لم يأتٍ فك احتكار الخطوط السعودية للنقل الجوي داخلياً بمستوى تطلعات المسافرين، الذين انتظروا من "سما" و"ناس" معالجة تأخر الرحلات وضغط الحجوزات في المواسم وتقديم خدمة أفضل بأسعار معقولة، غير أن ما يحدث يعاكس المأمول فبدأت تظهر أزمات الطيران الاقتصادي يوماً بعد يوم. وفيما تبدأ اليوم شركة "سما" للطيران إيقاف رحلاتها من وإلى ست وجهات داخلية متعللة بتكبدها خسائر تفوق 50 مليون ريالٍ جراء توزيع المسارات الالزامية بين الناقلين، أكد الدكتور سالم باعجاجه الخبير الاقتصادي أن الخطوط السعودية لم يأت منافس لها رغم فك احتكارها منذ أكثر من عامين، وهذا ما يفسر بعض الخسائر التي تتكبدها شركات الطيران الاقتصادي. وقال باعجاجة ل"الرياض" إن فك احتكار وتحكم الخطوط السعودية في سوق النقل الجوي الداخلي الذي استمر نحو 60 عاماً، كان من المفترض أن ينتج عنه تحول في السوق وتقديم خدمات مميزة بأسعار منافسة ل"السعودية"، غير أن الناقلين الجدد لم تكن إمكانياتهم في مستوى المأمول ولم يستطيعوا مجاراة الخطوط السعودية. وأضاف "كان من المفترض أن تكون شركات الطيران الجديدة تفوق خدماتها ما تقدمه الخطوط السعودية وتعوض المسافرين تحكم الاخيرة بالسوق في السابق وتخفف من الضغط الذي كانت تواجهه، لكن إمكانيات الشركات الجديدة لم تكن في مستوى السوق، رغم توفر البيئة الملائمة للاستثمار وتوفر جميع العوامل المساعدة للنجاح". وأشار باعجاجة إلى أن إعلان "سما" تكبدها خسائر تفوق خمسين مليوناً في النقل على الجهات الالزامية منذ بداية تشغيلها، يأتي نتيجة اعتبارات مهمة الى جانب تأخر خطة تطوير القطاع ودعم الحكومة للشركات الجديدة منها التخفيضات الهائلة التي اطلقتها الشركة رغبة في جذب المسافرين اليها، يضاف الى ذلك خدماتها المتواضعة التي تقدم في الجو وتأخر الرحلات والغاء بعضها. وزاد "في الوقت الذي كان من المفترض أن يدخل السوق ناقلون كبار في مستوى الخطوط السعودية ينافسونها ويتفوقون عليها، تطالب الشركات الجديدة بدعم من الحكومة لأسعار الوقود ومنح قروض لها، أين الشركة من دراسة أسعار الوقود ودراسة السوق ومتغيراته قبل حصولها على الرخصة". وكانت "سما" أصدرت قبل أيام بيانا تؤكد فيه عزمها إيقاف رحلاتها الداخلية والمخصصة لخدمة المدن الإلزامية التي تشمل الرحلات الجوية بين الدمام وحائل، حائل والقريات، حائل ورفحاء، حائل وتبوك، وكذلك الدمام وبيشة، اعتباراً من أمس، مبينة انه سيتم إرجاع قيمة الحجوزات للمسافرين على متن هذه الرحلات جراء هذا التوقف. وعللت هذه الخطوة بالتأخر الكبير في وضع السياسات الشاملة المتعلقة بقطاع النقل الجوي الداخلي، والخسارة التي تكبدتها بسبب ضعف الطلب على هذه الرحلات الإلزامية وكذلك وجود سقف أعلى للأسعار لا يمكن تجاوزه, منوهة إلى أنها بخلاف الخطوط السعودية، لا نتلقى أي دعم أو إعفاء من دفع رسوم على هذه الرحلات ولا يمكن للشركة أن تستمر في تحمل خسائر هذه الرحلات الإلزامية. وأكدت تكبدها أكثر من 50 مليون ريال كخسائر متعلقة برحلات نقاط الخدمة الإلزامية منذ بدء التشغيل وتدفع ما يقرب من عشرة أضعاف سعر وقود للرحلات الداخلية مقارنة بما تدفعه الخطوط الجوية العربية السعودية، حيث تتمتع بالدعم الكبير في الوقود، الذي لا يقدم للشركات السعودية الخاصة. وعاد باعجاجة، إلى القول بأنه من الضروري فتح السوق مجدداً أمام ناقلين كبار ذوي امكانيات تضاهي ما توفره الخطوط السعودية لعملائها وتزيد عليها، ليست مثل إمكانيات الشركات المرخصة لها المتواضعة، أو يتم جلب ناقلين عالميين يتشاركون مع شركات الطيران الاقتصادي في النهوض بالسوق وتطوير الخدمات فيه، مستبعداً اتخاذ شركة "ناس" للطيران خطوة مشابهة لتلك التي اتخذتها سما بالانسحاب من النقل على وجهات داخلية.