قالت لابد أنك لا تذكرني .. سبع سنوات مضت منذ لقائنا العابر في مدينة أشبيلية .. جلسنا وقتها ثلاث ساعات نتحدث عن التاريخ العربي .. أدهشتك بمعلوماتي ولغتي العربية وأنا الاسبانية الصرفة بلا أي جذور عربية .. وبهرتني بوعيك وتفهمك وحسن آرائك .. أهديتني وقتها أول كتبك الذي كنت قد أصدرته قبلها بقليل .. لا تستغرب أنني كنت قرأته اكثر من سبع مرات .. في ذات يوم لقائنا كنت أعيد قراءة هذا الكتاب لاستعيد التعرف عليك من جديد .. سنوات سبع مضت سعيت لأن أتواصل معك لكن الطرق افترقت .. والمسافات بعدت .. وذلك المكان الذي التقينا به لازال شاهدا على تلك الضحكات التي كنت أطلقها من لطف مداعبتك .. وأظن أن صداها لازال يتردد في الأرجاء .. هل تذكر .. هل تتذكر ذلك الزجاج المعتق الذي يحيط بتلك الأزقة التي سرنا بها .. ها تذكر تلك المنارة التي جلسنا نرسمها وهي تزين ذلك المسجد التاريخي العريق .. أخبرتك أنني اخترت دراسة الأدب العربي في جامعة أشبيلية تأثرا بحياة العرب وحضارتهم التي بنوها على أرض أجدادنا .. تذكر كيف أنني كنت أخبرك أنني كنت أتمنى لو كنت ولاّدة تلك الأميرة الأندلسية الشاعرة التي ألهبت حماس أهل الاندلس وسلبت عقولهم بجمالها وروعة أدبها .. وكيف أنني وبصعوبة شديدة حفظت شعرا كثيرا مما قاله ابن زيدون الوزير الأندلسي الشهير .. العاشق الأول لولادة .. لا تستغرب لهذه الرسالة .. ولا تستغرب أن لقاءً مدته ثلاث ساعات يمكن أن يترك كل تلك الانطباعات الايجابية التي ذكرتها .. فبالتأكيد تذكر أنني قلت لك إنني أؤمن بشدة بأن القدر أحيانا يختار لنا أكثر مما نختار .. وإن هناك علامات حسية لا يمكن أن نهملها في علاقاتنا مع البشر .. وكان للقائنا ذاك الكثير من العلامات .. أهمها أنك من دون المجموعة التي كنا بها سألتني عن مكتب رئيس قسم الدراسات العربية .. وأنني على غير عادتي صحبتك الى هناك .. وأن رئيس القسم طلب مني أن اشترك معكم في الحوار على غير العادة أيضا .. وانك كنت تحمل كتابا عن حياة ابن زيدون معلمي الأول .. وأنك أسميتني ولادة دون أن تعلم أنها ملهمتي .. والأهم أنني وجدت الكثير من الصفات المشتركة بيننا .. وقد تسألني أين كل ذلك الغياب .. وأسألك لماذا لم تبادر أنت بالسؤال .. ولا اخفيك أنني كنت أتابعك .. وأتشوق للحديث معك .. لكنني أقول إنه قد يكون لا يذكرني .. فمعرفتنا لم تدم سوى ثلاث ساعات .. لكنها تركت في نفسي مكانة كبيرة .. اتمنى ان لا تكون قد نسيت كل شيء .. وأتمنى أن تصلك هذه الرسالة وأنت بأحسن حال. أترك لكم التعليق .. بانتظار آرائكم على إيميلي الشخصي .. [email protected] ودمتم سالمين..