فاصلة : (الصداقة الحقيقية كالصحة الجيدة ، قلما تعرف قيمتها إلا بعد فقدها) - حكمة عالمية - عندما كنا صغاراً كان الصديق بالنسبة لنا هو الحياة بكل تفاصيلها وخسارة صديق كانت بمثابة كارثة ، وتبقى الذكريات تلاحقنا والجرح يبقى مفتوحا لاننا لا ننسى ،ولان الصديق الحقيقي هو من نفقده فلا ننساه . وكبرنا وعلى مقاعد الدراسة ظل معنا بعض أصدقاء الطفولة واكتسبنا أصدقاء جددا في المدرسة ، وكبرنا وبعضنا في الجامعة اكتسب صداقات جديدة . في كل خطوات طريقنا مازال الأصدقاء هم حياتنا التي لا يمكن أن تنتهي بإرادتنا ،مهما انشغلنا او طال بنا الهروب . ثم تبدأ الحياة العملية فتتسع دائرة المعارف ويتعدد الأصدقاء فهذا صديق نلجأ إليه إذا اكتأبنا لان له أذناً عاطفية،وآخر نلجأ إليه إذا واجهتنا مشكلة لأنه يناقش المشكلة بعقلانية. لكن يظل الصديق القديم فيه عبق البراءة والصفاء والضحكات الصافية. لذلك مازلت أحتفظ بصديقتين من المرحلة الثانوية وعمر صداقتنا يزيد على ربع قرن. ليس مهماً ان نتحدث باستمرار ...أو نتذكر مناسباتنا لكن من المهم اذا تحدثنا انطلقت ضحكاتنا لتعبر السنين الطويلة ومسؤولياتنا الجسيمة مع الزواج والعمل والأطفال الذين أصبحوا كبارا . الصداقة مهمة جدا في حياة الانسان والذي بدون أصدقاء أشبه ما يكون بشجرة يابسة لا تطرح الثمر. من حسن حظنا ككتّاب أن لدينا قراء يمكن أن يكونوا أصدقاء وساعدت شبكة الانترنت على أن تخلق لنا في بلدان عدة أصدقاء نتواصل معهم ويتواصلون معنا رغم بعد المسافات. إلا أن شبكة الانترنت أفقدتني شخصيا خاصية الاحتفاظ بالذكريات فبينما كان عندي ملفات بها رسائل قراء كانت تصلني قبل عصر الانترنت والكاتب الذي لا يجد ممن يقرؤونه عاطفة الود هو كاتب مسكين لأننا وإن كنا نحتاج إلى النقد والتوجيه إلا أننا أيضا نحتاج إلى الود الجميل. والذي لم يجرب دفء الصداقة لا يستطيع أن يحكي عن برد العواطف .