في الوقت الذي لا يزال فيه هاجس الأمن الوظيفي يقض مضاجع العاملين في شركات القطاع الخاص، خاصة بعد موجة من تسريح الموظفين وتحديداً في القطاعين العقاري والمالي بسبب الأزمة المالية، إلا أن شركات سعودية بارزة بدأت في تعزيز برامج ولاء الموظفين وتحسين وتطوير بيئة العمل الداخلية بهدف تحقيق التنافسية والربحية على حد سواء. وليس من المستغرب الآن، أن يجد الزائر إلى مقار بعض الشركات الخاصة، أندية رياضية مصغرة ومطاعم وأماكن للترفيه يقصدها الموظفون خلال ساعات العمل اليومية، وذلك في رغبة من هذه الشركات لتوفير وخلق بيئة عمل مثالية تساعد على تحقيق الأهداف الإستراتيجية لتلك الشركات التي تؤمن بأن الموظفين يشكلون جزءا من الأصول الهامة فيها. وبينما أجبرت الأزمة المالية العالمية عددا من الشركات على تسريح بعض موظفيها الأكفاء بسبب تأثر نشاطها وانخفاض مستويات السيولة لديها، سارعت شركات أخرى نحو اعتماد برامج أكثر فعالية للإبقاء على الموظفين من أجل تحقيق التنافسية والربحية والبقاء في موقع الريادة ضمن مجال عملها. لكن تحسين وتطوير بيئة العمل الداخلية، لم يتوقف على الأساليب التقليدية التي كان معمولا بها في كثير من الشركات السعودية طيلة الفترات الماضية، حيث عملت بعض الشركات السعودية على ابتكار أفكار استثنائية تهدف من خلالها إلى رفع أداء الموظفين ودرجة شعورهم بالانتماء لدى الشركة، وذلك من خلال تخصيص أماكن داخل مقر الشركة لممارسة بعض الأنشطة الرياضية والترفيهية، إلى جانب استخدامها لأفكار مبتكرة في التصميم والديكور الداخلي لأروقة الشركة. وفكرة "إزالة الأبواب" داخل مقر العمل، تعدّ إحدى الأفكار الإبداعية التي بدأت في تطبيقها بعض الشركات السعودية، إذ عملت إدارات هذه الشركات على إزالة كافة الحواجز بين مناصب الموظفين المختلفة لتشجع جميع موظفيها على التواصل بروح الفريق، حيث لا يرى الزائر لمقر الشركة أي مكاتب وأبواب تعزل أي من أعضاء الفريق عن الآخرين، بل إن الجميع يعملون في مساحة موحدة، هذا إلى جانب إزالة جميع المسميات الوظيفية في أي من مطبوعاتها أو بطاقات العمل الخاصة بها. وهنا، قال ل "الرياض" أحد مسؤولي الموارد البشرية، إن العديد من الدراسات تنفي أن يكون الراتب هو الدافع الرئيسي الذي يجعل الموظفين المتميزين يستمرون في عملهم، حيث إن هناك عوامل أخرى مثل التطور الوظيفي ومقدار الأثر الإيجابي الذي تحققه الوظيفة في حياة الآخرين وفي المجتمع ككل، إلى جانب بيئة العمل الإيجابية والتي تلعب دوراً فاعلاً ومهماً في الحفاظ على الإمكانيات البشرية المتميزة وبالتالي زيادة الإنتاجية وتحسين أداء فرق قوة العمل". وأكد راكان غوث مدير إدارة الموارد البشرية في شركة دراية المالية، أن هناك عددا من الشركات والمؤسسات السعودية التي بدأت تولي أهمية لوضع برامج تحفيزية للموظفين ضمن سياسات إدارة الموارد البشرية، كما شرعت هذه الشركات في صياغة استراتيجيات تضمن توفير بيئة عمل مثالية للعاملين لديها. وتابع: "الموظف الذي يشعر بعامل جذب كبير إلى مكان عمله والمتوفرة لديه عناصر الراحة سيكون حتما أكثر إنتاجية في العمل، وأكثر رغبة في التطوير، مبيناً أن الشركة أخذت بعين الاعتبار أدق التفاصيل التي قد تساهم في خلق بيئة عمل حيوية، تساهم بشكل فاعل في رفع أداء الموظف ورفع درجة الإنتاج لديه، فقد عمدت الشركة إلى تصميم مبتكر لبيئة العمل داخلها، تساهم في تحفيز روح الفريق الواحد. وكان مسح جديد أجري للتعرف على تأثير ملائمة بيئة وهندسة موقع العمل على إنتاجية الموظفين في المكاتب بشكل عام، قد كشف بأن 90% من الموظفين العاملين في المكاتب يشعرون بأن تصميم ومظهر المكتب العام يؤثر على رغبتهم في العمل. وبين المسح الذي أجري في دول مجلس التعاون الخليجي، إن 52% من المشاركين في المسح أكدوا بأن تصميم المكتب وشكله العام له تأثير كبير على زيادة رغبتهم في العمل، في حين أجاب 35% بأن لهذا الموضوع بعض الأثر. وقال 6% فقط بأن هذا الموضوع ليس له أي تأثير على الإطلاق على حياتهم العملية.