تقول العرب : ما أشبه الليلة بالبارحة عندما يوجد حدثان متشابهان في زمنين مختلفين ، والمتابع لحراكنا الفكري يلحظ أنه متزامن مع حراك اقتصادي كبير. ومع أني لا أحب – إطلاقا - تصنيف الناس لملتزم وغير ملتزم ، فالله وحده هو المطلع على السرائر ، ولا يمكن الحكم على أي شخص من خلال مظهره ، وهو الأمر الذي سلكناه طوال السنوات الثلاثين الماضية بالتصنيف وفق المظهر ، فذو الثوب القصير واللحية المعفاة مثلا يعد في شريحة سميت بالملتزمة في أدبيات وتعارف زمن بداية ومنتصف ماسُمي بالصحوة . والمظهر وإن كان إحدى الدلالات المهمة على الجوهر ، إلا أنه ليس معيارا ولا مقياسا يمكن من خلاله اعتمادا أو ضابطا أو مؤهلا في توظيف لمكان، أو تصدير لمكانة أو تقديم – لِ - أو - في - نحو ذلك . وكذا ليس من الإنصاف تعميم الأخطاء فحينما يخطئ ملتحٍ غالٍ، أو حليق جافٍ ينظر بشمول العاطفة الساذجة لعموم الملتحين أو الحليقين على اعتبار الشكل ليس إلا، وجد هذا في مجتمعنا ولا زال مع مسيرنا السريع نحو النضج فكرا في الحكم على الأشياء ، وسلوكا في ممارسات الحياة اليومية. مثلها أو قريب منها الاشتراك في أي صفة كالجنسية ، وتعميم خطأ أحدهم على عموم حامليها ، ألسنا نتضايق كثيرا عندما يعامل السعودي معاملة فيها شيء من التمييز في بلدٍ ما أو في سفارة معينة لأن سعودياً آخر قام بفعل مشين ؟ ويلاحظ أن الحراك الفكري الكبير هذه الأيام متزامن مع حراك اقتصادي كبير أيضا، والمتأمل لهما يلاحظ تشابههما - من حيث تعامل إنسانهما - مع ذاك الحراك الاقتصادي والفكري نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات ، ففي الحالتين القديمة والجديدة يوجد ملتزم غير فاهم أوفاهم غير ملتزم ، وفق التسمية ، وكلاهما مضرٌ بتعامل الإنسان مع حراكيْه السابقين ، وبالتالي مضر بتنميته التي تنطلق منه لتستهدفه ، وأخشى بعد ذلك أن نفرط في طفرتنا الحالية كما فرطنا في طفرتنا السابقة وحينها ستكون لأواء الليلة كتباريح البارحة .