كان الفضوليون على استعداد بأن يضحوا بحياتهم لارضاء فضولهم القاتل وتلبية للرغبة المتجددة والمثيرة لإشباع حب الاستطلاع والمتابعة الحية لأحداث اقتحام القنصلية الأمريكيةبجدة مهما كانت تداعيات ونتائج تلك المشاهدة عن قرب. فتلك الرغبة الشديدة تقودهم دون التفكير في العواقب المتوقعة. وللمتابعة الحية على الهواء للأحداث دون نقل عن أحد ولا وصف إعلامي للنقل عن الفضائيات ومتابعة مستجدات الأخبار. حتى انتهاء اللحظات الأخيرة على أيدي رجال الأمن البواسل. الصور التي التقطتها عدسة «الرياض» للفضوليين لم نقصد من نشرها ارتباطها بالحادث أو لغيره، إنما هي ظاهرة متكررة، إنما اختلفت في الآونة الأخيرة حيث تطورت حالة الفضول كما عهدناها في السابق بالالتفاف حول حالة دهس واصطدام سيارتين أو أكثر في الطرق السريعة أو عند اندلاع حرائق أو خلافه من الحوادث المتوقعة، إنما الحالة الآن قد تطورت والفضول قد تأصل إلى الحد الذي يعرض صاحبه إلى خطر محدق، ولكن الرغبة والاصرار يتجاوزان هذا الحد. فشغف المتابعة الحية والواقعية للمشابكات تجعل الأمر يختلف عليهم بعض الشيء وهو فضول قاتل من نوعه ويرمي صاحبه عرض الحائط للنتائج المحتملة للتطورات التي قد تؤدي بحياة فرد أو مجموعة منهم ثمناً لحب الاستطلاع أو بجميعهم لا سمح الله في لحظات محدودة بل إن ما حدث سابقاً من حوادث انفجارات للسيارات الملغومة التي يستخدمها الإرهابيون كما حدث في الرياض والدمام، قد سببت أضراراً هائلة لمبانٍ ومنشآت ضخمة تبعد مئات الأمتار من موقع الانفجار المفزع. ومع هذا فإن الفضول هنا كسر حاجز الخوف على الحياة ولأي نتائج وخيمة قد تحل عليهم من هذا الوقوف بجهل والذي قد يقود إلى الخطر المحدق.مناشدات صحفية مشكلة الفضول لا يجد أمامها مسؤولو تلك القطاعات غير المناشدات الصحفية والشعارات واللافتات والعبارات الإعلامية التي تنقل التصور الحقيقي بفداحة ما يقوم به بعضهم من خطر محدق قد يسبب على إثره مشكلات يصعب تفاديها عند وقوع الحوادث والكوارث. وهي متوقعة ومحتملة ويعد لها رجال تلك القطاعات جميع استعداداتهم ويضعون من أجلها ويسخرون كافة جهودهم من تأمين فرق احتياطية وتوفير الاحتياجات على مدار الساعة وأي تأخير أو عرقلة أو عقبات تواجه تلك الجهود قد يقود لمخاطر. أسئلة محرجة ومشاهدات حية فرجال الدفاع المدني مثلاً وقد بدأنا بذكر بعض معاناتهم. فلا يمكن لزحدهم في موقع الحدث الالتفات لأي فضولي يوجه سؤالاً لإشباع رغبته وحب استطلاعه أو لمجموعة منهم يقتربون من منطقة قريبة من موقع الحادث بهدف الاطلاع ومشاهدة تفاصيل الحادث ورؤية عمليات الإنقاذ والمتابعة ومكافحة النيران التي يقوم بها رجال الدفاع المدني، ويتابعون المشاهدات الحية من المنطقة القريبة في الوقت الذي يعرضون فيه أنفسهم للخطر من ناحية ومن ناحية أخرى يتسببون في مضايقة رجال الدفاع المدني ويعرضونهم لإحراج شديد وانزعاج واضح وبالذات في بداية عمليات مكافحة الحريق حيث ليس أمام رجال الأطفاء غير تأمين المساحات الكافية لحركة الفرقة مع إمكانية التنقل في تلك المساحة بمرونة تمكنهم من سرعة الإطفاء وكذلك إمكانية الدخول والخروج من المنافذ المتاحة لإنقاذ المصابين بالسرعة المطلوبة، وهي عمليات إنسانية يجب أن يكون الجميع في موقف الاحترام والتقدير لهذا الدور الهام وهذه المهام الوطنية الرفيعة، ومثل هؤلاء يعرضون أنفسهم للمخاطر من أجل إنقاذ الضحايا والمصابين ويتعرض بعضهم - وهذا يحدث باستمرار - لإصابات مختلفة أثناء الإطفاء فهو واجب وطني يصل إلى درجة قمة العطاء والإحساس بخدمة الناس وتقديم العون لهم.لحظات تساوي حياة مصاب وفي نفس موقع الحريق تجد المشكلة تمتد إلى قطاع لا يقل أهمية وخطورة في إنقاذ حياة الناس في لحظات بالغة الحرج، فرجال الإسعاف التابعين لجمعية الهلال الأحمر السعودي هم أيضاً ممن يعانون مر المعاناة ويشكون مر الشكوى من جراء ما يتعرضون له من مشكلات تصدمهم ببعض الفضوليين الذين يزاحمون جهودهم وأداءهم لمهامهم من لحظة الوصول وحتى بدء ممارسة العمل الإسعافي، وعندها تكون الدقائق تساوي حياة مصاب سواء في حادث مروري أو جراء أي إصابة أخرى، والعملية لا تتوقف عند هذا الحد بل يبادر بعض هؤلاء بتقديم خدماته للمصابين قبل وصول المسعفين وقد يتسبب هذا في حدوث مشكلات صحية قد تؤدي إلى الشلل أو الوفاة لمصاب تعرض لإصابات خطرة في عموده الفقري أو لمريض يعاني من أزمة قلبية تعرض لحادث خطر، أو مصاب في حالة خطرة وهو مريض في الأصل بداء الربو أو ارتفاع ضغط الدم. وهنا تكون الاجتهادات لها نتائج خطرة جداً قد تقود إلى كارثة لمجرد علم هذا المتفرج الذي يرغب في تقديم المساعدة بمبادئ سطحية في الإنقاذ فلا يتأخر عن تقديم خدماته التي قد ينتج عنها كارثة على حياة المريض الذي تعرض لإصابة أثناء حادث مروري أو خلافه. وهنا الوقت أغلى من الذهب في حياة هذا المصاب، لأن سيارة الإسعاف مزودة بكافة التجهيزات والمستلزمات الطبية التي تستخدم في هذه الحالات مهما كانت، إلى الحين الذي يقوم فيه المسعفون بإيصال المريض إلى المستشفى المختص، والاجتهادات الصادرة من بعض الفضوليين يجب أن تختفي وتترك المريض وشأنه مهما بلغت إصابته لحين وصول رجال الإسعاف خلال دقائق معدودة. مجادلة مكافحة التسول والذي شد انتباهي لأمر الفضوليين هو إطلاق بعضهم للفتاوى الصارمة ومجادلتهم فيها لرجال مكافحة التسول وهم المنزعجون جداً ويصف بعضهم مشاركة الناس والفضوليين منهم لعمل مكافحة التسول فيه ابتلاء مرهق ومتعب دائماً ما يتعرضون بسببه إلى مشكلات عديدة، وهذه الشكوى صدرت من عدد من مديري إدارات مكافحة التسول منها جدةوالرياض، وعلى ما يبدو أن الشكوى يعانيها رجال المكافحة في كثير من المناطق. فبمجرد ما تتمخض جهودهم في المكافحة وملاحقتهم للمتسولين ورصدهم لفئاتهم عند الإمساك بمتسول يمارس هذا العمل بصفة الاحتيال والكذب وإدعاء الفقر والحاجة وقلة ذات اليد لاستدرار عطف الناس وكسب تعاطفهم واستجداء ودهم واستمطار الرحمة في قلوبهم من أجل الحصول على الأموال بالطرق غير المشروعة والمرفوضة خلقاً وديناً وعرفاً اجتماعياً تجد من الناس الفضوليين من يقوموا بدور الوساطة السلبية شكلاً ومضموناً لترك المتسول وشأنه بصفة أنه فقير ومحتاج وبحجة أنه مستحق ومعوز تطلق من أجله الصدقات وتقدم من أجله المساعدات المالية. موقف حرج بعد ضياع الفرصة وكثير منهم من يجادل رجال ومراقبي فرق مكافحة التسول بشأن إطلاق سبيل المتسول وإطلاق سراحه قبل التسبب له في قضية يحال نتيجتها للشرطة وأن هذا فيه من الظلم والاجحاف بحق الفقير المسكين وأيضاً فيه استفزاز لرواد السوق أو الحديقة أو المكان العام الذي تمت عليه المداهمة والإمساك فيه لأن الجميع يتعاطف مع هذا المتسول ويقدمون له المساعدات بدافع حاجته وفقره، ويبوح رجال مكافحة التسول بهموم عميقة في هذا الجانب وبعقبة مزعجة في طريق أدائهم لمهام عملهم ولا سيما عند حملات المكافحة المفاجئة حيث يتواجد في المكان عدد من المتسولين ربما يزيد عن العشرات وتشكل مجادلة الناس لهم «الفضوليين» الفرصة الذهبية لبقية المتسولين للهرب من المكافحة بعد حدوث حالة المجادلة بين الطرفين. ويزيد الأمر عند حده عند البعض وثناء حماقتهم بالخروج عند طور الحديث بألفاظ سيئة وتعبيرات تدل على أن رجل المكافحة ليس في قلبه رحمة ولا شفقة ولا عطف تجاه المحتاجين، ويصبح رجل المكافحة حينها في موقف حرج جداً لا سيما بعد ضياع فرصة المداهمة وفرار بقية المتسولين وهذا يحدث بشكل متكرر رغم يقين رجال المكافحة بأن هؤلاء المتسولين هم فئة ضارة بالجميع وتمارس النصب والاحتيال على الناس بهذا الإدعاء الكاذب رغبة في الحصول على الربح السريع والمال الوفير بأي طرق كانت وأي أساليب تتاح سواء بالتسول أو الشعوذة أو السرقة، المهم هو الحصول على حال بأية وسيلة كانت، وعلى الرغم من أن مشكلة التسول تتضاعف وتتزايد في مدينة جدة طوال السنة إلا أن كثيراً من الناس لا يلتفتون لجوهر المشكلة ولا يوجهون أموالهم إلى المواقع الآمنة لصرف زكاتهم وصدقاتهم وتبرعاتهم، قليلة كانت أم كثيرة، ولا يذهب بعضهم للبحث عن المحتاجين في الأحياء الشعبية وإنما ينتظرون من يفد إليهم في أماكن ترددهم وتنزههم وتسوقهم لطلب الحاجة وهو ذات السبب الذي أدى إلى استفحال المشكلة وتناميها حتى أصبح التسول مهنة من لا مهنة له في عروس البحر الأحمر.