كتب رئيس تحرير صحيفة «الرياض» الأستاذ تركي بن عبدالله السديري في العدد رقم 15183 بتاريخ 3 صفر 1431ه مقالاً تحت عنوان «الرسائل لوحات ووثائق سلوكية مذهلة» واستهله بأن الملك المؤسس عبدالعزيز - طيب الله ثراه - لم يكن غازياً جباراً جمع الناس بتخويفهم عبر سطوة قوة خاصة يملكها.. وقد أتى الرياض وكل الذين معه ستون رجلاً لا يصح إطلاقاً أن يدل عددهم على مفهومية جيش.. لكن الملك عبدالعزيز أتى إلى مجتمعه الذي يعلم جيداً أنه سيدعمه بالتأييد بل سوف يحتفي بوصوله. وأضاف بأن إنشاء الامتدادات الصحراوية كدولة إنما أحدثه الملك عبدالعزيز من داخل المجتمع المشتت.. لنقرأ الرسائل المتبادلة وبالذات ما يكون قد بعثه الملك عبدالعزيز أو والده الإمام عبدالرحمن.. الرسائل التي وردت في كتاب «ممتع المتابعة» جمع رسائله الأستاذ ابراهيم بن حمد آل الشيخ تحت عنوان «الرسائل العديدة والتوجيهات السديدة بين ائمة آل سعود وأهالي ثادق والمحمل». وحول لغة هذه الرسائل قال الأستاذ تركي السديري: بأنه عندما نقرأ نوعية الرسائل فلن نجد لغة حاكم عسكري يسوق نحو ما يريد ولكن نجد منهج مسلكية جماعية تؤكد تجانس المسار الواحد بلغة التفاهم التي تؤكد أنه لا وجود لعزلة النفوذ بحاكم عن طبيعة أوضاع محكوم.. وذكر أنموذجاً على تلك الرسائل التاريخية مما استعرضه الكاتب محمد الغنيم في الصفحة «10» من العدد نفسه وهي طلب الإمام عبدالرحمن - طيب الله ثراه - في رسالة إلى أمير ثادق حمد بن ناصر الجرباء وجماعته يذكر فيها الحاجة إلى سلف مائتين وخمسين صاع عيش يؤكد أنهم محتاجون لها لبيوتهم. وفي صحيفة الجزيرة الغراء العدد رقم (72431) بتاريخ 10 رجب 1430ه كتب الدكتور محمد بن عبدالرحمن البشر مقالاً أسماه (نوازع إحصاء وثيقة) وقد تحدث فيه عن هذه الرسالة التاريخية والتي وصلته نسخة منها من يد أمير الرياض رجل الوفاء والعطاء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - المدونة في 10 صفر 1331ه وجهها الإمام عبدالرحمن بن فيصل - طيب الله ثراه - إلى الجد أمير ثادق والمحمل في ذلك الحين حمد بن ناصر الجرباء - رحمه الله - ونصها «بسم الله الرحمن الرحيم، من عبدالرحمن بن فيصل إلى الأخ حمد بن ناصر الجرباء وجماعته أهل ثادق سلمهم الله تعالى آمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ذلك نبي لنا سلف مائتين وخمسين صاع عيش محتاجين لها لبيوتنا وهي قادمة في الزكاة إن شاء الله ونجزوها بالتمام لازم، 10 صفر 1331ه». وذكر في ثنايا مقاله أن هذه الوثيقة تحكي الحال السياسية والاجتماعية والاقتصادية في ذلك الزمان. فالوجه السياسي ان الإمام عبدالرحمن بن فيصل - طيب الله ثراه - لم يأمر أحد معاونيه باحضار ما يحتاجه وإنما طلبها سلفاً والوجه الاجتماعي ذلك التواصل بين الإمام ومن حوله من المواطنين وأنه خاطب أميرهم باسم الأخ وذكر جماعته بالسلام ممثلين في شخص أميرهم، والوجه الاقتصادي مقدار الحاجة لبيوت الإمام.وقد وفق الدكتور محمد البشر في قراءته وتحليله للوثيقة. وفي لفتة كريمة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - تجلت في دعوته لنا أحفاد أمير ثادق والمحمل سابقاً حمد بن ناصر الجرباء للقاء بسموه وقد تشرفت مع عدد من أبناء العم أحفاد حمد بن ناصر الجرباء باللقاء بسموه بمكتبه العامر حيث بدا على محيا سموه في هذا اللقاء البهجة والسرور وابتدأ اللقاء باستعراض لبعض الوثائق التاريخية والمكاتبات بين الإمام عبدالرحمن الفيصل والملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن وبين الجد حمد بن ناصر الجرباء وجماعته أهل ثادق أثنى سموه على تلك المواقف التي تدل على الإخلاص والولاء من أهالي ثادق ومن أسرة الجرباء في ثادق الذين آزروا فيها توطيد الحكم وتوحيد الوطن على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز وقال سموه ان الرسائل والوثائق التي اطلع عليها تؤكد ما هو معروف من الجميع أن بداية تكوين الحكم في هذه البلاد لم تكن بقوة أجنبية ولم يكن الملك عبدالعزيز جباراً في تعامله مع الناس عبر سطوة القوة عند توحيده للبلاد وإنما تأسيس الحكم وتكوين الدولة مطلب متجذر في نفوس مواطني هذه البلاد وعندما رفع الملك المؤسس رايته هب معه مواطنو هذه البلاد بأنفسهم وآزروا الملك المؤسس بكل ما يملكون من مال وعتاد، وقال سموه ان مواقف الصدق والولاء والاخلاص لا بد أن تذكر وتشكر وأنا أثني على موقفكم وموقف آبائكم وأجدادكم، وأضاف سموه أننا إذا كنا نقول ان الحكم متجذر في هذه البلاد فأنتم وأمثالكم من أبناء هذا الوطن الصادقين جذوره. وفي نهاية اللقاء الأبوي عبرنا عن الشكر والتقدير لهذه اللفتة الكريمة من لدن سموه وأن هذه العبارات التي سمعناها من سموه نعتز ونتشرف بها وهي تاج على رؤوسنا جميعاً ومن المصادفات الجميلة أن يأتي هذا الموقف من سموه وقد مرّّ على هذه الوثيقة مائة سنة كاملة حيث ان تاريخ الوثيقة 10 صفر 1331ه ولاشك أن هذا الموقف موقف وفاء من سموه وأن حكام المملكة أعزهم الله لا ينسون مثل هذه المواقف المشرفة مهما تقادم الزمن. * نائب رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام للرقابة والتعاون الدولي