لم يكن النمط الصحفي الذي خطّه الأستاذ تركي السديري رئيس تحرير (الرياض) وبقية زملائه إلا نوعا من العولمة الصحفية بمعناها الواسع لأن الصحيفة حوت على كل شيء، كذلك لم يكن النمط الصحفي الذي اختارته الجريدة واضحا، ولا اعني هنا توجهاتها السعودية والعربية والإسلامية فالمواقف هنا واضحة، ولكن اعني نوعية الطرح الصحفي عبر أسلوب (الرياض) الذي يهتم بكل التفاصيل بل وأدقّها وحتى أرقّها في كل مجال وعلى كل ساحة، ولعل المتابع الفاحص يلاحظ توظيف الزملاء في (الرياض) لخبراتهم بحثا عن صيغة صحفية متطورة تحلل الحدث دون إسهاب أو تطويل، فتجد على صفحات الجريدة تحقيقات شبه علمية أحيانا وطريفة أحيانا أخرى ولكنها سريعة وعميقة المضمون والمحتوى، كما تم التركيز على التنوع بما يعنيه ذلك من تعدد للموضوعات واختلاف للمواقف والآراء بعد أن أعطت (الرياض) لقارئها مساحة تعكس اهتماماته وانتقاداته وأحلامه وأفكاره بشكل جميل مختلف أثبتت معه الجريدة أنها جريئة دائما وابداً كما عودتنا، جريئة ولكن على عمق، وأصيلة ولكن على انفتاح، وحديثة ولكن على وعي، حيث لم تتخل الرياض خلال رحلتها هذه عن الطابع المثالي الذي تدعو له ولا عن الحلم الذي تحاول تحقيقه. وإذا كان الحديث صعبا على من رافق الصحيفة قارئا منذ صغره وصولا إلى المشاركة على صفحاتها، فإن الحديث عن صفحات (الرياض) الاقتصادية سيكون أصعب، لا لشيء إلا لأن القفزات التي صاحبت تلك الصفحات كانت متسارعة سرعة تطور الاقتصاد نفسه سواء على الصعيد المحلي أو على الأصعدة الخارجية، وإذا كانت تلك القفزات التي ساهم فيها بشكل مباشر على مراحل زمنية متعددة كل من الأساتذة (ناصر القرعاوي وهاني وفا وعبدالوهاب الفايز وسليمان الناصر) وصولا إلى الأستاذ صالح الزيد لم تحقق كل ما تصبو إليه الجريدة حيث لا حدود للطموح، فإنها بحاجة بالطبع إلى وقت لبلورة هذا المشروع الصحفي لكي تتنفس بعمق، لكننا لاحظنا كقراء أن البدايات مثمرة حيث لم تهمل تلك الصفحات التي انتقلت قبل عامين إلى ملحق مستقل الجيل الجديد ولا المجتمع الاقتصادي المحلي ولا القراء النهمين إلى مادة جيدة تقرأ صحفيا، وباتت القضايا المطروحة تعني القارئ كفرد وإنسان سعودي يعيش مخاض ولادة وبزوغ عصر جديد مختلف تماما عما قبله في جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإعلامية والمعلوماتية، ويأتي اهتمام ملحق الرياض بصفحاته المتعددة المتخصصة بالقارئ ليس فقط كدليل على انفتاح (الرياض) وإنما أيضا دليل على أصالتها وأصالة انتمائها العريق في ظل طرح حر وبناء متسع بلا حدود من اجل كل الأحلام. إنها الصحافة الجديدة الرصينة التي تمثلها (الرياض) ... إنها الصحافة السلطة الرابعة سيدة الجلالة كما توصف ... إنها صياغة جديدة لمضمون الصحافة ... صياغة تدعو إلى البحث عن صيغة أفضل للتعامل مع المستقبل بمضاره ومحاسنه ... فنحن لا نملك (فلترا) لإزالة الأول ... وهذه هي المشكلة.