اعتاد الجيل السابق على إطلاق تلك العبارة على الموجة المتوسطة في الراديو ، حيث تتصف بالثبات والصفاء . الملاحظ على الصحافة الورقية في بلادنا هو كثرة إعطاء الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) نصيبا من الاعتماد والصديق . نجد هذا عبر صفحات الأخبار العالمية في صحافتنا . هذا لأننا اعتدنا ، أو جربنا عبر حياتنا في التلقي أن الإذاعة - وبالذات الراديو- له سبق تبناه الآباء في تلقي أخبار الحرب العالمية الثانية ، عندما كان التلقّي أو السماع يحتاج إلى " تجهيزات أرضية " تتمثل في إحكام رفع الهوائي وشحن بطارية سائلة ( بطارية سيارة ) ، والسكوت لسماع دقات ساعة بيغ بن التي تسبق نشرة الأخبار . وكان إذا أراد أحد إضافة قوة مصداقية للخبر يقول : سمعتهُ من لندن . وعلى الرغم من كثرة الخدمات والنشاط الفضائي الكبير جدا إلا أن بى . بي . سي . فيما أرى تحتفظ بقاعدة سماع كبيرة في الوطن العربي . مع بداية إرسال القسم العربي لبي بي سي في الثالث من يناير/ كانون ثان عام 1938 كان التحدي الأكبر هو اكتساب المصداقية سواء بالنسبة للمستمع العربي أو المتابع البريطاني. والتقييمات الحالية أوربية كانت أو أمريكية تُعطي الإذاعة المذكور نقاطا أكثر من غيرها في العالم . وفي لندن – أذكر – يتأهّل كل دبلوماسي أجنبي معتمد من الحكومة البريطانية للحصول على نقل هاتفي سلكي للبرامج التي تبثها الإذاعة بلغة بلاده ، لأنه من غير الممكن فنيّا آنذاك سماع القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية لمن يقيم في بريطانيا. وتفانت الإذاعة في نقل البرامج عبر خط هاتفي قليل التكلفة ، لمن يتقدم بطلب الخدمة من الدبلوماسيين أو أعضاء السفارات . والملاحظ في البث الإذاعي عند بي بي سي ، العناية المهنية وكذا اللغوية فيما يخص النحو والإعراب وأمكنة التوقف . والدقة في اختيار المواد الوثائقية والثقافية التي ستُبث .فلا هي مؤذية لمجموعات دينية أو عرقية ولا مروّجة لعقائد ، أي أنها تُشبه جامعة داخل (ترانزستور) – وحديثي عن الإذاعة المسموعة (الراديو) . وفي السنين الأخيرة استحسنت بعض دول الجوار العربي ، دول الخليج ، العراق . وكذا مصر والسودان وجيبوتي والشمال الأفريقي الاستفادة من التسهيلات التقنية وسهولة التعاقد وكذا الشروط السهلة والأتعاب الرخيصة التي تعرضها بى بي سي ، لتشغيل موجة ( إف إم ) FM في مناطقهم . تلك الموجة العصرية التي تُناسب كل ظرف ، في السفر بالسيارة ، في الحديقة ، في صالات الانتظار في المطارات ، في مضامير المشي والجري . وقالوا إنها أرخص من شركات حديثة لا تملك التجربة ولا القدرة ولا اختيار المادة الرصينة .