ربما كانت حالة مايسمى بأنفلونزا الخنازير هي نتاج للغيرة التي أصابت الخنازير مما تراه في وسائل الإعلام من تهميش لها ولدورها المؤثر في المحافظة على نظافة البيئة واقتصار الحديث عنها في وجبات الطعام ولفائف البرغر فقط هذا إذا ذكرت أصلاً، في الوقت الذي تشاهد فيه الخنازير الإعلام وهو يتحدث عن البقر وما فعله عندما جنّ ليهدد مجانين البشر وعقلائهم وكذا تشاهد مذيعي نشرات الأخبار وهم يتسابقون على إحصاء الوفيات اليومية من آثار زكام الطيور المشهور ولسعات الملاريا من قبل والتي تصغرها حجماً. يبدو أن الخنازير لم تتحمل كل هذه المشاهد المحطمة للآمال فقررت قراراً مصيرياً بأن تضع حداً لسنوات الذلّ والتهميش وأن يكون لها قيمة معتبرة في زمن لا يعترف إلا بالقوة. ولكن أين بعيرنا من كل مايحصل مع أنه يفوق الخنازير حجماً وارفع منها قدراً وأجنّ منها عقلاً لو قرر الهيجان مثلاً، أم أن انشغاله بعرض محاسنه حال دونه ودون فتوته المعروفة عنه في غابر الأيام عندما يشتد الكرب ويحمى الوطيس، ولكن يبدو أن البعير المصون لا يرغب في مخالفة القاعدة العلمية المعروفة من أن الكائن الحي عادةً ما يتطبع ببعض أطباع البشر المحيطين به ويتآلف معهم، لذا كان من الحماقة أن ينطوي على نفسه ويهجر الناس فعزم على استبدال هيجانه القديم بهوجة أخرى يمكن أن نصفها بهوجة القرن الجديد واستبدال الكرّ والفرّ اللتين كان يفعلهما في رحى المعارك إلى خطوتين للأمام وأخرى للخلف وسط حشد من المصفقين والمصورين تحقيقاً للحكمة الشعبية المشهورة ( إن جيت قوم امش بسلمهم وإلاّ رح وخلّهم ) !