** حرمتني ظروف صحية طارئة من الحضور والمشاركة في مناسبتين غاليتين علي.. ** كانت المناسبة الأولى هي حفل تكريم أخي الشيخ عبدالمقصود خوجة لأخي الدكتور بدر احمد كريم تقديراً لمشواره الإعلامي المتميز. ** أما المناسبة الثانية فكانت ضمن نشاط هيئة الصحفيين السعوديين يوم الثلاثاء الماضي عن "الصحافة السعودية مالها وما عليها" وكان حرصي الشديد على حضور المناسبة الأولى نابعاً من صداقة ومعرفة لصيقة بأخي الدكتور بدر استمرت على مدى 35 عاماً وكنت أرغب في التحدث عن بعض الجوانب المهمة التي جمعتني وإياه في المجال الإعلامي وبصورة أكثر تحديداً فإن بدر هو الذي (ورطني) في دخول الإذاعة والتليفزيون بعد أول مقابلة إذاعية أجراها معي في برنامج في (الطريق) حيث أدخلني الإذاعة بعدها وبدأت في إعداد وكذلك تقديم بعض البرامج المنوعة وختمت تجربتي الإذاعية معه ببرنامج "حدث وحديث"وكان عبارة عن برنامج أُعلق فيه على حدث سياسي يومي تناوب تقديمه كل من الأستاذين بدر كريم وعبد الله راجح..وقد لفت هذا البرنامج نظر وزير الإعلام في ذلك الوقت معالي الشيخ إبراهيم العنقري رحمه الله حيث كان يعتقد أن هناك معداً آخر لهذا البرنامج لأنه لم يكن يصدق أن شاباً في سنٍ صغيرة يقوم بإعداد هذا البرنامج فقام بعدة تحريات انتهت به في النهاية إلى الاقتناع بأن من يعد هذا البرنامج هو شخصي الضعيف وقد أبلغ أخي وصديقي بدراً بما ساوره من شكوك بعد أن تأكد من أن البرنامج من إعدادي بالفعل..وكان ذلك بداية تعرفي عليه بعد ذلك بسنوات طويلة. ** أما الموقف الآخر الذي جمعني بأبي ياسر فكان يوم إقدام «جهيمان» على فعلته "المشينة"باقتحام الحرم المكي الشريف حيث كُلفت بالعمل مع أخي بدر وأخي خالد المعينا رئيس تحرير عرب نيوز بإعداد برنامج وثائقي بعد بضع ساعات من تلك الحادثة المشؤومة حيث كنت أُعد النص باللغة العربية وكان أخي الدكتور بدر يقدمه بصوته الرخيم المؤثر مقترناً بمشاهد حية لتلك الجريمة النكراء فيما قام أخي خالد بترجمته للغة الإنجليزية وتم بث هذا البرنامج بعد أن فرغنا منه مباشرة في تلك الليلة الحالكة الظلام وبعد جهد مضنٍ استهلك منا أكثر من 10 ساعات متواصلة. ** وخلال تعاملي مع هذا الإنسان الذي كان لا يكل ولا يمل تعلمت منه كيف يصنع الرجال أنفسهم وكيف يحققون نجاحاتهم وكيف يدخلون قلوب كل الناس بالرغم من أنه كان في إدارته للعمل الإذاعي عنيفاً ومستبداً إلى أبعد الحدود ولكنه الاستبداد الذي ينتج أعمالاً راقية يندر فيها الخطأ وتتميز بالقدرة على التأثير والجذب كما عرفت فيه ذلك الإنسان العصامي الذي كان يجمع بين عمله في الإذاعة لأكثر من 14 ساعة في اليوم وبين تحضيره لشهادة الثانوية العامة عن طريق الجمع بين السنة الأولى والثانية والثالثة في سنة واحدة ونجاحه فيها بتفوق أيضاً. **أقول هذا الآن لكي يعرف شبابنا كيف يُصنع المستقبل وكيف ينحت المخلصون في الصخر للوصول لما هو أصعب ، وكيف يستمتعون أيضاً بلذة النجاح بعد معاناة. ** ولحسن حظي فقد جمعتني مع أبي ياسر زمالة عمل في صحيفة عكاظ عندما قبل أن يكون نائب رئيس تحرير في مرحلة تأسيسية مهمة بعد أن ترك الإذاعة في ذروة نجاحاته، وليس سراً أن أقول إن مصادر عكاظ الرئيسية كانت بسبب علاقات هذا الرجل الذي كان يوفر لنا بصورة يومية أكثر من خبطة صحفية مستثمراً رصيد علاقاته بأصحاب القرار غير أن المفارقة الوحيدة التي حدثت هي في دخول بدر كريم مجلس الشورى عقب انتهاء فترتيْ عملي بالمجلس وكنت أتمنى لو أن هذا المكان الجميل قد جمعنا من جديد لكي يعيد ذكريات ذلك الزمن الجميل الذي عملنا فيه معاً. ** ومن كل قلبي أُقدم له تهنئة الأخ والصديق والرفيق وأقول بأن أبا ياسر مازال بخيلاً في الكتابة عن ذكريات 50 عاماً مليئة بالكثير من الأحداث والقصص والوقائع المثيرة وأن كل ما نشره حتى الآن يظل دون مستوى تلك الأرصدة المخزونة..قواه الله.. (يتبع) *** ضمير مستتر: **(قد تمنحنا الأيام الكثير وقد تأخذ منا الكثير ولا يبقى في النهاية إلا ما يشرفنا ويريح ضمائرنا).