تزاحمت الكلمات في خاطري منذ لقائنا المبارك مع أمير الوفاء.. سلمان الوفاء... صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض - حفظه الله ورعاه - نحن أحفاد حمد بن ناصر الجرباء أمير ثادق والمحمل رحمه الله أحد الرجال المخلصين للملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله.. فقد كان محور اللقاء شكر وتقدير سموه الكريم عما تضمنته وثيقة تاريخية يناهز عمرها المائة عام عن خطاب من الإمام عبد الرحمن آل فيصل إلى حمد بن ناصر الجرباء.. فكان سموه الكريم مضرباً للمثل في الوفاء. وقد أشارت جريدة «الرياض» بتاريخ 3/2/1431ه إلى هذه الوثيقة مع عد من الوثائق الأخرى، إلا أن لذلك اللقاء وتلك الوثيقة دلالات عظيمة، أجد معها قلمي يطالبني أن أكتب لأفسح لخواطر الوفاء أن تتجلى، ولأعبر عن شكر وتقدير أسرة الجرباء لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه. نعم أخي القارئ الكريم في هذا الزمن المتسارع الذي تداخلت فيه الحضارات، وانفتحت فيه الفضائيات وتبدلت فيه الكثير من القيم والعادات.. نجد أن المعادن الأصلية ثابتة... ومعادن الرجال الأوفياء لامعة... فهذا أمير الوفاء ورغم مضي المئة عام يقدم لوحة مشرقة من لوحات الوفاء... هنا لابد للقلم أن يكتب... ولا بد للتاريخ أن يسجل. عندما يدعو أمير الوفاء... حفظه الله أحفاد حمد بن ناصر الجرباء أمير ثادق والمحمل رحمه الله وهو الذي كتبت إليه تلك الوثيقة منذ ما يقارب المئة عام كما أشرنا، ليقدم شكره وتقديره الكريمين لهم.. إنه والله وفاء قلما يسطر التاريخ مثله، بل ويصعب في الزمن الحديث وجوده. أيها القارئ الكريم إن لثاقب نظر صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وهو الخبير في شؤون الحكم والإدارة والنظم في هذه الوثيقة دلالات لعلني أشير إليها بإيجاز منها: أولاً: تجسيد مفهوم الوفاء واقعاً عملياً في دعوته الكريمة لأحفاد حمد بن ناصر الجرباء وشكرهم وأنهم أبناء أولئك الرجال المخلصين لهذه الدولة المباركة. ثانياً: أن يتعلم الجميع وخاصة الأبناء من التاريخ لأخذ العبرة والعظة، لأن الأبناء الذين نشؤوا في ظل هذه الدولة المباركة وهم ينعمون في ظلها الوارف بالأمن والخير والرفاه والاجتماع.. أن يدركوا أن هذا البناء القوي جاء بجهاد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ورجاله المخلصين الذين تحملوا شظف العيش، وصعوبة الحياة، ومع ذلك كله أقام الملك المؤسس هذا البناء العالمي، إن هذا البناء تحدثت عنه كتب التاريخ الحديث وأبانت عظمة البناء وإعجاز الإنجاز... وأحيل القارئ الكريم إلى كتب التاريخ لأن ما أنجزه الملك المؤسس رحمه الله أسطورة تاريخية تدل على عظيم فكر المؤسس وبعد نظره في جمع شتات بلاده تحت راية واحدة خفاقة لا إله إلا الله محمد رسول الله. ثالثاً: هذه الوثيقة تثبت عمق العلاقة الأخوية بين الإمام عبدالرحمن آل فيصل رحمه الله ورجاله المخلصين، فالإمام عندما بعث بذلك الخطاب إلى حمد بن ناصر الجرباء أمير ثادق والمحمل رحمه لله، دليل على أخوة العلاقة ووحدة الهدف، فدولة هذه جذورها لم ولن تؤثر فيها الرياح والأعاصير بحفظ الله وتوفيقه،لأن نسيجها الاجتماعي الذي بنيت عليه كان متلازماً في الفكر ووحدة الهدف وسمو الغاية وفق كتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم. ومن المناسب هنا أن أشير إلى أن المملكة العربية السعودية مع محافظتها على ثوابتها الدينية استطاعت مواكبة التطورات الحديثة في جميع المجالات بما في ذلك الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثقافية وإصدار التشريعات الوطنية بما يتفق مع الشريعة الإسلامية ولا يخالفها، فهي بذلك أي - المملكة - استطاعت أن تقدم نموذجاً فريداً في تطبيق الشريعة الإسلامية مع الأخذ بمتطلبات الوقت الحاضر وتحقيق روح التعاون الدولي مع دول العالم المختلفة، وأحيل من يرغب في الاستزادة حول هذه النقطة إلى كتابي «شؤون قانونية سعودية» فقد أوضحت عدداً من الملامح القانونية في ذلك. رابعاً: ومن دلالات هذه الوثيقة أنها تُسكت وترد على الأصوات المبحوحة التي تحاول تشويش التاريخ في قوة البناء الداخلي والدعم الذاتي في البناء، وتؤكد أن هذا البناء جاء من الداخل ومن داخل المجتمع السعودي، وهذا يؤكد أيضاً إنجاز الملك المؤسس عبد العزيز رحمه الله وطيب الله ثراه لينشأ من ذلك دولة عالمية حديثة. خامساً: ومن دلالة هذه الوثيقة - التي أراد أمير الوفاء إبرازها ليستفيد منها الأبناء والأحفاد - هو أن هذا الكيان المبارك يجب أن تتظافر جميع جهودنا في المحافظة عليه، ودعم أركانه، ونبذ أي خلاف أو فرقة.. لأنه عندما يدرك النشء كم من الجهود بذلك وكم من التضحيات قدمت وكم وكم في سبيل تحقيق هذه الوحدة وقيام هذه الدولة المباركة، يدرك الجميع حقيقة جلية هي وجوب المحافظة على هذا الكيان القائم، ودحر أي شائعة تريد أن تهز ورقة في غصن من أغصانه... لأن سلامة المنهج وصفاء المعتقد ووحدة البناء أمر لا مساومة فيه. وفي الختام ومن الوفاء علينا أن نتقدم بالشكر والتقدير لأمير الوفاء... سلمان الوفاء فنقول لسموه الكريم حفظكم الله ورعاكم، فهذه اللفتة الأبوية الكريمة لوثيقة كتبت في العاشر من شهر صفر من عام 1331ه أي ما يقارب المئة عام من الزمن.. هي محل شكرنا وتقديرنا بل ومن الوفاء علينا أن نعمل جاهدين في سبيل رفعة هذه الدولة المباركة التي نستظل جميعاً بظلها الوارف، ونسعى مخلصين لمزيد من التطور بما يحقق النماء والازدهار. حفظ الله... سلمان الوفاء.. وحفظ الله الوفاء وأهل الوفاء دائماً. * الخبير النظامي في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء عضو هيئة التدريس بالتعاون قسم القانون جامعة الملك سعود