقد نصت الكثير من النظم القانونية العربية عليها نظراً لخطرها، حيث ترتكز هذه الجريمة على استغلال الموظف العام لوظيفته ليحصل على عمولات أو مقابل من جهات أو أفراد في غير ما صرح به الشرع والنظام. وخلص د. النويصر إلى أنه يمكن مكافحة الرشوة عن طريق دراسة الأسباب المؤدية إلى قيام البعض بجرائم الرشوة، إلى جانب بحث الآليات المثلى لحلها من خلال تفعيل دور الهيئات الرقابية والجهات المساعدة الأخرى على ضوء الأبحاث والدراسات السابق إعدادها في هذا السياق، إلى جانب توسيع الشراكة بين الجهات المختصة ووسائل الإعلام لتبيان خطورة جرائم الرشوة، نظراً لدور الإعلام الكبير والفاعل في عملية التوعية والتثقيف والتنشئة.