يداهمك إحساس الفشل، عندما لا تحرز تقدماً ما، رغم محاولاتك المستميتة في الاستمرار بالتقدم ! تشتكي بسرعة شديدة من عدم القدرة على تحقيق أي شيء ، رغم أنك لم تدّخر جهداً وأنت تتقدم ! تتوقف بسرعة، وأنت تمسح المكان أمامك لتستكشف هل صرفت كل الوقت، أم بقي بالوقت وقت ؟ المدى يتسع، وكأنه مدينة مفتوحة الأبواب، لا أحلام لها ولا تحديات ! وأنت تدقق النظرة، تشعر أن هذا المدى يخبئ خلفه، مدى آخر يمتد بلا نهاية ! تفتح أوراق كل الفصول التي احتضنت مسيرتك بهدوء بعد أن غيّبت التوتر، وحاولت الانسلال من لحظة عدم القدرة على التفكير! تقف على كل التجارب، التي عبرت من خلالها، دون أن تفتح أبواب الوصول ! في البحث عن المفقود في ذلك الطريق لم تسأل!.. لماذا اخترت ذلك الطريق دون غيره؟ ولماذا لم تستوعب دائماً أن من يحاول التقدم لا بد أن يخطئ الطريق أو لنقل، لا بد أن تتوه منه المعالم أحياناً، ويعجز عن تحديدها؟ لكن الأهم هل سيستمر في مسايرة التوهان؟ أم سيبحث عن معالم طريق آخر يرتاده ليكسر به إحساس الفشل الذي تمكن منه ! ولماذا أيضاً شعرت أنك أنت فقط من يمتلك معرفة هذا الطريق؟ وأنت فقط الذي حددت أنك قادر على التعايش مع ضوئه الباهت! وأنت فقط من أكدّ أن الأفق ليس مسدوداً! وأنت فقط الذي لم يحدد متى ستكون لحظة التوقف؟ ومتى ستذوب كرة الثلج التي ما زالت تتدحرج عليه! أنت من حددت شكل الفرصة المتاحة! ومن حدد ملامحها، وإلى أين من الممكن الذهاب معها ؟ لم يأسرك يوماً وأنت تواصل التقدم دون ملل التفكير في ميزة تلك الفرصة، أو حتى البحث عما لا تراه، أو تتحدد ملامحه، بالنسبة إليك! والكارثة أنك لم تحدد إلى أين ذاهب، حتى وان اعتقدت أنك تعرف، فالمعرفة العامة لا تلغي المعرفة الخاصة التي هي الأهم! هل بإمكانك العودة إلى نفس الطريق مرة أخرى، بعد أن أخذت وقتاً مستقطعاً من الراحة؟ هل بإمكانك إرجاع الزمن إلى الخلف، وإعادة ترتيبه بكل بساطة؟ هل بالامكان تطويق إحساسك بالفشل، والانسحاب منه إلى طريق آخر، بتفكير آخر، وإحساس آخر أيضاً؟ كثيرة هي مفردات التحدي، وكثيرة هي الأمنيات، ومتعددة هي الطرق، والآفاق المشرعة أمامك! لكن هل تستطيع أن ترى الضوء الحقيقي الموجه إلى ما تريد؟ إن تمكنت من انتزاع الخوف من داخلك، واستوعبت مضمون التقدم، بإحساس سوّي ايجابي، ستصل دون شك، حتى وإن التقطت أنفاسك بصعوبة، وتعثرت أحياناً !