أعاد تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم الأخير عن شهر يناير الماضي المنتخب السعودي للمربع الذي لم يستطع مغادرته منذ مدة طويلة، فحلول (الأخضر) في المركز ال59، إنما يكرس لحقيقة التراجع الذي شهده المنتخب السعودي في العقد الأخير، والذي تسبب في مراوحته لمراكز متأخرة لا تليق بتاريخه ولا مكانته على مستوى القارة الآسيوية التي حققها من خلال تسيده في عقدي الثمانينيات والتسعينيات. وكان المنتخب السعودي يقبع منذ أول تصنيف أجراه (الفيفا) في أغسطس 1993 في مراكز تليق به، قبل ان يشهد يوليو 2006 بداية السقوط المريع للمنتخب الأخضر الذي مازال يكتوي بنيران ذلك التصنيف حتى اليوم. -لا صدمة في التصنيف في سنوات خلت كان مجرد تراجع المنتخب السعودي مركز او اثنين في قائمة التصنيف يمثل حالة قلق يصل حد الاحتجاج في أحيان أخرى، بيد انه اليوم لم يعد كذلك، خصوصاً بعدما تكرر مجيء المنتخب السعودي في مراكز متأخرة قياساً بالمنتخبات الآسيوية والعربية، وهو ما يعبر عن حالة التسليم التي أصابت الجميع، ليس النقاد والجماهير وحسب، بل حتى الاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي لم يصدر عنه ما يعبر عن عكس ذلك، وهو ما يشي بقناعته بحقيقة التراجع في مستوى ونتائج المنتخب السعودي، والتي أكدها بجلاء فشله الأخير في التأهل لكأس العالم المقبلة في جنوب أفريقيا. -ما بين 2006 و2009 في يوليو 2006 كانت أكبر صدمة في علاقة المنتخب السعودي بتصنيف المنتخبات الشهري الذي يصدره (الفيفا) حينما حل في المركز 81، وذلك في أعقاب مشاركته في كأس العالم التي استضافتها ألمانيا، ويومها تسبب هذا المركز في إحداث هزة عنيفة داخل اتحاد الكرة، وهو ما دعا الامير سلطان بن فهد لتوجيه الراحل عبدالله الدبل وكان يومها يعمل بصفته عضو شرف في الاتحادين السعودي والدولي لفتح قناة اتصال مع مسؤولي (الفيفا) لمناقشة الأمر، إذ اعتبر التصنيف غير منطقي، خصوصاً أن المنتخب السعودي فقد على إثره 47 مركزاً، إذ كان يحتل حتى شهر يونيو 2006 المركز 34. ولم تلعب تلك الاحتجاجات دوراً في تعديل تصنيف المنتخب، حيث بعد شهر واحد من ذلك التصنيف، وتحديداً في شهر أغسطس من ذلك العام في المركز 75. -"الأخضر" وحال المراوحة وليس جديداً حلول المنتخب السعودي في هذا المركز المتأخر، إذ دأب خلال السنوات الخمس الأخيرة على المراوحة في هذه المراكز المتأخرة، إذ ما قيست بتاريخه وحضوره الجيد في قائمة التصنيف منذ تدشينها أول مرة في العام 1993، فبالمقارنة- مثلاً - ما بين مركزه في يناير 2010 الذي احتل فيه المركز 59، وبين مراكزه في ذات الشهر في السنوات الخمس الماضية، نجد انه ظل يتحرك ما بين مراكز الخمسين والستين، على الرغم من أنه قد بدأ العام 2006 بحلوله في المركز 33 وهو أفضل مركز له منذ ذلك التاريخ، حيث بدأ منحنى التراجع واضحاً حتى مشاركته في (مونديال ألمانيا)، والتي كانت بمثابة قاصمة الظهر، حينما حل في أول تصنيف أعقب تلك المشاركة في المركز 81، وظل منذ ذلك التاريخ يعيش هذا الوضع المتدهور في التصنيف العالمي، حيث حل - على سبيل المثال - في يناير 2007 في المركز 64، وفي يناير 2008 في المركز 57، وفي يناير 2009 في المركز 53. -منتخب مصر يكشف الواقع ويكفي لإيضاح الواقع المتردي للمنتخب السعودي في تصنيف "الفيفا" مقارنته بنظيره المنتخب المصري، الذي يحتل اليوم وبحسب تصنيف يناير الأخير المركز العاشر على مستوى العالم، كأفضل مركز يحتله في تاريخه، في حين يحتل المنتخب السعودي المركز 59. يحدث ذلك في الوقت الذي كان المنتخب السعودي - مثلا - في يوليو 2004 يحتل المركز 21، وهو أفضل مركز يحتله منذ انطلاق التصنيف الدولي متقدماً على المنتخب المصري ب13 مركزاً حيث كان يحتل المركز 34، وحتى حينما سجل المنتخب المصري أسوأ مركزاً له في التصنيف في يوليو 2002 بحلوله في المركز 44، كان المنتخب السعودي يحتل في ذلك الوقت المركز 38. ولتقريب الصورة أكثر فإن مشوار المنتخبين في تاريخ التصنيف يكشف عن أن متوسط تصنيف المنتخب السعودي 40، بينما متوسط تصنيف المنتخب المصري 30. -وماذا بعد؟ يبدو واضحاً أن تصنيف المنتخب السعودي مرشح للتراجع أكثر في عام 2010 حيث سيغيب طويلاً عن المشاركات الدولية، بسبب عدم تأهله لمونديال جنوب أفريقيا، وتأهله المباشر لنهائيات كأس آسيا، وهو ما يعني حاجة المنتخب لخوض مباريات دولية ودية خلال هذه المدة للبقاء في تصنيف لا يبتعد به بعيداً عن مراكزه الأخيرة على الأقل، شريطة ان تكون المباريات الودية ذات قيمة نوعية؛ لأنها تدخل ضمن آلية التصنيف، وهو ما غفله مسيرو المنتخب السعودي كثيراً.