أخذت السيرة الذاتية في الأدب العربي الحديث جوانب متعددة فتناولت عددا من الميادين في حياة من ترجموا لأنفسهم فكشفت عن أدوار إدارية وعسكرية وطبية وصحفية وشعرية، وكان من أبرز السير التي تناولت الحياة الوظيفية كتاب (حياة في الإدارة) للدكتور غازي القصيبي، وكتاب (مقاتل من الصحراء) للأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز وكتاب (وتلك الأيام) للأديب عبدالفتاح أبو مدين وكتاب (تجربتي الشعرية) للشاعر حسن قرشي وكتاب (أيام من حياتي) الذي كشف فيه الطبيب المعروف زهير السباعي عن تجربته الطويلة في الطب مدرساً ومعالجاً، وكذلك كتاب (مشواري مع الكلمة) للأديب حسن قزاز، ويأتي في هذا الصدد كتاب جديد أصدرته اثنينية الشيخ عبدالمقصود خوجة حمل عنوان (مشواري على البلاط) للكاتب الكبير عبدالله الجفري رحمه الله، راصداً فيه جزءاً هاماً من حياته العملية التي أمضاها في بلاط صاحب الجلالة، أرسى من خلالها مدرسة خاصة بالكتابة تمثلت في أسلوبه المضمخ بالرومانسية، إلى جانب أمانته للكلمة لأنها رسالة وموقف وليست صراعاً ومغانم شخصية. يسرد الجفري في هذه السيرة جوانب هامة من حياته في الحقل الصحفي الذي عمل فيه مراسلاً للأخبار بجريدة البلاد ثم أصبح سكرتيراً لصحيفة البلاد ومنها انتقل مسؤولاً عن التحرير في صحيفة عكاظ ثم شغل منصب نائب الناشرين في صحيفة الشرق الأوسط، كما أشرف على الصفحات الثقافية بها، وعلى إعداد الملف الثقافي لمجلة (المجلة) ناهيك عن عموده اليومي (ظلال) الذي تنقل به في أكثر من صحيفة وزاويته الأخرى (نقطة حوار) بصحيفة الحياة حين أسس مكتبها بجدة، هذا إلى جانب كتاباته في جملة من الصحف والمجلات العربية وجمهرة من المؤلفات في القصة والرواية والخاطرة والمقالة. وقد تناولت هذه السيرة مراحل اقتحامه للحياة العملية ومرحلة عكاظ ومرحلة البلاد وفصولاً عن خروجه وفصله من الصحافة ومشواره مع الصحافة المهاجرة ومآزق النشر وأبعادها ولمحات عن مجلة سيدتي وقصته مع تأسيس مكتب جريدة الحياة وحواراته مع طائفة من الزعماء والساسة وكبار الأدباء. الكتاب في مجمله مشوار لذيذ مع السلطة الرابعة وان كان مشحوناً بالمنغصات التي جعلته يحمل قلمه من صحيفة لأخرى جراء مواقفه الصحفية وثمن لكلماته التي آمن بها. غلاف الكتاب