لكم أن تتخيلوا قبيلةً جميع أفرادها من الشجعان الصناديد، ولكن القدر يأبى إلا أن يُشوه سمعتها وتاريخها البطولي بولادة جبان رعديد يخاف من الخروج في ظلمة الليلة، فتجتمع القبيلة للبحث عن حل لتدارك هذه الكارثة، فلا تجد بعد اجتماعها حلاً أفضل من قتل ذلك الرعديد المغلوب على أمره فيُذبح كما تُذبح الدجاجة! أظن بأنه من السهل عليكم تخيل مثل هذا المشهد في حكاية خيالية أو في حلقة من مسلسل هزلي، أما تخيل وجوده في الواقع فأعتقد بأنه أمر شديد الصعوبة لدى معظمكم على الأقل، مع أن عدداً من الشعراء استحسنوا ترديده على مسامعنا في قصائدهم التي يتفاخرون فيها بشيء لا وجود له إلا في أذهانهم وفي الأساطير وهو (قبيلة الشجعان)! وقد قام أحد الشعراء المعروفين بأخذ هذا المعنى المستهلك مؤخراً وأضاف إليه بعض المُضحكات، فصوَّر لنا في قصيدته أم ذلك الجبان وهي تدعو لقتل ابنها الرعديد جزاءً له على جبنه الطارئ على القبيلة، ومن ثم تمضي للاحتفال مع النساء وجميع أفراد القبيلة بالخلاص من ابنها الوحيد الذي لا ذنب له سوى أن الله خلقه بقلب ضعيف! جميعنا استمعنا للشعراء القدماء يُفاخرون بقبائلهم ويبالغون في مدحها والحديث عن أمجادها وبطولاتها، وهو أمر مشروع قديماً وحاضراً إن كان هناك مُناسبة تستدعي الفخر، ولكن لا أظن بأن أياً من أولئك الشعراء اجتهد في ابتكار مبالغات ممجوجة ومُضحكة كاجتهاد بعض شعرائنا الشعبيين في هذه الأيام..!