..أولى تلك الفرق في البحرين فرقة أجراس (22) التي أصدرت أول أشرطتها "أمنيات أطفال 1983" ثم توالت أعمال أخرى "أم الجدائل1984"، "اعتذار 1985"، وقد اعتمدت على مجموعة من الملحنين المؤهلين أكاديمياً والمواهب المتميزة مثل: خليفة زيمان وسلمان زيمان وعبد الوهاب تقي ومحمد باقر كما وظفت أشعاراً عدة لأحمد الشملان وإبراهيم بو هندي ومحمود درويش وتوفيق زياد وسواهم فيما كانت تعتمد على أغنيات فرادى لأصوات متميزة مثل هدى عبدالله وسلوى زيمان وفوزي الشاعر مقابل أغنيات جماعية الأداء لمعظم أعضاء الفرقة. ..قدمت فرقة أجراس أغنية ملتزمة بالإنسان والوطن شكلت إحدى صور ثقافة اليسار، وراكمت تجارب عاطفية وإيديولوجية مستمدة من القضايا العربية مثل احتلال فلسطين، وتضييق الحريات، والتصالح مع التراث، والأزمة مع الغرب إلا أنها وقفت مواقف إنسانية واجتماعية ضمن حركات المجتمع المدني في البحرين والخليج كافة مشكلة حقبة أخرى من مسار ثقافة اليسار العربي لم تعد مرجعياتها تقف عند حدود تيار الأغنية السياسية في لبنان بخصوصيتها وفضائها الشيوعي عبر رموزها مثل فرقة الميادين (مؤسسها مارسيل خليفة)، وغازي بكداشي، وزياد الرحباني وخالد الهبر، ولا ذات التيار في الأغنية الجذرية الاحتجاج عند الشيخ إمام وعدلي فخري وإنما اقتربت تجربة أجراس كثيراً من تجربة تتخذ مفهوماً إنسانياً كونياً تتقاطع فيه مع فرقة ناس الغيوان وإن كانت توازن في نصوص أغانيها بين الفصحى والمحكية البحرينية الصافية. ..ظهرت مجايلة للفرقة السابقة فرقة العائلة التي قدمت أول أشرطتها إلى عام 1984، وغنت فيه إلى جانب أعمالها الجديدة بعض الأغاني الشعبية العربية مثل أغنية يمنية "إن يحرمونا" (عبد العزيز المقالح- أحمد فتحي)، وعراقية "جنة جنة" (كريم العراقي- عباد عبدالكريم) بينما تقدمت فرقة الدانة الكويتية بشريط عام 1987(بعد ما قلت-شركة دن دون) وضعهم في مقدمة الفرق منافسة فرقة الإخوة إلا أن الأخيرة ظلت تمسك العصا من المنتصف متلائمة موسيقياً بين تمكنها من غناء وموسيقى البحرين(أو الخليج عموماً)، ومواكبتها للألوان الأوروبية والأمريكية من الديسكو البوب وسواها. ..اجتمع كل من المغني وعازف البيانو البحريني علي بحر الذي أسَّس فرقة الصخرة مع مواطنه عازف الغيتار خالد الذوادي (وهو كاتب أغنية متميز) الذي كان يرافق فرقة دريمز في الإمارات العربية المتحدة(23)، فاتفقا على العودة إلى البحرين وتكوين فرقة الإخوة عام 1986، فأصدرت شريطها الأول العام التالي "أنا والليل والقمرة 1987". ..استطاعت الفرقة بعد أشرطة عدة تجاوز جمهورها في البحرين نحو الخليج كله، فأطلق على علي بحر "بوب مارلي البحرين"، وفي سلطنة عمان أطلق عليه جمهوره "بوب مارلي الخليج" (24)، برغم أنها تجاوزت أيضاً مرجعياتها الغربية في مغني الريجي بوب مارلي وعازف الجيتار كارلوس سنتانا، واستطاعت خلق أغنية خاصة دامجة ما توصلت إليه تطور الأغنية الخليجية بأثر من تفكيك تراثها البحري والبدوي مع مرجعيات متنوعة من فنون الروك والبوب، ولا يخفى أن الشكل الذي ظهرت به الفرقة من خلال شباب بملابس كاجوال قمصان مفتوحة وبناطيل جينز وشعور مهملة قوبل بهجوم صحافي ساندته ثقافة فئات عمرية كبيرة وطبقة برجوزاية فيما ظل الجمهور يتزايد من فئات عمرية متعددة وطبقات اجتماعية متباينة (25). *مقاطع تنشر على حلقات من دراسة مطولة عن تفاعل الآخر في ثقافة الخليج