جميلة هي الأحلام حين تتحقق وتصبح أجمل حين ترى بريقها ينعكس في عيون الآخرين.. بحمد الله وتوفيقه خرجت مولودتنا الصغيرة (قصائد ضوئية) إلى العالم الضوئي الكبير يحملها الأحبة وتتناقلها الأيدي متمنين لها مستقبلاً مشرقاً؛ وكعادة المواليد الجدد يختلف أو يتفق الأهل على تسميتهم؛ وأول ما يسأل عنه -بعد ذكر أو أنثى– هو معنى اسم المولود. فما معنى قصائد ضوئية؟. الطريف أن البعض كان يظن أن الصفحة تختص بالشعر والأدب –وهي كذلك ولكن بشكل آخر– والبعض يعتقد ألا علاقة بين الشعر والضوء، وأمور أخرى طريفة. أما أنا فأرى أن الشعر يرسل أشعته الخفية ليضيء القلوب ويوقظ المشاعر، والضوء يترنم شعراً تسمعه العيون ويفهمه الوجدان. وكيف لا والصور البلاغية في الشعر ما هي إلا صور ضوئية نراها بعين خيالنا. كقول الشاعر: وكأن سهيلاً والنجوم وراءه صفوف صلاة قام فيها إمامها وقول الآخر: وكأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه وآخر: إن القلوب إذا تنافر ودها مثل الزجاجة كسرها لا يشعب هل رأيتموها بخيالكم صوراً ضوئية؟ والأمثلة لا حصر لها في شعرنا العربي. والموازنة بين الشاعر والمصور تفتح آفاقا للإبداع، فكما أن الشاعر يبوح مشاعره في قصيدته بالشكوى والتغزل والتأوه؛ فالمصور أيضا يتخذ من التصوير متنفسا عن خلجات نفسه وتجسيدا لأفكاره وتعبيرا عن ذاته فيشاطر أعماله أحاسيسه ليبدع صورا تضحك وتبكي وتتنفس. والموازنة جميلة أيضا بين ولادة القصيدة وخروج الصورة الضوئية للنور فهي حالة فريدة يعيشها الفنان حتى تخرج الصورة ممزوجة بدمائه، تأخذ من ملامحه وصفاته، وكل من يرى الصورة يعرف أنها ابنة المصوّر فلان لأنها تشبهه. بالإضافة إلى الأغراض شعرية من غزل ورثاء وهجاء ومديح.. تقابلها أنواع للتصوير من بورتريه ولاندسكيب وماكرو.. وكما للشعر موسيقى عروضية وأساسيات نحوية ومحسنات بديعية فالتصوير كذلك له أساسيات تكوينية ومحسنات تعريضية واستعارات ضوئية.. ومثلما تتفاوت طبقات الشعراء بين فحول وصعاليك ومخضرمين ومجيدين فالمصورون لهم طبقاتهم كذلك. لا عجب إذ أن الشعر هو أبو الفنون. وأعتقد لو أن الشعراء الجاهليين عرفوا الكانون والنيكون لأبدعوا معلقات ضوئية تطبع بحبر الذهب وتعلق في المتاحف. من منطلق هذه الرؤية خرج شعار قصائدنا الضوئية الذي هو عبارة عن غالق الكاميرا تهدر منه بحور الشعر. فالشاعر يعرض الصور بالكلمات؛ والمصور يكتب الشعر بالضوء والآن يا من سألتموني؛ هل عرفتم معنى قصائد ضوئية؟.