العساس) في قاموس الصحراء رجل يكلف من العشيرة او الاسرة للبحث عن مراعي خصبة في الاراضي المجاورة التي يعود منها آخر النهار او البعيدة التي تستغرق عدة ليالٍ. ويتم اختياره وفق مواصفات دقيقة اهمها الصدق والاتزان والفطنة وعلى ضوء ما ينقله لهم بعد عودته يتقرر البقاء او الرحيل الى المراعي الجديدة. كما يشير الرحالة الانجليزي ديكسون في مقدمة يوميته هذه وهو يصف عودة العساس وطريقة استقباله والبراهين التي عادة ما يجلبها لهم والتي قال فيها: بدأ الوقت الآن يقترب إلى المغيب وتبدأ العيون تتجه نحو الطريق الذي سيأتي منه رب البيت وأخيرا يرونه عند الأفق ممتطيا ظهر فرسه وهو يخب بها باتجاه المخيم على مهل لدى اقترابه من المخيم يبدأ الكلب بالنباح ترحيبا بمقدمه ويندفع الأطفال لاستقبال أبيهم وتأمر الزوجة بإعداد القهوة ويرحب الجميع بالقادم كما يرحبون بالضيف لأنه يكون عندها متعبا وجائعاً. وعندما يترجل من فرسه تأخذ الزوجة أو الابنة فرسه وتنزع عن ظهرها الجلال قبل أخذها للشرب. وبعد أن تنتهي الفرس من الشرب يقدمون لها بعض الشعير ولكن فرس الفقير لا تحصل على شيء. وبعد الانتهاء من تبادل التحيات تدور فناجين القهوة بضعة مرات ثم يسأل السيد عن نتيجة رحلته فيخرج من طيات دشداشته "ثوبه" عينات مختلفة من العشب الذي وجده في البقعة التي زارها والتي احضرها معه ليريها زوجته ورعيانه ثم يمتدح العشب الذي عثر عليه قائلا بأن المراعي جيدة هناك وتمتلئ بالعشب ولم يسبق لأحد غيره من البدو أن وجدها ويطلب من زوجته وسائر نساء الخيمة والآخرين أن يحتفلوا بهذه البشرى السارة وهو يقول: بالله إن هذا المرعى ممتاز جدا ولا يوجد بدو عنده هيا يا رجالي سنشد الرحال إليه غداً صباحا ولكن وبعد كل ما قاله ماذا عساه يكون في هذا المرعى الجديد؟ لاشيء.. سوى مكان لحقه قليل من المطر وحيث يوجد قليل من العشب الجديد الذي ينتظر أن يعثر عليه ولكن نظراً لقلة ما يتوفر من العشب فإن العثور عليه يعتبر امرأ جيداً.. وعند مغيب الشمس عادت الإبل إلى المخيم من جديد ولكن الراعي كان راكباً وراءها ولم يعد يحدو لها هذه المرة بل كان يشجعها قائلا: وااا.. أسرعن يابناتي، فقد حل الليل، لقد تأخرنا، لقد تأخرنا." وعند الوصول حث الراعي الإبل على الرقود أمام الخيمة على هيئة نصف دائرة مشكلين ما يشبه الحظيرة ورؤوسهن تتجه نحو القسم المفتوح من الخيمة من اجل الحماية وتدفئه بعضها بعضا لأن الخيمة تحجب عنها نسيم الليل البارد ومهما كان البرد شديد لا يغطون ظهور الإبل. ولا شك أن أي شيء يحجب عنهم هواء الليل البارد سيسعدهم. رحيل البادية الى المراعي . وبعد مغيب الشمس بساعة واحدة وغالبا عندما يحل الظلام، تدخل الأغنام إلى الخيمة وقد علت مأمأتها لتدعو حملانها للمجيء لتسكين جوعها، فقد ضلت الحملان محتجزة في الخيمة طوال اليوم. ويتبع ذلك طعام العشاء وهو عبارة عن وجبة متواضعة تتكون من الأرز المسلوق وربما بعض الخبز الذي يغطس باللبن الذي يأخذ منه سيد الخيمة جرعات طويلة ولم تأكل النساء معه فقد سبق أن تناولن وجبتهن الخفيفة وتجلس الزوجة فقط قرب زوجها لتتأكد من أن لدية جميع ما يحتاجه. بعد أن تدور عليهم فناجين القهوة يأوي الجميع إلى فراشهم مبكرين (يتبع). المرجع - الرحالة المستشرقون في بلاد العرب