أسدلت القبيلة الستار بحزن عميق وانطفأت شمعة مضيئة كانت تتلألأ في مضاربها، وخيم الحزن وانطوت صفحة بيضاء كان يعول عليها أن تكون نبراساً ومشعلاً يضيء دائماً ،حيث ان المنايا تقف كالكائنات الحية بالمرصاد ولا مهرب منها ولامناص ووقعها شديد الألم والأسى عندما تقتحم روح أحد المؤثرين في المجتمع والأقارب وتغيبهم، وتسلبهم أرواحهم وتعطل حركة حياتهم ويغيبون عن الوجود إلى الأبد. رحيل الشيخ فواز مشل التمياط سفير خادم الحرمين الشريفين في جمهورية مالي وهو في بداية مشواره وعنفوان عطائه، يشكل خسارة كبيرة ويطول حزننا عليه، ولكن ديننا الحنيف علمنا أن نصبر ونحتسب، صحيح ان فقدانه خسارة كبرى ونحن نودع أبا سطام لمثواه الأخير من دار الفناء إلى دار البقاء، ولا اعتراض على إرادة الله سبحانه جلت قدرته ، لكن فقد الأحبة المؤثرين صعب جدا ومرّ وقاس، حيث فقد الوطن أحد أبنائه البررة المخلصين اثر نوبة قلبية مفاجئة غيبته عن الحياة وهو على رأس عمله خارج المملكة، وبرحيله مبكرا خسر الوطن أحد سفرائه البارزين وفقدت القبيلة أحد أقطابها المهمين ورموزها المؤثرين، بعدما صقلته الحياة البدوية منذ نعومة أظفاره ومنذ أن كان يترعرع في عرين والده مشل التمياط في شمال الوطن ذلك الفارس البدوي الصمصام، حتى تعلم من صبره وحكمته الكثيرمن العبر وصقلته حياة الصحراء وشق دربا صعبا وذلل العوائق أمام طموحه المشروع ليرتقي ويكون سفيرا لبلده، ومفخرة لقبيلته وأسرته ، وبرحيله ترك بصمات واضحة وحزنا عميقا في فؤاد وعقل ووجدان كل من عرفه عن كثب من أصدقاء وزملاء، خارج المملكة وداخلها ، وبعد رحيله نشعر بالحزن العميق لما تركه من فراغ كبير بين الأسرتين والتحدي الأكبر الذي سيواجه أخوته سد الفراغ ومواصلة الطريق الذي سار عليه وأرسى دعائمه والده وتلاه من بعده الراحل ، حيث كان محط أنظار الآخرين أثناء تدرجه في السلم الوظيفي من درجة إلى درجة أعلى بشكل مضطرد وتأهله الى أعلى مستوى وظيفي في البلاد وما أنجزه من عطاء وحيوية وعصامية أثناء تنقله في سفارات الوطن وهيأ لعائلته مكانة مهمة في المجتمع وأحسن تربية أبنائه، ويمثل معجزة في تاريخ أسرته وترك أرثا طيبا ورحيله فجيعة للقبيلة والعائلة على حد سواء،حيث كان دائم التواصل مع المجتمع ومع عمله ولم يتنكر لجذوره البدوية التي ظلت راسخة العمق في وجدانه ولهجته وسلوكه واستفاد من حياة الصحراء الكثير من العبر والموعظة والقوة والصبر والجلد والرسوخ، مما دعا الكثير من الناس أن يجمع على تقديره واحترامه ويرتبطون معه بوشائج الرابط المشترك والنسيج الاجتماعي البدوي الأصيل الذي يلفهم بمحتوى القيم العالية وسمو الخصائل الحميدة، وهذا ماترجمته مواكب مراسم التشييع والعزاء من علية القوم وكذلك البسطاء حتى أن وفودا من خارج المملكة أتت لتؤدي واجب العزاء بفقيد الوطن الراحل وتعدد مناقب وخصائل الفقيد، وهذا ما خفف مصابنا الجلل في وفاة فقيدنا الكبير الذي أدركت القبيلة فداحة خسارته الكبيرة على الوطن وعليها من خلال علامات وجوه المعزين ومشاعر المتأثرين بوفاته.رحم الله فقيدنا بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنانه، وألهم أهله وأخوته وأبناءه الصبر والسلوان انه سميع مجيب الدعاء .. وطوبى لمن يترك أثراً طيباً وسمعة جيدة يلتف حولها الناس ويترحمون عليها بهذا القدر العالي من الوجوه والعدد .(إنا لله وإنا إليه راجعون).. وهنا ندون ماقاله الشاعر نواف السرهيد في رثاء الفقيد: يوم الاثنين انقلب حلوه مرارة مانشوف إلا السواد بكل ديرهة ماخذ بالمجد العليا جداره لين صار لمملكتنا هو سفيره الخبر قالوا خسارتنا خسارة فاجعتنا بالطيب والله كبيرة موت مثلك يالشيخ أكبر خسارة والله ان حزنك يهلك عشيرة