وطن لا تراث له لن يكون له حاضر ولا مستقبل، والأرض التي لا تربطها علاقة بالتاريخ لن يكون لها هوية.. هكذا هي المعادلة باختصار، فمن لا ماضٍ له فطبيعي لا يكون له حاضراً ولا مستقبلاً. وبلادي تحتفل بتظاهرتها الخامسة والعشرين الثقافية الشاملة التي انطلقت للوهلة الأولى عام 1405ه وبالتحديد في الثاني من شهر رجب حاملة اسم (المهرجان الوطني الأول للتراث والثقافة)، والذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – بعد أن بارك الفكرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، هذه التظاهرة الشعبية، الثقافية، الجماهيرية، الواسعة التي كانت في البداية لا تتجاوز سباق الهجن السنوي حتى أصبحت ولله الحمد ثم بدعم ولاة الأمر مهرجاناً وطنياً للتراث والثقافة، ومناسبة تاريخية ومؤشرا عميق الدلالة على حرص ولاة الأمر على الاهتمام بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة، كما أنه يعتبر مناسبة وطنية تجمع بين الماضي العريق بأصالته وعمقه والحاضر الزاهر بمعطياته العصرية، والحضارية، ولو بحثنا في أهم الأهداف التي من أجلها تم اعتماد هذا النشاط السنوي، الوطني، التراثي، الثقافي، لوجدنا أن الهدف هو التأكيد على هويتنا الإسلامية العربية الأصيلة ونقل صورة عن أرضنا وأسلافنا وقيمنا للأجيال القادمة. لتبقى الصورة راسخة في أذهان أبناء الوطن، الصورة المشرقة، المشرفة، التي حافظت بلادنا ممثلة في قيادتنا الحكيمة في الإبقاء عليها وعلى ثوابتها الراسخة وعبق ماضيها الأصيل، كون التراث أحد الأسس المهمة التي تٌشيد عليها الحضارة، ويجسد هذا المهرجان الوطني الكبير التراث السعودي والثقافة السعودية والحفاظ على معالم بيئتنا السعودية وذلك من خلال إنشاء (قرية تراثية) تساهم في كل أجزاء هذا الوطن المترامي الأطراف بالحضور لتأكيد (الهوية، وإثبات الأصالة)، وقد تجاوزت هذه التظاهرة الرائعة الحدود الإقليمية، وذهبت إلى ما هو أبعد وذلك من خلال النشاطات، والفعاليات، والأمسيات الشعرية، والمشاركات الأدبية والثقافية، والمعروضات الشخصية، كالمقتنيات والابتكارات في مختلف المجالات وبمساهمة من جميع (الدوائر الحكومية والأفراد)، كما أنه يعتبر من أهم الملتقيات الفكرية والأدبية وذلك على المستوى العالمي، حيث يتم استقطاب رموز الأدب والفكر والثقافة على مستوى العالم للحضور والمساهمة، والاطلاع على أدق التفاصيل الثقافية والإبداعية والإنسانية في المملكة من خلال المحاضرات والندوات والأمسيات العلمية. هذا العام هو المهرجان الخامس والعشرين وهو بلا شك سيكون الأفضل لأننا نلاحظ الاهتمام من منظموه وعلى رأسهم مهندس المهرجان صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، حيث التطور والتقدم في العرض والأداء من عام لآخر – بلادي هي المملكة العربية السعودية التي تستند على مخزون تراثي أصيل، وعظيم، وتاريخ إنساني مليء بصور الصمود والإصرار والتحدي – فقد توجت بوشاح الافتخار بين دول العالم كونها حافظة على قيمها وتراث أبنائها بفضل من الله ثم ما يوليه خادم الحرمين الشريفين من رعاية واهتمام شخصياً منذ بدء المهرجان قبل سبعة وعشرين عاماً - ليس لي إلا أن افتخر ببلادي بقيادتها وأبنائها وأبارك للجميع هذا الحرص على تأكيد (الهوية وإثبات الأصالة). * الباحث الاجتماعي والمحاضر بكلية الملك فهد الأمنية