تشتهر منطقة جازان بأسواقها الشعبية التي تزخر بها منذ زمن غابر وتوارثتها الاجيال جيلاً بعد جيل الى يومنا هذا ومازالت هذه الاسواق الشعبية لها شعبيتها وحضورها القوي بين العاشقين للبساطة والمحبين للماضي بتراثه واصالته ليس في منطقة جازان فحسب بل اكتسبت شهرة واسعة خارج المنطقة فيفد اليها المتسوقون من المناطق المجاورة كمناطق عسير ونجران والباحة وتقام هذه الاسواق في محافظات المنطقة وعلى مداد الاسبوع من السبت الى الجمعة مكونة بذلك ملتقى اجتماعي واقتصادي وعائلي ايضاً حتى ان هذه الاسواق كانت قديماً مكاناً لعقد الصلح بين القبائل المتنازعة وعقد الاتفاقيات التجارية بين القبائل كذلك كانت هذه الاسواق ملتقى للشعراء لكي يتداولوا فيها الشعر من مدح وذم وهجاء وغيره من انواع الشعر الشعبي في تلك الحقبة الزمنية. ومن خلال ابراز اهمية هذه الاسواق كرافد تجاري كبير قامت «الرياض» بجولة على بعض هذه الاسواق الشهيرة بالمنطقة والوقوف على اسرارها وما تخفيه في طياتها من ذكرى عطرة لماض صعب نسيانه والتقت بعدد من الذين يرتادون هذه الاسواق الذين امضوا فترات زمنية طويلة في عملية البيع والشراء متنقلين في هذه الاسواق على مدار الاسبوع سواء في المناطق الجبلية او اسواق تهامة. بداية الجولة كانت في سوق (الخوبة) الشعبي في محافظة الحرث او كما هو معروف بسوق الخميس نظراً لوقوعه يوم الخميس من كل اسبوع ويتميز بموقع استراتيجي هام نظراً لوقوعه في مدينة (الخوبة) القريبة من الحدود السعودية اليمنية مما زاد من حركته ونشاطه بسبب جلب الاخوة اليمنيين عدد كبير من السلع والبضائع اليمنية الشهيرة كالبن اليمني ذي الجودة والشهرة العالية وكذلك الموز والسمن والعسل البلدي وبيعها في هذا السوق نظراً لقرب المسافة كذلك يتميز هذا السوق بمعروضاته الشعبية الفريدة والنادرة حيث يوجد في احد اركانه شباب يقومون ببيع عدد كبير من الحيوانات المفترسة والأليفة مثل السباع والغزلان والقرود والديوك الرومية بالاضافة الى ذلك توجد في هذا السوق الشعبي عدد من النباتات العطرية والشهيرة مثل الكادي والبيعثران والفل الصنعاني وكذلك الفل البلدي والشيح والزعتر والشذا وهذه النباتات عطرية جميلة الرائحة كذلك الفواكه الجبلية النادرة مثل الموز البلدي والفركس والعنب والمانجو. ايضاً هناك الازياء الشعبية مثل المصانف والمقاطب والالحفة وايضاً المصنوعات الخزفية كالمظلات والكوافي وكذلك الاواني الفخارية مثل الصحفة، والمغش، والجبنة، والحياسي. «الرياض» التقت بعدد من المواطنين من رواد هذا السوق الشعبي حيث تحدث لنا العم أحمد علي ابراهيم قائلاً انا من رواد هذا السوق منذ اكثر من 25 سنة حيث آتي لهذا السوق لبيع عدد من المصنوعات اليدوية مثل الفأس، والمجرفة، والمساح، والمخرش، والمصابع وهي ادوات تستخدم في حراثة وتنظيف الاراضي الزراعية والحمدلله الدخل جيد والله الحمد فأنا انتقل بمصنوعاتي ليس في سوق الخوبة الشعبي ولكن اذهب الى بقية الاسواق في المحافظات الاخرى وعلى مدار الاسبوع ولي زبائن في جميع هذه الاسواق. اما الجولة الثانية فقد اخذتنا الى سوق المسارحة الشعبي الواقع في محافظة احد المسارحة على ضفاف وادي خلب وهو من الاسواق المشهورة في المنطقة نظراً لوقوعه بين محافظات المنطقة وكذلك لأن هذا السوق يعتبر من الاسواق القديمة جداً. بداية الجولة اخذتنا الى سوق الاغنام وشاهدنا الازدحام الكبير في هذا السوق من قبل المتسوقين الذين يأتون اليه من اجل بيع اغنامهم او شراء الاغنام لبيعها في الاسواق الاخرى وشاهدنا عدد من المتسوقين من مناطق مجاورة وعسير والقنفذة والتقينا بأحد هؤلاء المتسوقين وهو العم محمد عبدالله الكناني من القنفذة فتحدث لنا قائلاً انا آتي الى سوق المسارحة وأقوم بشراء عدد كبير من الاغنام والذهاب بها الى محافظة جدة لبيعها هناك والحمدلله اجد فيها الفائدة ولله الحمد. كذلك تباع في سوق المسارحة جميع الاشياء الشعبية مثل الحرف اليدوية والمصنوعات الخزفية وكذلك النباتات العطرية الجميلة بالاضافة الى المعروضات الشعبية المصنوعة من الفخار والطفي المأخوذ من سعف النخل وورق الدوم.