قبل إنشاء هيئة سوق المال كان عدد الأسهم المدرجة قليلاً وكذلك رؤوس أموالها، وذلك لا يتناسب مع حجم اقتصاد المملكة الضخم، ولا مع طموحاتها المشروعة بتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر واحد ناضب (النفط) بل تحقيق التنمية المستدامة عبر تنويع القاعدة الاقتصادية (وتوجيه الموارد النادرة للقطاعات المنتجة) وما بين قوسين هو المهمة الرئيسية لسوق المال، حيث تُوجّه النقود والمدخرات لبناء صروح اقتصادية في الصناعة والمصارف وكل مجال يدر أموالاً ويوفر فرص عمل وله صفة الاستمرار والنمو كما يحدث في معظم الشركات المساهمة العامة التي نمت فيها حقوق المساهمين - على المدى - بشكل كبير، ولهذا اعتقد أن هيئة سوق المال ترى في طرح المزيد من الشركات للاكتتاب تعميقاً للسوق، وهذا صحيح ولكن وفق ضوابط، وبإضافة مُحفزات أخرى أهمها فتح السوق للعالم كله مباشرة وعدم الاكتفاء بعملية (السواب) عبر البنوك، إن كثيراً من شركاتنا الاستثمارية (كالمصارف والاسمنت) بدون عمق، لو أراد مستثمر شراء مليون سهم في شركة منها لطار سهمها في الأعالي، والعكس، وهذا يدل على عدم تحقق العمق المطلوب، والخوف من الأموال الحارة مبالغ فيه، فأموال كبار المضاربين لدينا أشد حرارة من أموال الأجانب الذين لا يشترون إلا بعد دراسات وافية، كما أنهم سوف يساعدوننا في إصلاح الخلل الإداري وعدم الإفصاح الكامل لدى بعض الشركات لأنهم بدخولهم متملكين مباشرة لهم حق التصويت والنقد والمشاركة وحضور الجمعيات وتحسين الأداء الإداري ومحاربة الفساد. من ناحية أخرى فإن كثيراً من الشركات التي طرحتها الهيئة للاكتتاب لتعميق السوق كان المطروح منها قليلاً وبعلاوات إصدار أكثرها كبيرة ونقطة الضعف أن عائد العلاوة يذهب للملاك وإنما ينبغي أن يذهب للشركة ككل، واستفادة الملاك هنا واضحة لأنهم يملكون الأكثرية، وهنا تكون العلاوة وسيلة تمويل وتوسع تفيد السوق لا وسيلة تربح.. وقد طُرح عدد كبير من شركات التأمين بدون علاوة ولكن رؤوس أموال معظم تلك الشركات قليل جداً والمطروح منها أقل، فصارت وسيلة مضاربات حمقاء، وبما أن هناك شركات تأمين كثيرة تنتظر دورها في الطرح نقترح ألا يقل رأس مال أي شركة تأمين تُطرح مستقبلاً عن نصف مليار فهذا يناسب مخاطر التأمين ويساعد على تعميق السوق بحيث تستعصي شركات التأمين على ألاعيب المضاربين، وقد رأينا أكثر من شركة تأمين مطروحة تُطالب بزيادة رأس مالها بعد الطرح مقصوراً على الملاك، فلماذا لا تزاد رؤوس أموالها قبل الطرح بما يتلاءم مع مخاطر التأمين وسعة سوقه وضخامة اقتصاد المملكة؟ كذلك فإن السماح للشركات بشراء أسهمها، واستثمار فوائض أموالها في سوق الأسهم - خاصة أنه الآن منخفض - مما يساعد على تعميق السوق.. وكذلك تفعيل (صندوق سنابل) الذي مضى على الموافقة عليه وقت طويل.