ماريا ستيليكا امرأة رومانية حضرت الى المستشفى طلبا للنوم . فحسب ادعائها أصيبت منذ ثماني سنوات بحالة أرق مزمن منعها من النوم بشكل نهائي وتام . وفي البداية لم يصدقها الأطباء في مستشفى بديسا حتى أخضعوها للمراقبة وتأكدوا من عدم نومها لعشرة ليال متتالية... وفي الحقيقة؛ هذه ليست المرة الأولى التي اسمع أو أقرأ فيها ادعاء كهذا.. وأول ما أشعر به هو وجود تلفيق أو مبالغة في نقل الخبر كون النوم مطلبا أساسيا للانسان (كالطعام والشراب) يستحيل العيش بدونه .. فبالإضافة إلى إرهاق أعضاء الجسم الداخلية يؤدي السهر الى اضطراب قوى الانسان الذهنية وسرعان ما يفقده صلته بالواقع . وهذا يعني ببساطة أن من لا ينام نهائيا سيصاب بالجنون وسوء الخاتمة قبل أن يتاح لأي صحيفة تصويره أو الكتابة عنه ... فسبحان من لا تأخذه سنة ولا نوم !!! ... ولكن من جهة أخرى يجب أن نميز بين ادعاءات عدم النوم (على الإطلاق) وبين إمكانية النعاس وأخذ غفوات قصيرة توفر للبعض طاقة كافية لتثبيت أقدامهم ومتابعة حياتهم بدون نوم { إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام! ... أيضا يجب أن نميز بين ادعاءات عدم النوم وبين السهر لأيام متواصلة اعتمادا على عقاقير طبية خاصة .. فسلاح الطيران الأمريكي مثلا يملك عقاقير سرية تضمن بقاء طياريه يقظين خلال حملات القصف الطويلة .. أما شركة سيفالون فأعلنت عن نجاحها في انتاج عقار آمن يقلل من حاجة الانسان للنوم ويحافظ على تركيزه خلال السهر (يدعى بروفيجيل Provigil حضر اساسا لعلاج حالات السقوط في النوم التي تصيب بعض الناس بلا مقدمات)..! . وكان الزعيم النازي هتلر قد حاول التوصل لمثل هذا العقار قبل ستة عقود؛ فمع نهاية الحرب العالمية الثانية فتحت على الألمان جبهات كثيرة وعجز الجنود عن متابعة القتال . وكان الحل في نظر هتلر هو تطوير عقار يمنع الجنود من النوم ويستثمر طاقاتهم لأقصى حد ممكن .. وفي النهاية توصل علماء الجيش الألماني الى عقار فعال يدعى بيكس (أو PIX ). ورغم السرية التي أحيط بها الا انه لم يكن اكثر من (خلطة مخدرات) تشمل الكوكايين والامفيتامين ومستحضرا خاصا من المورفين يدعى يوكدال!! ... على أي حال رغم جهلنا المزمن بآلية وطبيعة النوم؛ يمكن القول إن الأطباء يبحثون في أربعة اتجاهات رئيسية للتقليل من حاجتنا إليه : * الاتجاه الأول دراسة أدمغة الطيور التي لا تنام خلال هجرتها لعدة أيام... * والثاني دراسة أدمغة الدلافين التي ينام نصف دماغها فيما يظل النصف الآخر مستيقظا .. * أما الاتجاة الثالث فيعتمد على تجربة العقاقير الكيميائية المنشطة لتحضيرأسلم تركيبة ممكنة!! * والرابع معرفة سبب نوم بعض البشر لساعة وساعتين في حين يحتاج آخرون الى 12 ساعة على الأقل!! ... ورغم موقفي المتشكك من ادعاءات عدم النوم لا أخفي رغبتي الشخصية في البقاء يقظا لأطول فترة ممكنة (وبالتالي عيش عمري الثالث).. فالنوم أيها السادة يستقطع ثلث أعمارنا القصيرة؛ وحين يموت أحدنا في سن ال75 يكون قد قضى 25 عاما من عمره غائبا عن الوعي تحت اللحاف.. وبدل محاولة الإطباء المد في أعمارنا ورفعها فوق المائة عام قد يكون الأجدى والأسهل اكتشاف وسيلة آمنة للتقليل من فترة نومنا من 25 عاما إلى 5 سنوات مثلا !! ... والآن أستميحكم عذرً ... آآآآهههه !!