التكريم ليس دروعاً وهدايا وإنما يمكن أن يتحول إلى كرنفال فني وجماهيري مدهش.. هذا ما حدث في مسرح جمعية الثقافة والفنون بالدمام مساء الأحد، عندما أصرت لجنة المسرح أن تحتفي بالفنان عبدالمحسن النمر ولكن على طريقتها الخاصة، فمن "زفة المعرس" الشعبية على موكب "صواني الشموع" ورائحة أوراق "المشموم" العطرية؛ انطلق موكب "العريس" النمر.. بين الأصدقاء ورفاق الدرب من ممثلين ومخرجين؛ على إيقاع طبول وأنغام "صوغات" و"أهازيج" فرقة دانة سيهات؛ تكريماً لنجم الدراما السعودية بعد أن حصد جائزة مهرجان القاهرة للإعلام العربي كأفضل ممثل دور ثانٍ عن دور "الأعمش" في مسلسل فنجان الدم. عبدالخالق الغانم متحدثاً عن رفيق دربه والنمر الذي أعطى الفنان السعودي أملاً بأن يتخطى المحلية والخليجية وأن ينافس عربياً حسب مداخلة الفنان جعفر الغريب؛ أثبت أنه حتى ولو لم يعط دور البطولة الأولى إلا أنه ومن موقع أقل مساحة داخل العمل الدرامي، يمكن أن ينتزع الجوائز والإعجاب ويؤكد على قدراته الفنية العالية والتي كانت محل شهادات الأصدقاء والزملاء من المخرج عبد الخالق الغانم الذي أشار إلى أن عبد المحسن، حفر الصخر لكي يخترق مجال الدراما المحلية إلى الخليجية والعربية شاكراً النمر على الجائزة لأنها "شملتنا أيضاً" مؤكداً أن النمر يستحق الجائزة حتى من قبل هذا الموعد، ومذكراً أنه بدأ المشوار الفني مع النمر في وقت واحد "تقريباً" مضيفاً: "كنا نقدم أعمالاً درامية مميزة قياساً للأعمال الدرامية التي كانت تقدم خلال الثمانينات والتسعينيات". مذكراً الجيل الجديد بأن عمل "الطيور" أخذ الجائزة الذهبية من مهرجان القاهرة وكذلك فيلم "شمس" الذي أثار ضجة بداية التسعينيات. وعن فكرة إنتاج عمل درامي جديد يستعيد فيه الغانم نجوم الشرقية قال المخرج السعودي ل"الرياض": أتمنى أن يكون هناك عمل ضخم وأستطيع أن أجمع أكبر عدد من الممثلين في المنطقة الشرقية، أياً كان العمل اجتماعياً أو تراثياً". سمير الناصر وتوقف عبد العزيز السماعيل في مداخلته قائلاً: "إن السبب في تفوق عبدالمحسن النمر هو الإيمان والقناعة الحقيقية بفكرة الفن المنغرسة في أعماقه وهي التي أدت إلى أن يتفوق النجم السعودي ويصل إلى ما وصل إليه". في حين قال الفنان راشد الورثان: "بات عبدالمحسن مطلوباً لأغلب المخرجين ليس لتميزه فقط وإنما بسبب صرامة التزامه بالوقت والحضور والأداء" مذكراً بذلك برواد الفن العربي الكبار في التزامهم المعروف. إلا أن مفاجأة المهرجان كانت مع شهادة "عراب" عبدالمحسن النمر وهو المخرج المسرحي ناصر المبارك، الذي استحضر حكاية اكتشافه لموهبة طفل صغير اسمه عبدالمحسن في إحدى حارات مدينة الدمام نهاية السبيعنيات. متذكراً أن أخو عبدالمحسن الأكبر جاءه في إحدى الأيام وطلب منه أن يأتي ليشاهد مجموعة صبية بينهم كانت تلتمع علامات نبوغ فني عند عبدالمحسن - الطفل الذي كان يؤدي مسرحية صامتة. بعدها وفي عام 1978 أصطحب المخرج المبارك عبدالمحسن ليقدمه لأول مرة على خشبة مسرح جامعة البترول والمعادن في عرض شعر "ممسرح" لأشعار علي المصطفى. ناصر المبارك الذي لم يحضر هدية معه ليقدمها للنمر توجه للجمهور مخاطباً: هديتي لكم هو عبدالمحسن النمر. ناصر المبارك يسرد قصة اكتشاف موهبة النمر وتناوبت شهادات الأصدقاء من الفنان سمير الناصر إلى المنظمين حيث تمنى رئيس قسم المسرح زكي الدبيس أن يرى النمر على خشبة المسرح ثانية عبر عمل مسرحي جديد، خصوصاً وأن بداياته كانت من الجمعية. علماً أن النمر معروف أنه دائماً ما يكرر أنه ابن الجمعية معتزاً ببداياته الفنية فيها. الفقرات التي تنوعت بين (المونولوج) والغناء الضاحك والموسيقى والرقص الفلكلوري والتصفيق الجماهيري، انتقلت إلى عرض فيلم تسجيلي لمشاهد من أعمال مسرحية وتلفزيونية توثق لبدايات عبدالمحسن النمر الفنية، من مسرحية "بيت من ليف" قبل ثلاثين عاماً إلى مشاهد من الفيلم التلفزيوني "الشمس" عام 1990 وهو الفيلم الذي يجسد فيه النمر أولى أدواره المركبة تلفزيويناً لشخصية شاب يفقد بصره في دراما إنسانية لحظة استلامه درع التكريم بالغة الحساسية من إخراج عبد الخالق الغانم. مروراً بمسلسل "أوراق متساقطة" 1992 بجوار الراحل محمد العلي وصولاً إلى "الطيور" و"مجاديف الأمل" وأخيراً مسلسل فنجان الدم. عبد المحسن النمر بداية الزفة الشعبية عبد المحسن النمر الذي لم يتحدث مباشرة مع الجمهور لضيق الوقت، تحدث ل "الرياض" شاكراً الأصدقاء على هذا الحفل المنظم والذي جمعه مع الجمهور الجميل. النمر الذي كان ملتزماً بموعد تصوير مشاهده مع المخرج احمد يعقوب المقلة في صباح اليوم التالي في البحرين؛ أشار إلى أنه وبعد أن شاهد ما شاهد من إمكانيات في مسرح الدمام سوف يفكر جدياً في الظهور مجدداً عبر عمل مسرحي لائق وجديد. النمر مع الزميل علي سعيد