هل فشل المعهد في إيصال رسالته ؟ هل قام بأدائها على الوجه الأكمل ؟ لا أتصور أن الإجابة عن أي من السؤالين بنعم أو لا ستكون منصفة ، ذلك أن هناك منطقة وسطى بين الإجابتين لا كما قال نزار : لا توجد منطقة وسطى مابين الجنة والنارِ المعهد أنشئ بموجب مرسوم ملكي في تاريخ 24/10/1380ه ، كهيئة حكومية مستقلة ذات شخصية اعتبارية ، بهدف رفع كفاية موظفي الدولة وإعدادهم علميًا لتحمل مسؤولياتهم وممارسة صلاحياتهم على نحو يكفل الارتقاء بمستوى الإدارة ويدعم قواعد تنمية الاقتصاد الوطني ، كما يختص المعهد بالمساهمة في التنظيم الإداري للإدارة الحكومية وإعطاء المشورة في المشكلات الإدارية التي تعرضها عليه الوزارات والأجهزة الحكومية ، والبحوث المتعلقة بشؤون الإدارة وتوثيق الروابط الثقافية في مجال الإدارة العامة وتنقسم أنشطته إلى أربعة أقسام رئيسة هي : - التدريب (أثناء الخدمة وقبل الخدمة) - الاستشارات - البحوث الإدارية - التوثيق الإداري وهنا يمكن لنا أن نتساءل عن مدى مردود ونتائج هذه الأنشطة بعد خمسين عاما على العمل بها ومن خلالها . الواقع لا يسر بالتأكيد في كثير من مؤسسات الوطن العامة وتلك التي تعرضت لشيء من برامج المعهد في القطاع الخاص ، فما تزال هناك فجوات كبيرة بين النظري والتطبيقي وما تزال ثقافة الإنجاز شبه غائبة والرضا الوظيفي متدنٍ جدا وقيم العمل تعاني لدينا من الهجر والعقوق ، والإجراءات البيروقراطية لا تزال تضرب أطنابها وحرابها في قلوب ورؤوس أجهزتنا الإدارية ولا زال الترهل الوظيفي ينشر شباك البطالة الملثمة وبطء المرور في مسير الإجراء الإداري وتأخر القرار ، والمعهد لازال برتابة برامجه المعتادة وتكرار أسلوب أدائه عبر السنين ، الأمر الذي انعكس على الأداء العام كنتيجة لتجربة مشابهة لا كربونية لتجربة بلد شقيق مجاور متأخر تنمويا برغم فرص الانعتاق الكثيرة المتاحة له . ما يجعلني ألتمس العذر للمعهد ، وفي وسطية الإجابة عن السؤالين أعلاه وكون المعهد لم ينجح ولم يفشل على الإطلاق أن لدينا أساساً مشكلة إنسان ، في فكر ومنهج تفكير وطريقة تلقّ ، وفي ممارسة وتطبيق وطريقة تعاطٍ مع الجديد ، والميل إلى رفض التغيير على طريقة المثل العامي (الله لا يغيّر علينا). ومشكلة الإنسان هذه تتزامن مع مشكلة نظام ، فمعظم أنظمة الأجهزة الحكومية وضعت في بدايات تكوين الدولة الفتية ولا يزال العمل جاريا بها رغم التغيرات التقنية والإدارية الكثيرة ، وهاتان المشكلتان لا دخل للمعهد بهما على أية حال ،كي لا أتجنى وقبلي وبعدي كثيرون عليه .