لأنه سوق تحكمه عشوائية التسويق، وفوضى العرض، وضبابية الطلب.. لأنه سوق يحمل كل أبجديات العوائد المجدية لمنتجاته، لأنه سوق غدا ساحة استعراض تارة، ومساحة عبث تارة أخرى داخل قنوات التواصل والإعلام.. لأنه ذلك.. كل ذلك؛ بل وأكثر من ذلك أحياناً.. فإنه كان ولا يزال تحكمه مجموعات وأشخاص ينتمي إليها المتطفل؛ والطامع.. الذين خلقوا حالة من الضبابية التي تنقشع عندما تسطع شمس حقائق مشاريع واقعية؛ وتزيد قتامه عندما تكون وسائل الإعلان المحرك الأول لقنوات الإعلام فيتحول الطرح الرزين إلى ساحة مبارزة تغرر في البسطاء. طالت حالة الترقب التي شهدتها السوق العقارية السعودية في انتظار ارتفاع أو انخفاض الأسعار، والجميع ينتظر - بائع أو مشترٍ - استقرار السوق بعد انطلاق الأخبار سواء على الصعيد الشخص أو الجماعي أو في وسائل الإعلام المختلفة عن ارتفاع السوق مع بداية 2010 وعما إذا كان سيشهد ارتفاعاً أو انخفاضاً، ونسي الجميع - أو تناسوا - أن السوق تحكمه آليات العرض والطلب. أن غالبية الحراك في السوق العقاري ينحصر في التداول العقاري؛ لجميع منتجات السوق؛ حيث إن الطلبات الكبرى (الأراضي) انحسرت إلى حد ما خلال العام المنصرم، وأقصد بالطلبات الفردية تلك التي تنتهي بمستهلك نهائي؛ سواءكانت منحة سكنية بقيمة 30 ألف ريال، أو قصر بقيمة 30 مليون ريال. هذا الحراك المحصور في غالبة ضمن حدود الأفراد؛ جعله محكوماً من قبل مكاتب في أطراف المدن تمسك في زمام الأراضي السكنية، وأخرى داخل المدن؛ انحصر نشاطها بين التأجير والتمليك.. ولا بد من حركة تصحيح لأوضاع السوق العقارية الحالية في المملكة، والوقوف على ما هو موجود فيه فعلاً، وليس مجرد تنظير أو إشاعة أو خبر أو تصريح، لا بد أن يعرف الجميع أن الاستثمار العقاري هو إحدى قنوات الاستثمار المهمة في اقتصادات الدول والأفراد، ومن الطبيعي أن يستقي الاستثمار في السوق العقارية مصطلحات دارجة في الأسواق الاستثمارية المالية مثل ارتفاع أو انخفاض أو فقاعة ... إلى آخره. شهدت أسعار العقارات في جميع دول العالم بصفة عامة؛ والسعودية بصفة خاصة ارتفاعاً كبيراً مما حدا بالتساؤل لدى المستثمرين العقاريين والمواطنين عن مدى استمرار ذلك الارتفاع أو انخفاضه، وهل سيكون في القريب حركة تصحيحية للأسعار، خصوصاً بعد تراجع السوق في أواخر العام الماضي 2009. ويبحث الجميع أفراد ومؤسسات وشركات عن الاستثمار في السوق العقاري بهدف الربح خصوصاً، وأنه كما يقال عنه؛ أنه السوق الأكثر أماناً، لكن الأغرب أنهم ينتظرون استثمار للربح السريع والكبير والعاجل، وكما ذكرت تناسوا آليات العرض والطلب؛ ومع وجود الطلب الكبير والحقيقي على العقارات السكنية وبتوافر التمويل لذلك الطلب من قبل البنوك والمؤسسات التمويلية يمكن أن يؤدي ذلك إلى انتعاش في السوق خلال الفترة المقبلة. وينتظر من نظام الرهن العقاري، أن يدفع بخلق قطاع جديد مهتم بصناعة التمويل العقاري، إضافة إلى ترشيح زيادة عدد الشركات العقارية الضخمة نتيجة الفرصة السانحة التي ستقدمها أنظمة الرهن العقاري. ومن اللافت شح المعروض من العقارات في مقابل الطلب على الرغم من وجود شركات تطوير عقاري كثيرة في البلاد، والتي تطرح كماً كبيراً من العقارات للبيع، ولكن يتراجع الطلب لسببين – يعتقد - أنهما قلة السيولة وضعف الدخل لذوي الدخول المتوسطة، وثقافة المواطن السعودي التي بدأت تتغير تدريجياً نحو البديل عن الفيلا إلى الشقة. وأدى ذلك إلى جعل السوق في اتجاه عكسي نحو الركود أو الترقب، وجعل أسعاره تتضخم بشكل غير متوقع، وطبعاً هذا التضخم نتج عن عدم انتهاج سياسة إقراض عادلة من قبل بعض البنوك والمؤسسات التمويلية لتوفر تمويلاً لمطوري المشاريع العقارية وتهافت معظمها لإقراض الأفراد على حساب المطورين، مما أسهم في شح المعروض وزيادة الطلب. ولا بد من تصحيح المعلومة عن الطفرة العقارية فعلى الرغم من أنها لا تعني بالطبع زيادة في الأسعار، إنما الطفرة تعني عرض مشاريع عقارية لتوفر الطلب عليها. ويتمتع سوق العقارات السعودية بنظرة مستقبلية مستقرّة حيث يعتمد الطلب بشكل أساسي على السكان الشباب المحليين والباحثين عن مساكن بأسعار معقولة، وقد مال المعروض الجديد من الوحدات السكنية في المملكة بصفة أساسية ناحية مشروعات التطوير العقاري الفاخرة مما قلل من المعروض من العقارات السكنية من الفئة المتوسطة. ويتوقع أن تشهد المملكة العربية السعودية عجزاً يصل إلى مليون وحدة سكنية بحلول العام 2012، إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يؤدي صدور قانون الرهن العقاري الجديد إلى زيادة الطلب على العقارات السكنية. ومن اللافت ان العوامل التي ساعدت على ارتفاع أسعار القطاع العقاري في المملكة خلال الفترة الماضية وجود طلب متزايد بمعدل ثابت تحكمه ديموغرافية السكان والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على مر السنين. وتشهد المملكة خلال الفترة الحالية تراجعاً في مؤشرات الضغوط التضخمية خلال الفترة الحالية، وهو ما تسبب في ضغوط على ملاك العقارات لخفض أسعار الإيجارات، التي يتوقع أن تبدأ في الربع الأول من العام الحالي 2010. وكانت الحكومة السعودية أعلنت كبح جماح التضخم الذي يعد أكثر التحديات الاقتصادية صعوبة خلال الفترة الماضية ما يؤكد أن الضغوط على الأسعار بشكل عام تعود إلى التصحيح، خصوصاً أن ارتفاع الإيجارات تعتبر احد أسباب ارتفاع التضخم، وتراجعها يمثل مؤشرا لتراجع الأسعار في جميع المدن السعودية. وأكد مستثمرون عقاريون أن الطلب موجود وبشكل كبير على الوحدات العقارية المطروحة للتمليك، إلا أن رفع الأسعار خلال الفترة الماضية نتيجة التضخم لم يساعد على تلبية الطلب، ودفع المستأجرين للتوجه إلى المباني والشقق ذات العمر المتوسط، والعمل على تجديد تلك العقارات والسكن فيها، ما أدى إلى ارتفاع أسعار تلك الوحدات لتصيبها هي الأخرى عدوى التضخم، والوصول إلى نتيجة تضخم قياسي. وشهدت المملكة خلال الفترة الماضية ارتفاعات متتابعة في أسعار الإيجارات، التي أسهمت في تغذية التضخم مسببة مشكلة في وجه الجهات المالية الحكومية، التي اعترفت بصعوبة موقف كبح جماح التضخم نتيجة النمو الاقتصادي العالمي، إلا أن الازمة العالمية الأخيرة ساعدت بشكل كبير على انتكاسة للاقتصاد العالمي، وبالتالي ساعد ذلك على انخفاض أسعار مواد البناء، وتسجيل خسائر بين الاستثمارات العالمية، الأمر الذي سيساعد على إيجاد حركة جديدة في سوق العقارات السعودي. وأجمع عقاريون سعوديون على ضرورة إعادة هيكلة القطاع العقاري، وتجديد بيئة الاستثمار فيه، وذلك لمواكبة متطلبات المرحلة المقبلة، خصوصاً مع توقعات نمو السوق خلال العام الحالي بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20 %. وتشهد السعودية في الوقت الحالي ركوداً (نسبياً) في مبيعات المنازل الجديدة، في ظل ترقب الكثير من الراغبين في شراء المنازل لانخفاض الأسعار بشكل كبير، ويدعم ذلك توقف عمليات البيع وهو الناتج عن حالة الترقب في السوق العقارية السعودية.