المشاركون في الندوة سليمان بن إبراهيم الجلعود مدير عام الضمان الاجتماعي بمنطقة القصيم د.محمد بن إبراهيم الشويعي عميد عمادة خدمة المجتمع بجامعة القصيم د.محمد بن علي السويد عميد كلية المجتمع بجامعة القصيم وعضو مجلس إدارة جمعية البر الخيرية ببريدة د.محمد بن عبدالعزيز الربعي كلية التربية بجامعة القصيم والباحث في شؤون الأسرة والفقر عبدالرحمن بن عبدالله الخضير نائب أمين عام غرفة القصيم وعضو مجلس منطقة القصيم دعا الإسلام إلى تحقيق التكافل الاجتماعي كأحد الأسس التي يمكن من خلالها تحقيق الحياة الكريمة للمحتاجين في المجتمع، وتبعاً لذلك أوجد العديد من أشكال العطاء الديني التي من خلالها يتحقق هذا التكافل، ومن بينها: الزكاة والصدقة والوقف والكفارات والنذور، وهذه الأشكال لا تقتصر فقط على العطاء لسد الاحتياجات الأساسية للإنسان بل لتحقيق حد الكفاية وحد الغنى. وقد أوجدت الحكومة عبر وزارة الشؤون الاجتماعية عدداً من الهيئات والمنظمات الرسمية والتطوعية لتأخذ على عاتقها مسؤولية تنفيذ تلك البرامج والأهداف؛ لتضمن من خلالها حل الكثير من مشاكل الفقر ومسبباته والذي تعاني منه شريحة متزايدة ومتنوعة من المجتمع أوقعها في هذه الإشكالية زيادة تكاليف الحياة. وفي منظومة هذه المؤسسات الفاعلة في هذا المجال يأتي دور وكالة الضمان الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية للمساهمة في متابعة أحوال الفقراء، وتقديم الإعانة الشهرية لهم، والتحول من دور الداعم المادي إلى أكثر من ذلك ليأخذ على عاتقه المساهمة والمشاركة في تفعيل مقومات الاعتماد على الجهد الفردي والأسري لتعزيز وتنويع مصادر الدخل، من خلال برامج الأسر المنتجة وبرامج العمل عن بُعد؛ ليكون هذا العمل وهذه الممارسة ثقافة تمثل إحدى صفات المجتمع الناهض والمعتمد على نفسه في تحقيق كسبه ومشروع حياته بعيداً عن الإتكالية. وتتناول "الرياض" في هذه الندوة موضوع الضمان الاجتماعي من جانب مسؤولية الدور الإنساني والتأهيلي للمحتاجين، من خلال جملة من المحاور، أهمها: دور الضمان الاجتماعي في المساهمة في حل مشاكل الفقر، وتفعيل برامج العمل عن بُعد، وبرامج الأسر المنتجة، ومساهمته في توفير الفرص الوظيفية للأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة وأفراد الأسر الفقيرة، والبحث عن المحتاجين ممن يمنعهم التعفف عن طرق أبواب الضمان، إلى جانب مدى إمكانية مشاركة الضمان في منح العاطلين عن العمل "رواتب بطالة"، ومدى كفاية رواتب الضمان للمستفيدين، والبدائل المساندة للضمان الاجتماعي. أهداف الضمان في البداية أكد "الجلعود" على أن الضمان يعمل من خلال ثلاثة أهداف رئيسة، هي: حل مشاكل الأسر الفقيرة من خلال تقديم الراتب الشهري والذي يحدد مقداره حسب عدد أفراد الأسرة، وثانياً رفع مستوى المعيشة للأسرة عن طريق عدد من البرامج التي تفضل خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- باعتمادها والتي تساهم أيضاً في رفع مستوى المعيشة لتلك الأسر الفقيرة، وثالثاً تقديم برامج الأسر المنتجة، بهدف تحويل المستفيد من الضمان من معان تنفق عليه الدولة إلى عائل له ولأسرته من خلال مشاريع اقتصادية متنوعة، وغالباً ما تكون حسب بيئة المنطقة ومنتجاتها. تعريف المستحق! وفي إطار هذا التنوع طالب "د.الشويعي" بأن يتم وضع تعريف للفئات وللأسر المستحقة لخدمات الضمان الاجتماعي، وقال: إذا كنا نعرف بأن الضمان الاجتماعي وجد من أجل خدمة الأسر الفقيرة، وبالتالي هل كل من مد يده أعتبر مستحقاً للضمان؟. وهنا علق "الجلعود"، قائلاً:إن جميع أموال الضمان الاجتماعي هي من الزكاة، ومعروف منهم المستحقين لها، مشيراً إلى أن العمل في وكالة الضمان كان يتم في السابق من خلال العمل اليدوي، أما الآن فإن ذلك يتم عبر "الميكنة" ومن خلال الارتباط مع عدد من القطاعات الحكومية الأخرى مثل الجوازات والتأمينات والتقاعد والأحوال المدنية، حيث تمكنا من خلال هذه الجهات من معرفة المستحق للضمان الاجتماعي؛ ممن ليس لديهم أي نشاط تجاري أو لديهم موارد أخرى. وأضاف أنه تم إسقاط أشخاص من قائمة المستفيدين من الضمان الاجتماعي بعد اكتشاف أن لديهم عمالة وممارسة تجارية؛ وتم اكتشاف ذلك من خلال البحث الآلي مع تلك الجهات الحكومية، موضحاً أن عملية البحث الآلي تتم شهرياً، وقبل أن يتمكن المستفيد من صرف الراتب، وإذا وجد من خلال البحث أنه لا يستحق فإنه تتم مباشرة إسقاط اسمه. سهولة الإجراءات وأشار "الجلعود" إلى أن الشخص في السابق لكي يتمكن من الحصول على خدمات الضمان الاجتماعي، فلابد من المرور على عدد من القطاعات الحكومية بنفسه، أما بعد "الميكنة" والارتباط بتلك الجهات فقد أصبحت مدة الحصول على بطاقة الضمان في حدود (45) يوماً. وقال: إنه في إطار تسهيل إجراءات التسجيل فقد دشن وكيل الضمان الاجتماعي محمد بن عبدالله العقلا مؤخراً ثلاث خدمات الكترونية سوف تقدم عبر البوابة الإلكترونية للوكالة تتمثل في إمكانية التسجيل الآلي لطلبات الشمول بخدمات الضمان الاجتماعي، والإطلاع على الوضع الراهن للمستفيد أو المستفيدة، ومتابعة السجلات المالية المحفوظة. الفئات المستحقة وأوضح "الجلعود" أن الفئات المستحقة للضمان الاجتماعي هم الأيتام والأرامل والمطلقات والعجزة؛ ومنهم العاجز عن العمل بسبب المرض أو الشيخوخة أو الحوادث والسجناء. وقال إنه تمت إضافة فئات أخرى إلى هذه القائمة وهم السيدة المعلقة والمهجورة، وكذلك بعض البرامج التي تساهم في رفع مستوى المعيشة للمستفيدين من الضمان الاجتماعي والتي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين –حفظه الله– وهي تقديم المساعدات الضمانية والحقيبة والزي المدرسي ودعم فواتير الكهرباء والماء والتأمين الصحي وبطاقة الشراء المخفض والدعم التكميلي والمشاريع الإنتاجية والفرش والتأثيث وترميم المنازل. تطوير فرص العمل وانطلاقاً من الهدف الثالث للضمان الاجتماعي الخاص بتفعيل مفهوم الأسر المنتجة؛ كشف "د.الرُبعي" بأنه من الممكن تفعيل العديد من مجالات العمل عن بُعد، وكذلك برامج الأسر المنتجة التي يمكن من خلالها تفعيل صيغ الضمان الاجتماعي لتمكين المستفيدين من الكسب المشروع من خلال العمل عن بُعد، وهو المصطلح الذي يحصره الكثيرون في مفهوم ضيق لا يتعدى فكرة تأدية العمل من مسافة بعيدة غير أن هذا التصور في حقيقته ليس شاملاً لكل الجوانب، ولعل صعوبة إيجاد تعريف محدد أوجد العديد من التعريفات الأخرى التي تستخدم لتعريف هذا المصطلح، مثل:"التنقل الالكتروني، العمل المرن، العمل من خلال الشبكات"، ولذلك فإن تعريف العمل عن بُعد على أنه طريقة مرنة للعمل بعيداً عن موقع العمل وصاحب العمل، وهنا تتمثل أهميته في إتاحة الفرصة لتكافل المجتمع في وجود بدائل لمن لا تمكنهم ظروفهم من التعاطي مع العمل بصورته العامة التي تعود عليها المجتمع. وقال إنه في الاتجاه الآخر فإن مشاريع الأسر المنتجة تعتبر وسيلة أخرى فاعلة من تفعيلات صيغ الضمان الاجتماعي التكويني الإيجابي، حيث تهدف تلك المشاريع إلى تفعيل مشاركة الأسرة في مواجهة وحل مشكلة الفقر وزيادة دخل الأسر عن طريق تحويل الأسرة إلى وحدات إنتاجية متكاملة، وعدم الاعتماد على الفرد العائل أو تكوين الأسرة كبديل له في حال عدم وجوده والاستغناء بفكرة الأسرة المنتجة عن الحاجة للمعونة بشتى صورها، وذلك عن طريق تأهيل إعداد الأسر وتدريبها لإكسابها مهارات حرفية ويدوية للعمل على زيادة دخل الأسر، ومن هنا يبقى التصور أن –العمل عن بُعد والأسر المنتجة– حالتين من الحالات التي يمكن بها وبغيرها وما يماثلها اكتشاف الممكنات التي تفعل الضمان الاجتماعي، ويبقى دور مؤسسات الضمان الاجتماعي في تفعيل هذين المجالين وغيرهما بتوفير فرص العمل عن بُعد وتفعيل برامج الأسر المنتجة، وتوضيح أهمية المجالين للمجتمع في كفاية شريحة من المنتمين لظروف معينة، وبالتالي تحقيق الضمان الاجتماعي في صيغة بعيدة عن المفاهيم التي تدور في ذهن شريحة كبيرة من المجتمع في كون الضمان الاجتماعي لا يتعدى المساعدة المادية أو العينية، والتدليل الحقيقي على أن الضمان الاجتماعي قد يكون مشروعا حقيقيا لصناعة مستقبل فرد بالعمل عن بُعد أو أسرة منتجة يكفي الفرد فيها ذاته ومن يعول أو تستغني بها الأسرة عن الحاجة لمد يدها وطلب العون. حد أدنى للمعيشة يقول "د.السويد" أنه من واقع عمله في جمعية البر الخيرية فقد لا حظ أن نسبة الفقر قد ازدادت بحكم غلاء المعيشة، وبالتالي أصبح من كان غنياً بالأمس ربما أصبح مع هذا الوضع متوسط الحال، ولذا أقترح أن يقوم الضمان الاجتماعي بإعداد دراسة لوضع حد أدنى للمعيشة، فمثلاً إذا كان الحد الأدنى لمعيشة المواطن السعودي في حدود خمسة آلاف ريال وكان الراتب في حدود ثلاثة آلاف ريال، فإنه في هذه الحالة يجب دفع دعم مالي للموظف لتحقيق التوازن في معيشته، كم أقترح وجود فريق استشاري للدعم النفسي والاجتماعي للأسر الفقيرة والأفراد المحتاجين، ويكون هذا الفريق مشكلاً من أخصائيين نفسيين واجتماعيين من الوزارة نفسها وبالتنسيق مع الجامعات للمساهمة في حل المشكلات النفسية والاجتماعية. ودعا "د.السويد" إلى ضرورة التواصل بين الضمان الاجتماعي والجامعات، وذلك لدراسة ومعالجة بعض مشاكل الفقر التي تعيشها بعض الأسر، وقال: إنني أقترح أيضاً على وزارة الشؤون الاجتماعية أن توجد مكتب استشاري دراسي مرتبط بالضمان الاجتماعي، بحيث يستفيد من المعلومات والبيانات المتوفر لدى الضمان الاجتماعي لدراسة أسباب الفقر ومشاكله وكيف يمكن حلها من خلال هذا المكتب، ويكون هناك أيضاً علاقة مع الجامعات لوضع حلول لقضية الفقر أو المشاكل الأسرية والاجتماعية الأخرى. مساعدات للموظف وحول هذا الموضوع يقول "الجلعود" بالنسبة للموظف، فالضمان يقوم بتقديم مساعدات مالية لبعض الموظفين الذين هم في حدود ما يسمى الحد المانع أي الذي يستحق المساعدة، أما بالنسبة للأشخاص المرضى الذين يعيقهم المرض عن العمل فلدى الضمان الاجتماعي لجنة تقوم بفحص الحالة، وربما هذا المرض يمنعه من العمل لمدة سنة أو سنتين أو مدى الحياة، وبالتالي تتم معالجة وضع مثل هذه الحالات. لا يوجد فريق متخصص وهنا يقول "الخضير" أن دور الضمان الاجتماعي يبقى قاصراً مادام لا يبحث عن المحتاجين، من خلال فريق عمل متخصص، وقال:إننا نلاحظ أن المحتاج للضمان الاجتماعي لا يعرف كيف يستفيد من هذه الخدمات، وهنا يظهر الخلط إذ يستفيد من الضمان الاجتماعي من لا يستحق؛ وقد تغيب هذه الخدمات عن المستحق وفي هذا الخلط يعتقد البعض أن أي هبة من ولي الأمر حتى لو كانت من الزكاة هي هبة مفتوحة يتحايل عليها بسهولة ويعتبرها حق من حقوقه، ومن هنا يجب أن يكون للضمان الاجتماعي دور أكثر في البحث عن المحتاجين المستحقين، مشيراً إلى أن الخطوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله– بالوصول إلى الفقراء في مساكنهم يفترض أن تكون منهج عمل.. كما يؤكد "د.السويد" على أن الضمان الاجتماعي لم يقدم التوعية المطلوبة حول الخدمات التي يقدمها للمجتمع وخاصة المستفيدين منها، وقال: إن ما يساعد على هذا الجهل بهذه الخدمات هو أن الشريحة المستهدفة هي في الغالب لا تقرأ، وبالتالي يجب توعية الجميع لنقل تلك المعلومات عن الضمان لكل المحتاجين لها. تحايل مكشوف وهنا يؤكد "د.الربعي" على أن هناك حالات يمكن التحايل عليها، مثال ذلك بعض الاشتراطات الصحية لمن لديه حالة صحية تحتاج إلى دعم مستمر، وقد صنفناها من خلال بحث قمنا به إلى ثلاث مستويات وهي وجود معاق في الأسرة، ووجود حالة مرضية مستديمة، ووجود حالة مرضية مؤقتة، كما لا حظنا وجود حالات تحايل من خلال تقديم تقارير طبية عن وجود شخص معاق في الأسرة، وحينما نطلب مقابلة المعاق نجد أن ذلك غير صحيح، بل الشخص بكامل صحته وقد حدث ذلك ويُرجع بعض الأشخاص تصرفهم هذا إلى قناعتهم بأن هذه المساعدات حق لا مانع من الحصول عليها حتى من خلال التحايل!. كفاية الراتب وحول كفاية راتب الضمان الاجتماعي تساءل "د.السويد": على أي أساس تم تقرير راتب المستفيد؟، وقال: ما نعرفه أن راتب الضمان الاجتماعي هو موحد؛ أي أن راتب الفقير في مدينة الرياض مثلاً هو نفس مقدار الراتب للفقير في قرية أو هجرة نائية، وهنا يختلف الوضع، وبالتالي هذا يؤكد أنه لم يبنى على دراسات، بل بني على جدول معيّن مثل أن يكون الشخص الذي لديه عدد من الأفراد يستحق مبلغاً محدداً وهكذا، مقترحاً أن ينظر في هذا الوضع من عدة جوانب منها مكان إقامة المستفيد وعدد أفراد الأسرة والعمر والحالة الصحية. الحد المعقول وأثنى "د.الربعي" على القرارات الحكيمة التي أصدرتها حكومتنا الرشيدة تجاه زيادة مخصصات الضمان الاجتماعي في السنوات الأخيرة، حيث استفادت من هذه القرارات أكثر من نصف مليون أسرة، كما خصصت القيادة الحكيمة مبلغ 8.360 مليار ريال كموازنة لمعاشات ومساعدات الضمان الاجتماعي لعام 1429ه، وذلك بزيادة قدرها 1.160 مليار ريال عما خصص للضمان الاجتماعي للعام 1428 ه؛ لترتفع هذه المخصصات خلال العام المالي الحالي 1430/1431 إلى حوالي ثمانية عشر مليار ريال، وذلك لصالح الاعتمادات اللازمة لدعم برامج معالجة الفقر والصندوق الخيري الوطني بهدف اختصار الإطار الزمني للقضاء على الفقر والاستمرار في رصده بناءً على التوجيهات الملكية الكريمة، والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ومخصصات الضمان الاجتماعي، ولكن مع تقديرنا وثنائنا المستمر لتلك القرارات، ما زلنا نرى ضرورة مراجعة المخصصات التي تدفع من قبل مؤسسات الضمان الاجتماعي وصولاً لمواجهة الارتفاع المتزايد في الأسعار ومحاولة الوصول للكفاية في الحد الأدنى. معاناة الباحثين في الميدان وقال "د.الربعي" إنه من الطبيعي وجود نسبة فقر معينة في كل مجتمع وزمان؛ ولكن الحقيقة أيضاً تؤكد أن الجهات التنفيذية لبرامج الضمان الاجتماعي تواجه في عملها المشرّف عدداً من المشكلات التي قد تؤثر على نجاحاتها والوصول لطموحاتها في خدمة المستحقين من جهة والوقوف على حقيقة الظاهرة ومساحتها النسبية من جهه أخرى، فعمل تلك الجهات ورغم إنسانيته وإيجابية منطلقاته وروعة تطبيقاته يظل مرتبطاً بتفاصيل مجتمعية تكفل له نجاحاً بحد أعلى أو أقل بحسب تكاملها في إتمام المنظومة، موضحاً أن ما يعانيه الممارسون لنشاط الضمان الاجتماعي من مشاكل تتمثّل في تحديد الحاجة الحقيقية للمساعدة، ومقدار الحاجة اللازمة لسد الكفاية، ومصداقية الحالات؛ ثم المساعدة تبقى في مقدمة تلك المشاكل على مستوى التنفيذ الميداني، بدءاً من استقبال الحالة وقبولها ابتداءً من عدمه ثم دراستها والحكم عليها بالاحتياج من ضده، ثم تحديد الحاجة الواقعية والمؤدية للهدف، حيث إن المعايير المطبقة في أغلبها تعتمد على المستندات الجامدة والتي قد لا تعبر فعلاً عن مصداقية الحالة؛ وهو الأمر الذي يجعل المساعدات لا تذهب لمستحقيها الفعليين في كثير من الحالات، وبذلك تقع الاختراقات التي يحاربها العاملون في الميدان من حصول من لا يستحق على ما لا يستحق وحرمان المستحق مما استحق. معايير المساعدة ودعا "د.الربعي" إلى ضرورة تقديم رؤية علمية تحاول تحديد المعايير اللازمة لمساعدة المحتاجين من عدمه، ويمكن حصرها في ثلاث خطوات، هي: قبول المتقدم ابتداءً وفتح سجل لدراسة حالته، دراسة الحالة ثم الحكم عليها بالاستحقاق من عدمه، ثم خطوة تقدير الحاجة الفعلية للحالة ومقدار الاستحقاق حتى يمكن القضاء على ظاهرة ثقافة الفقر المتفشية والقبول بالمساعدة، بل السعي إليها واعتبارها حقاً مشروعاً يجب الحصول عليه وإن بطرق غير نظامية ومن ذلك تقديم معلومات غير حقيقية، وهو الأمر الذي يفرض وجود نسب غير مؤكدة من أعداد الفئة التي توصف بالفقر، كما يفوت حق النفع على المستحقين له فعلاً. العمل عن بُعد واوضح "د.الشويعي" أن العمل عن بُعد يمثّل أحد الجوانب المهمة والمساندة خاصة للأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة الذين يصعب عليهم التنقل من مكان إلى آخر، وبالتالي سوف تكون هذه الفئة من أكثر الفئات استفادة من برامج العمل عن بُعد بكافة أنواعها ومجالاتها، وبالتالي تخفيف حالة الفقر في المجتمع. وظائف للفقراء ولحل مشكلة إيجاد فرص عمل وظيفية للفقراء بشكل عام يرى "د.السويد" أن هناك مثلثاً لابد أن يتواجد لحل هذه المشكلة، ويتكون من وزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة الخدمة المدنية، ووزارة العمل، حيث تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية إمداد الوزارتين بالبيانات والمعلومات عن من يحتاج الوظيفة، ووزارة الخدمة المدنية تقدم معلومات عن الوظائف الحكومية المتاحة، ووزارة العمل كذلك من جهة القطاع الخاص، ويكون ذلك من خلال برنامج آلي، كما يقترح أن يقام في كل منطقة مكتب تنسيقي يسمى "مركز الوظيفة" ليتولى هذه المهمة. إحصاءات غير دقيقة! ولأهمية هذا الجانب في تعزيز مكانة الوظيفة خاصة للفئة الفقيرة قال "د.الربعي" لابد أن نعترف في البداية بأننا نفتقد هنا لقاعدة بيانات حقيقة حول الوضع التوظيفي في بلادنا، فليست هناك أرقام محددة ودقيقة حول عدد العاطلين أو مؤهلاتهم وفرص توظيفهم، ولا عدد الوظائف التي يمكن شغلها بهم حالياً ومستقبلياً؛ علماً بأنه من المفاجئ للبعض بأن عدد الموظفين في المملكة لا يتجاوز بحال عدد مليون ونصف المليون موظف في القطاعين الحكومي والخاص مع تفوق القطاع الحكومي في نسبة بسيطة، مشيراً إلى أنه من المناسب جداً ومن الأسس السليمة للتخطيط المستقبلي توافر إحصاءات دقيقة حول الوضع الوظيفي بدقة حتى ما يتعلق بعدد المتوقع انسحابهم أو تقاعدهم وهي مهمة ليست مستحيلة، بل هي سهلة إذا ما تعاملنا مع الأمر بصيغة التعاون بين الجهات ذات العلاقة كوزارة التخطيط ووزارة العمل وبعض القطاعات الأخرى، ونحن نعلم أن بعض الدول كالولايات المتحدة الأميركية تصدر بياناً شهرياً حول الوظائف المتوافرة والتي تم شغلها وطبيعة تلك الوظائف وحتى تفاصيل أماكنها وما سوى ذلك، ولعل هذا التوجه لو تم حتى بجهود خاصة من قبل بعض الشركات التي تتولى هذه المهمة بهدف تحقيق ربحية معينة من تزاحم نسائي أمام مقر الضمان الاجتماعي خلال التوسط بين طالب الوظيفة ومقدمها سيكون محققاً لنوعية من التوافق بين ظروف العرض والطلب ومميزات كل وظيفة والمناسب لها من العاطلين وهكذا. لا بديل عن الضمان وعن إمكانية وجود بدائل مساندة للضمان الاجتماعي أوضح "د.الربعي" أنه من المستحيل في كل التجارب العالمية البحث عن بدائل لفكرة الضمان الاجتماعي، وذلك لأن التباين المادي بين فئات المجتمع ظاهرة طبيعية وصحية بنسبها المعقولة وفق ظرف كل دولة، ولكن البحث عن البدائل الممكنة في تقنين الأعداد وفق الاستحقاق وكذلك ضبط تقديم مقررات الضمان الاجتماعي للمستحقين لها فعلاً يبقى توجهاً ضرورياً للحفاظ على مقدرات الوطن وتوجيه المساعدة لمن يستحقها وتحقيقاً لأهداف تلك المؤسسات وعدم هدر طاقاتها ومقدراتها في غير مجراها الصحيح، مما يفوت الكثير من الفرص الحقيقية للوصول بتجربة الضمان الاجتماعي لنجاحاتها المفترضة في ضمن فكرة وهدف تلك المؤسسات التي تنفق الدولة -حفظها الله- في سبيل إنجاحها الكثير من الجهد والمخصصات المالية، ولعل من ضمن تلك البدائل دفع القطاع الخاص للمشاركة في تبني بعض تلك الحالات سواءً في اتجاه توظيف العاطلين أو كذلك دفع المعونات والهبات للجهات البحثية والخدمية العاملة في هذا المجال؛ خاصة وأن القطاع الخاص قد أفاد كثيراً من مقدرات هذا الوطن العظيم، ولذلك صار لزاماً على هذا القطاع المشاركة في تحمل مسؤوليته الوطنية والمشاركة الفاعلة في كل ما من شأنه دعم جهود مؤسسات الضمان الاجتماعي والجهات المماثلة. ويتفق "د.السويد" مع ما طرح من أنه لا بديل عن الضمان الاجتماعي في تقديم الخدمات والدعم المالي من قبل الدولة، ولكنه يقترح تشكيل وحدة أو قسم يهتم بمراجعة ودراسة ما تم إنجازه خلال العشر سنوات الماضية من عام (1420ه إلى عام 1430ه)، وأن يكون هذا الفريق مشكلاً من الوزارة أو بالتعاون والتنسيق مع الجامعات السعودية لدراسة السلبيات والايجابيات وما قدمه الضمان الاجتماعي خلال تلك الفترة للاستفادة منه ووضع الخطط للعشر سنوات الماضية وتصحيح أي سلبيات وتفعيل الايجابيات. أما "الخضير" فإن ما يجب أن تفكر فيه مؤسسات الدولة أن الضمان الاجتماعي ما هو إلا مؤسسة معنية بالمساعدة بحل مشاكل الفقر لدى بعض الفئات وبشكل مؤقت، وهذا هو الذي يجب أن يكون وإن كان الواقع يختلف عن ذلك كثيراً، ولذا من الأهمية بمكان إيجاد البدائل من خلال الصناديق المختلفة التي يجب أن يكون لها دور أساسي وفاعل في خدمة ومساعدة هذه الشريحة من المجتمع، وكذلك في مساعدة الضمان الاجتماعي للاضطلاع بدوره كما يجب أن يكون. المسؤولية الاجتماعية وقال د.الربعي: إنه من المسلم به أن البنية الحضارية لبلادنا قد مرت بالعديد من الطفرات التي أفادت منها كثيراً جهات القطاع الخاص بشكل تحققت منه ثروات هائلة للعديد من رجالات الأعمال، وبرزت بسبب تلك المقدرات الوطنية كيانات اقتصادية خاصة ضخمة وما يهمنا هو التركيز على أهمية مشاركة القطاع الخاص في توفير فرص العمل للعاطلين، من خلال تحقيق النسبة التي فرضتها الجهات ذات العلاقة وقبل ذلك من خلال الإحساس الحقيقي بالدور الوطني لتلك الشركات والكيانات الخاصة، وتفعيل ذلك الإحساس وتحويله من مجرد استهلاك إعلامي إلى مشاركة واقعية وتوظيف المؤهلين من العاطلين في الوظائف التي تناسبهم، ورفع مستوى الحد الأدنى للأجور وعدم الاكتفاء بالتوظيف الذي يوافق النسبة الرسمية الملزمة فقط أو يتماشى مع الدعاية الإعلامية دون شعور مستفيدون يتسلمون مساعدة الملك عبدالله من موجة البرد في الشمال حقيقي بأهمية تحمل نسبة من العبء التوظيفي بالمشاركة مع القطاع العام .. والحقيقة أن هذا الدور ليس تفضلاً ولا منه من هذه القطاعات الخاصة، بل هو دور مجتمعي يكافئ الخدمات الجليلة التي قدمه الوطن لتلك الكيانات من خلال الربحية الضخمة التي تحققت لهم مما أفادوه من مقدرات الوطن؛ والتي كانت مقابل ما قاموا به من مشاريع لكنها كانت فرصاً لابد لهم من مقابلتها بالوفاء لهذا الوطن ومواطنيه، وقد دأبت العديد من دول العالم على حفز تلك الشركات على المشاركة المجتمعية من خلال دعمها إذا هي فعلت ذلك، ووضع بعض الحوافز لها في المشاركات الخدمية المقبلة بمعنى أن الشركة التي تقوم ببذل جزء من ربحيتها في خدمة بلدها فإنها تنال نوعاً من التفضيل في المشاريع المقبلة، وللحق كذلك فإن بعض الشركات والمؤسسات ورجال الأعمال قد بدأوا في ممارسة هذا الدور وهي الخطوة التي نحمدها لهم لكننا مازلنا بحاجة للمزيد. ودعا "د.السويد" القطاع الخاص إلى دعم الجهات الخيرية مالياً، وإنشاء مراكز للبحوث والدراسات حول أسباب الفقر ومشكلاته، وإنشاء كذلك مراكز التدريب للقضاء على البطالة بين الشباب من الجنسين في إطار محاربة الفقر والتقليل منه. مكاتب نسائية وعن أهمية تعميم مكاتب الضمان الاجتماعي النسائية قال "د.الربعي" أظن أن هذا السؤال يعود بنا للفكرة الأولى في التأكيد على الاهتمام بالمرأة في مجالات الضمان الاجتماعي، وقد سبق وأوضحت في بحث سابق بأن ظرف المرأة الطبيعي يفرض منحها مزيداً من الاهتمام في هذا الجانب، ولعل تعميم مكاتب الضمان النسائية في جميع فروع الضمان الاجتماعي بالمملكة يتيح فرصة تحقيق هذا التميز في الاهتمام بالمرأة؛ حتى يمكن لتلك المكاتب تقديم الخدمة المبتغاة للمستفيدات والمستحقات لتلك الخدمات، كما يمكن لتلك المكاتب حال تعميمها تخفيف العبء الذي تتحمله المرأة في حال عدم وجود تلك المكاتب من ضرورة البحث عن أٌقرب مكتب في المدن أو المحافظات المجاورة، مما يكلفها ربما عناء السفر والعناء والتكلفة المادية للوصول للمكاتب المقدمة لتلك الخدمات وفي هذا الإطار أتمنى على الجهات ذات العلاقة البدء الحقيقي بتنفيذ افتتاح تلك المكاتب على وجه السرعة. وكشف "الخضير" أن تعميم مكاتب الضمان الاجتماعي النسائية في جميع المدن الرئيسة لا يختلف اثنان على أهميته، بل إنه من المفترض وجوده كعامل أساسي في مساعدة كل محتاجة، بل يجب الإسراع بتغطية كافة مناطق المملكة بهذه المكاتب وعلى أعلى المستويات. من جانبه أكد "الجلعود" على أن وزارة الشؤون الاجتماعية لديها خطة لافتتاح عدد من المكاتب النسائية، إضافة إلى المكاتب الموجودة في الرياض ومكة المكرمة وجازان والمكاتب التي تم افتتاحها مؤخراً في كل من حائل والدمام والمدينة المنورة وعسير، وقال: إنه من المتوقع أن يتم افتتاح مكتب نسائي بالقصيم خلال هذا العام. وسائل البحث عن «المتعففين» تعتمد على الملاحظة دون تنظيم! تحدث "د.الربعي" عن المحتاجين الذين يمنعهم التعفف عن طرق أبواب الضمان الاجتماعي، وقال: لعله من المفاجئ أن نسبة الذين يتعففون عن طرق أبواب المساعدة بشتى صورها لا يتعدى 12%، حيث دلت دراسة قمت بها مع أحد الزملاء إلى ما نسبته 88.57% يرون أن هناك أناساً يطلبون المساعدة دون حاجة فعلية لديهم، وهي نسبة خطيرة تدل بوضوح وبعد التعمق فيها رقمياً إلي أن المعايير المتبعة لدى جهات المساعدة الاجتماعية الحكومية والأهلية التي تقدم المساعدة ليست على المستوي المطلوب، وإن من الضروري إيجاد معايير ضابطة أكثر دقة تسهم في تحقيق هدف الجمعية في إيصال المساعدات إلى من يحتاجها فعلاً، وألا تكون المساعدة وسيلة للهروب من العمل ومن هنا كان البحث عن الفئة التي تحتاج فعلاً للدعم صار ضرورة لابد منها للوصول للفئة المستحقة لذلك، وهم الذين يتعففون عن طلب المساعدة حياءً وأحياناً جهلا بأبوابه التي يجب أن تطرق. ويشير "الجلعود" إلى أن الضمان الاجتماعي يسعى للوصول إلى المحتاج المتعفف قبل أن يصل إليه، وقال: إن لديهم تعاوناً مع بعض الجهات للوصول إلى هذه الشريحة من خلال التربية والتعليم، حيث إن مستوى الأسرة الاقتصادي والاجتماعي والأسري يظهر على هيئة الطالب ويعرف من خلال ذلك وضعه الاقتصادي والاجتماعي والأسري؛ كذلك التعامل مع المرشد والمرشدة بالمدارس، وأئمة المساجد، والتعاون أيضاً مع الجمعيات الخيرية والتي يوجد فيها فروع نسوية لطلب دراسة الحالة للأسر التي لا يوجد لها عائل، إضافة إلى التعاون مع الأخصائيين الاجتماعيين في المستشفيات لخدمة المرضى الذين لا يستطيعون الحضور، مثل مرضى الغسيل الكلوي وغيرهم، حيث يتم خدمتهم وإنهاء تسجيلهم في خدمة الضمان بشكل مباشر.